حمادة فراعنة - النجاح الإخباري - لم يعد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مقتصراً على ظاهرتين متعارضتين متناقضتين، أولهما: الاحتلال وأجهزته وجيشه وسياساته وإجراءاته، وثانيهما: صمود الشعب الفلسطيني وتشبثه بأرضه، ونضاله ضد الاحتلال واستنزافه واجباره على الرحيل، على الأقل مرحلياً في نطاق جغرافية فلسطين المحتلة عام 1967.
برنامج المستعمرة ومخططاتها تعمل على تثبيت شرعية احتلالها لمناطق الاحتلال الأولى عام 1948 واغتصابها، كالرجل المجرم الذي يعشق امرأة تكرهه فيغتصبها عنوة، وينجب منها طفلاً لتثبيت شرعية اغتصابها بالانجاب والولادة الإجبارية حتى تتحول إلى والدة الطفل، كما يفعل على اتخاذ كل الإجراءات الهادفة إلى توسيع خارطة احتلاله، وبلع فلسطين، شاملة القدس والضفة الفلسطينية، بدون قطاع غزة.
شعب فلسطين يتمسك بالصمود على خارطتي مناطق الاحتلال الأولى عام 1948 والثانية 1967، وتتسع مظاهر مقاومته، لتشمل ليس فقط المدن والقرى في مناطق 48 المقتصرة سكانها على العرب الفلسطينيين من المسلمين والمسيحيين والدروز، ولا يسكنها أي غريب مستوطن: عبراني، إسرائيلي، يهودي، بل اتسع النضال ليشمل:
1-المدن المختلطة ذات الأقلية العربية الفلسطينية، والأغلبية من سكانها العبرانيين الإسرائيليين اليهود، بالذات المدن الخمسة المختلطة: اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا.
2-شمل مدينة راهط وقرى النقب التي تتعرض للتضييق والملاحقة.
طبعاً صمود أهل القدس والضفة الفلسطينية ونضالهم متعدد الأشكال والأدوات ضد الاحتلال، في مواجهة سياسات المستعمرة المكشوفة التي تستهدف جعل الأراضي الفلسطينية طاردة لشعبها وأهلها.
سلوك الاحتلال وجرائمه لم تقتصر أدوات القمع والبطش لديه ضد الفلسطينيين، بل تجاوز ذلك لظاهرة جديدة تتمثل في تشكيل خلايا إرهابية تنفذ عمليات المس والاذى والحرق ومداهمة البيوت والمزارع لتحويل حياة الفلسطينيين إلى جحيم يومي متقطع.
في الضفة الفلسطينية ما يُسمى «فتيان التلال» ، منذ عهد شارون الذي عمل على زرع المستعمرات المستوطنات على التلال المرتفعة وارفقها بتشكيل ميليشيا مسلحة متطرفة من المستوطنين المهيئين لتنفيذ عمليات إرهابية ضد المدنيين الفلسطينيين.
في النقب تم تشكيل مجموعات من المليشيات المماثلة باسم الجندي القتيل «برئيل شموئيلي» الذي سبق وأن تم قنصه على حدود قطاع غزة أيام انتفاضة أيار الرمضانية 2021، وتستهدف هذه الخلايا مواجهة الاحتجاجات الشعبية من اهل النقب رافضين عمليات تجريف الأراضي وتحريشها من قبل أدوات المستعمرة، بهدف منع أهالي النقب الفلسطينيين من التوسع والبناء، مقابل تنفيذ مشاريع استيطانية لتحول دون أن يعيش الفلسطيني حياته الطبيعية على أرضه وتراثه ووطنه.
صراع مستدام لن يتوقف حتى يزول الاحتلال وينقشع نهائياً عن أرض الفلسطينيين مهما تكالب الاحتلال وأجرم، ومهما بلغت الكلفة على الشعب الفلسطيني وتضحياته.