النجاح الإخباري - ترتبط صفة لاجئ فلسطيني، تمامًا مع حق العودة، ولفصل عرى هذا الارتباط، انساقت دولة الاحتلال وراء القرار الأميركي بوقف دعم وتمويل الأونروا، وأعدت وزارة الخارجية الإسرائيلية وثيقة تتضمن الخطوات التي يجب أن تعمل على أساسها الدولة العبرية لوضع حد نهائي للقرار الأممي رقم 194 القاضي بحق العودة للاجئ الفلسطيني من خلال إعادة النظر بالتفويض الذي تمنحه إسرائيل لوكالة الأونروا للعمل والنشاط في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، وكان هدف هذا التفويض في ذلك الوقت عدم تمكين الدول العربية تحويل الميزانيات إلى الوكالة بدلاً من الولايات المتحدة، هذه الأخيرة عمدت إلى أن تحتكر تمويل الوكالة بهدف دعم توطين اللاجئين الفلسطينيين وإنهاء حق العودة، هذا الهدف لم يتحقق مع انطلاق الثورة الفلسطينية التي أفشلت كل الجهود الرامية إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين.

وثيقة وزارة الخارجية الإسرائيلية تستند إلى ادعاءات إدارة ترامب، حول تعريف اللاجئين واتهام الأونروا بأنها تخلد قضية اللاجئين وتخلد الصراع في حين أن حق العودة يعني القضاء على إسرائيل، وأن من حق اللاجئ الفلسطيني، حسب التعريف الأمريكي – الإسرائيلي، أن يحصل على المساعدات مثله مثل أي لاجئ من أجل انهاء حالته وليس المساعدة على استمرارها، كما تزعم هذه الوثيقة.

ولترجمة هذه الوثيقة وضع رئيس بلدية القدس المحتلة نير بركات خطة تهدف إلى انهاء عمل وكالة الغوث في العاصمة الفلسطينية من خلال مصادرة مدارسها ومؤسساتها واغلاق مراكز الخدمات والعيادات الصحية، وإلغاء صفة مخيم لاجئين عن مخيم شعفاط ومصادرة كامل الأراضي التي أقيم عليها المخيم.

خطة بركات حظيت بتأييد جميع مرشحي البلدية للفترة القادمة، اذ أن مجلس بلدية القدس المحتلة على وشك نهاية عمله خلال أسبوعين، لذلك فإن بركات يحاول أن يجعل من هذه الخطة احدى أهم عناصر حملته الانتخابية للكنيست في الانتخابات البرلمانية القادمة، زاعمًا أن البلدية ستقدم كافة الخدمات بدلاً من الأونروا، علمًا أن بلدية بركات لم تقدم الخدمات بحدودها الدنيا للمقدسيين غير اللاجئين فكيف لها أن تقدم مثل هذه الخدمات للاجئين بدلاً من الأونروا، هذا اذا تجاوزنا الهدف الأساسي من هذه الخطة المتعلقة بالبعد السياسي القاضي بإنهاء حق العودة والشاهد على هذا الحق، القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، ووكالة الغوث.

وقد تصدت الوكالة لهذه الخطة، من حيث أن عملها يقوم على أساس إنفاق الأمم المتحدة والاتفاقات الثنائية التي ما تزال سارية المفعول مع الدولة العبرية.

وبحدود معينة وعلى الرغم من وقف الدعم المالي للأونروا فقد تمكنت الوكالة من حشد بدائل لسد العجز في ميزانيتها قدر الإمكان، في حين أن أطرافًا عديدة في إسرائيل نفسها تخشى من تراجع الدعم المالي للأونروا لتأثيره على الوضع الاقتصادي المتأزم للاجئين الفلسطينيين الأمر الذي من شأنه أن يزيد احتمالات الانفجار في وجه الدولة العبرية.

إن التصدي لخطوات الاحتلال بإنهاء عمل الوكالة في العاصمة الفلسطينية، لا يجب أن يتوقف عند السعي لإيجاد بدائل لسد العجز في ميزانية الأونروا، ذلك أن استهداف عمل الوكالة لا ينطلق من أساس اقتصادي أو مالي، بقدر ما هو شأنًا سياسيًا بامتياز، لذلك فإن العمل في الإطار الدبلوماسي لتوفير دعم سياسي دولي ضاغط للتمسك بقرارات الأمم المتحدة إزاء حق العودة والوكالة، يجب أن يظل على سلم أولويات نشاطنا السياسي والدبلوماسي.