النجاح الإخباري - نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تحقيقاً موسّعاً اليوم، يسلّط الضوء على الانتهاكات التي ارتكبها العميد يهودا فاخ، قائد الفرقة 252 مدرّعات في الجيش الإسرائيلي، خلال قيادته للعمليات في قطاع غزة. التقرير يكشف عن قرارات فردية وصادمة اتخذها فاخ، تمثّلت في السماح بتشكيل عصابة داخل غزة بقيادة أحد أشقائه، لتنفيذ عمليات هدم ممنهجة للمنازل وتهجير السكان، بعيداً عن سلطة القيادة العسكرية الرسمية. 

امتيازات خاصة لأشقاء قائد الفرقة
بحسب التحقيق، الذي استند إلى شهادات من ضباط وجنود في الفرقة (252)، أجرى فاخ ترتيبات غير مألوفة فور تسلمه قيادة الفرقة في أغسطس الماضي، حيث أحضر أشقاءه إلى داخل قطاع غزة ومنحهم امتيازات غير مسبوقة.

وأوضح ضابط في قيادة الفرقة أن "أشقاء فاخ كانوا يُعاملون معاملة كبار الشخصيات داخل القطاع"، حيث سُمح لهم بالدخول والخروج من محور "نتساريم" دون الخضوع للإجراءات المعتادة التي تُفرض على الآخرين، مثل تسجيل الدخول والخروج أو مرافقة عسكرية. 

دور شقيقه جولان كـ"مقاول هدم"

أحد أشقاء فاخ، ويدعى جولان، وهو عقيد في قوات الاحتياط وقائد وحدة الإنقاذ الوطنية في الجيش الإسرائيلي، لعب دوراً محورياً في هذه العمليات غير الرسمية. وفقاً للتحقيق، تولّى جولان قيادة مجموعة تتكون من جنود ومستوطِنين، هدفها الأساسي كان هدم منازل الفلسطينيين في غزة وتسويتها بالأرض. 

وأشارت "هآرتس" إلى أن جولان شكّل فريقاً يعمل بشكل مستقل عن الجيش، دون رقابة واضحة من القيادة الجنوبية أو هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي. هذا الفريق، الذي شُبّه بجماعة "شباب التلال" الإسرائيلية المتطرفة، كان يعمل كجهة مستقلة لها أهدافها الخاصة، وتمثّلت مهمته اليومية في تدمير ما لا يقل عن 60 مبنى في القطاع. 

انتهاكات ممنهجة وعشوائية
وفقاً لشهادات جنود من الفرقة، لم تكن هناك أي معايير واضحة لتحديد المباني المستهدفة، حيث كان يتم تحديد منطقة معينة ويتم تدمير كل ما يقع داخلها.

وأكد أحد الجنود: "كانت المهمة ببساطة الانتقال من منزل إلى آخر والتأكد من تسويته بالأرض. كان الهدف منع أي إمكانية لعودة السكان للعيش هناك". 

حادثة النفق: تهور كاد أن يُفقد قائد العصابة حياته
خلال إحدى عمليات الهدم الممنهجة، اكتشف جولان فتحة لنفق في منطقة عملياته. وبدلاً من اتباع الإجراءات الأمنية المعتادة للتأكد من سلامة النفق، أصرّ على النزول إليه شخصياً، مما أدى إلى انهيار جدران النفق عليه ودَفنه تحت الرمال. بقي جولان مفقوداً لمدة ساعتين، ما أثار مخاوف من احتمال أسره. وفي النهاية، تم إنقاذه بعد جهود مضنية، لكنه أصيب بجروح متوسطة. 

حلّ "قوة الهدم" بعد فضيحة النفق
على إثر الحادثة، وبسبب حالة الفوضى التي أحدثها الفريق الذي يقوده جولان، تقرّر حلّ "قوة الهدم" بالكامل.

وأكد ضابط كبير في الفرقة (252) أن هذه القوة لم تعد إلى العمل في غزة منذ ذلك الوقت. 

فاخ وتنفيذ "خطة الجنرالات" لتهجير سكان غزة
لم تتوقف انتهاكات فاخ عند تشكيل عصابة الهدم، بل أظهرت تحقيقات "هآرتس" أنه كان يسعى لتحقيق "صورة نصر" شخصية من خلال تهجير سكان شمال غزة بالكامل.

ووفقاً لمصادر مطلعة، كان فاخ يهدف إلى تنفيذ ما يُعرف بـ"خطة الجنرالات"، وهي خطة اقترحها الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، اللواء احتياط غيورا أيلاند، ودعمها عدد من كبار الضباط الإسرائيليين. 

تهدف الخطة إلى إعادة احتلال قطاع غزة بشكل مرحلي، بدءاً من تهجير سكان شمال القطاع وتحويله إلى منطقة عسكرية مغلقة، ومن ثم توسيع العملية لتشمل باقي مناطق القطاع.

وأفادت الصحيفة أن فاخ كان يرى في تنفيذ هذه الخطة "انتصاراً شخصياً" له وللفرقة التي يقودها. 

فخّ الزيتون وسقوط جنود تحت قيادة فاخ
في إطار محاولاته المستمرة لتحقيق إنجازات شخصية، ارتكب فاخ خطأً كارثياً عندما قرر إدخال جنوده إلى حي الزيتون جنوب مدينة غزة، دون تخطيط أو تجهيز ميداني كافٍ.

أسفر ذلك عن مقتل 8 جنود بين 17 و28 أغسطس الماضي، إثر تعرض قافلتهم لانفجار عبوة ناسفة وهجمات مسلحة. 

وتأتي هذه الجرائم في سياق العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، والذي خلّف دماراً واسعاً وخسائر بشرية كارثية.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أن حصيلة الشهداء ارتفعت إلى أكثر من 45,500 شهيد، إلى جانب 108,379 إصابة منذ بداية العدوان في 7 أكتوبر 2023.