وكالات - حسن البطل - النجاح الإخباري - سعادة سوداح مزدوج «الإثم». إنه يحمل قلمه، وريشة قلمه هي كما كانت ريشة قلم الحبر القديم: شعبتان يجمعهما رأس القلم .. وبينهما شق رفيع، ليكون القلم سيّالاً للحبر..!
بماذا هو «آثم» مرتين؟
صحافي جيد (أشهد له) وشاعر مُقلّ ومميّز (هو يشهد لنفسه وأشهد). هكذا، جاءنا إلى «فلسطين الثورة» يحمل همّين: هماً اسمه «سعادة» الذي ألبسه إياه والده.. فاستلبس اسمه فخوراً؛ وهمّ مهنته الصحافية.
انه - ثالثاً - الموزع بين القصيدة السورية القومية، وبين موقعه النضالي الفلسطيني. كلا، ليس موزعاً أبداً، إلا لأن سورية تسمى سورية، وهي ليست سورية كما يجب أن تكون في عقيدة المعلم انطون سعادة؛ والزميل سعادة سوداح .. الترشحاوي.
وأخيراً، أضاف هذا «الآثم» العزيز الى «مآثمه» مأثمة ثالثة.
أطل وغاب عن «فلسطين الثورة» منتصف السبعينيات، ثم عليها أطلّ وأطال فيها .. الى ان قهره الظرف المادي، فأجبره على تهجير أولاده الثلاثة إلى كندا، قبل ان نرتكب «إثم اوسلو» بقليل.
ترك فراغاً عندنا، لأنه صاحب قلم رشيق - دقيق، وقلم - قائد اراد «مينى - ملحق» للأرض المحتلة، يتعلق بالحياة العادية لأهل الأرض المحتلة. هكذا، أفردت له خمسُ صفحات لمجلته «فلسطين الثورة» - داخل مجلته: «جذور وأغصان»، تتقدمها افتتاحيته: «عود أخضر».. دون ان ينسى مسؤوليته كمحرر للشؤون الفلسطينية، وككاتب مقالة ممتاز.
طار من يده عصفور «الرقم الوطني». عاد الى بيروت (بجوازه الاردني، وهو الفلسطيني السوري) وتابع شغل موقعه القديم: محرراً لمجلة الحزب السوري القومي.
.. وأخيراً، التحق بعائلته في اونتاريو الكندية. قلتُ: خسرت الصحافة الفلسطينية قلم سعادة سوداح.. فإذا به يقترف، غير هياب، إثمه الثالث:
«أسبوعية - شاملة - مستقلة» يترأس تحريرها مشاركاً، وتسمى «المشرق العربي».. وتصدر من Missisauga، قرب «أونتاريو». من «رنّة»: المقالات، العناوين، الاهتمامات.. ربما استنتج ان «سعادة» الفلسطيني صار مهجرياً على درب «انطون سعادة» الذي عاد من أميركا الجنوبية ليموت مؤسساً وقائداً شهيداً للحزب السوري القومي.
نعرف عن «شعراء المهجر»، وعن: «الصحافة المهجرية». وها هي «المشرق العربي» أسبوعية مهجرية، يسهل عليها «الإنترنت» ريادة صحافية، حيث كل «مدير تحرير» مشارك في بلد، او مدينة كندية .. وغير كندية.
كتحية قلبية لـ «الآثم الأبدي»، ورداً على تحيته باقتطاف بارع من أقلام زملائه الذين عادوا؛ نقتطف من افتتاحية سعادة سوداح للعدد الأول من «المشرق العربي»:
«اخترع الكنعانيون/ الفينيقيون «إثمهم» بأنفسهم، وظلوا يحملونه على ظهورهم مثل «صخرة سيزيف» في ارضهم الاصلية، وفي كل مكان وصلوا اليه من قرطاج الى شواطئ اميركا الجنوبية والشمالية وبراريها وجبالها».
«(..) التفاعل مع البيئة الجديدة، والوفاء للأرض الأولى: هو جوهر «رسالة» هذه «الجريدة».
«ونقل «الرسالة» الى ميدان التطبيق، يعني ان نكون فاعلين في المحيط الذي نتواجد فيه؛ ان نثق بأنفسنا؛ بقدراتنا وخبراتنا، وبأن لدينا الكثير مما نأخذه من التجربة الكندية، ومما نضيفه اليها. ويعني أيضا الا تتضخم ذواتنا بحيث «ننظّر» من هنا على أولئك الذين يعانون التجربة في أرضنا الطيبة، وألا نحاول من هنا أن نفرض عليهم المواقف والسياسات، دون أن نتخلى في الوقت نفسه عن حقنا بالنقد البناء الهادف الى رفعة الإنسان وترقية الحياة هنا، وهناك، وفي كل مكان».
زميلي سعادة: ألم تشعر بـ «الإثم» عندما تسببت فوضانا في لبنان بهجرة صحافية لبنانية؟ ثم ما لبثنا ان عشنا تجربة «مهجرية» صحافية في قبرص 82 - 1994.
.. غير انك تفعلها من ما وراء الأطلسي، بإمكانيات قليلة.. لكن، مع جودة في التحرير، لعلني أجد فيها شيئاً من «مدرسة فلسطين الثورة» .. إنها مثل «الطير الأخضر» تموت هنا، لتحيا هنا .. وهناك.
عساني ألتقيك في ترشيحا، أو يلتقي أولادنا. اشتقت لك .. فأنا «آثم» مثلك. أخاف عليك من «لاكي سترايك» ... فقط.