وكالات - حمادة فراعنة - النجاح الإخباري - نزع مقتدى الصدر صاعق التفجير العراقي، بعد الخطوات التصعيدية التي أملاها على أتباعه: المطالبة بحل البرلمان، استقالة كتلته البرلمانية، الاعتصام في قلب البرلمان وأمامه، اجتياح المنطقة الخضراء الحكومية، في إطار ثورة سلمية مدنية سعى لها، في سبيل التخلص من التدخل الإيراني والأميركي، والتوسل نحو الوصول إلى معالجات الوضع السياسي والاقتصادي المأزوم الذي يجتاح العراق منذ احتلاله عام 1991 وسقوط نظامه القومي عام 2003، على أثر خطيئة الراحل صدام حسين الكبرى باجتياح الكويت يوم 2/8/1990.
الصدر رغم قوته الجماهيرية وإنحياز أغلبية الشيعة له، في مواجهة النفوذ الإيراني وأحزاب التنسيق الموالية لأجهزة طهران الأمنية، لكنه لم يتمكن من إدارة معركته السياسية بكفاءة، خاصة حينما فرض انسحاب كتلته البرلمانية واستقالتها رغم أنها الأغلبية البرلمانية نتاج الانتخابات التشريعية يوم 10/10/2021، وبهذه الاستقالة البرلمانية فقد سلاحه السياسي التنظيمي المؤثر، وبات بلا غطاء رسمي يشارك في إقرار السياسة الرسمية للدولة العراقية، فاندفع باتجاه الاعتماد على قوته الجماهيرية التي أثبت من خلالها قدرته على التأثير.
جماعة النفوذ الإيراني وأحزاب التنسيق، أخفقوا بالانتخابات البرلمانية، فقدم لهم مقتدى الصدر هدية مجانية باستقالة كتلته من مجلس النواب، حيث تم تعويضها بمرشحي أحزاب التنسيق المهزومين، فعادوا نواباً للبرلمان، وهكذا تقدموا خطوة رسمية نافذة بديلاً عن كتلة التيار الصدري المستقيلة، وتمترسوا رافضين حل البرلمان أو إجراء انتخابات تشريعية جديدة.
سقوط الضحايا، والاشتباكات بين طرفي المواجهة: قواعد التيار الصدري من جهة وقواعد أحزاب التنسيق من جهة أخرى، دفع الصدر لمطالبة مؤيديه للتراجع عن الاعتصام أمام البرلمان ومن داخل المنطقة الخضراء، وأكثر من ذلك منعهم حتى من التظاهر ضد النظام، مما أرغم قواعد خصومه من أحزاب الإطار التنسيقي على التراجع عن المواجهة، وتثمين موقفه من قيادات خصومه.
حالة الإرباك ستبقى هي عنوان المشهد السياسي العراقي، وفقدان الوزن لكل الأطراف: الشيعية بجناحيها، والسنة وتنوعاتهم، والكرد بأحزابهم.
إيران التي تتقدم بفرض قوتها وحضورها لن تتخلى عن العراق، فهي الهدية التي نالتها من قبل الأميركيين، ونفوذها بات شريكاً في صنع القرار، ومليشياتها لن يترددوا بارتكاب كافة الموبقات، حتى يبقوا متصدرين أو شركاء من موقع القوة في صنع القرار العراقي، وإنسحاب الصدر وانكفائه قدم لهم هدية إضافية، وفشله فيما سعى له، يشكل انتصاراً مادياً ومعنوياً صافياً لهم.
حركة التحرر والتقدم والديمقراطية العربية في حالة من التراجع والإنحسار والهزيمة لصالح الأدوات المرتبطة بخصوم العرب الكامنين والمتقدمين والجشعين، الذين لن يتركوا ما حققوه، ولن يسمحوا للعرب، كل العرب، ولا أستثني أحداً، من رفع رؤوسهم نحو الكرامة والاستقلال والسيادة، ومظاهر التفسخ في العراق وسوريا واليمن وليبيا، وحتى الانقسام في فلسطين هي أقوى مظاهر التدخل وتعبيرات متعددة الأشكال والألوان والعواصم التي لا ترغب للعرب أن يقفوا على أرجلهم، ويبقوا منكسرين... مع الأسف وبكل مرارة.