نابلس - هاني حبيب - النجاح الإخباري - مثل التفاهمات السابقة، تم الإعلان من قبل حركة حماس عن التوصّل إلى اتفاق تهدئة جديد مع إسرائيل بوساطة قطرية، يتم بموجبها وقف إطلاق البالونات الحارقة باتجاه مستوطنات غلاف غزة مقابل التزام الاحتلال بالوفاء بتعهداته السابقة لجهة إعادة فتح المعابر، وتوسيع نطاق الصيد في بحر غزة، إضافة إلى تزويد القطاع بمعدات وأجهزة مكافحة تفشي «كورونا» والتزام إسرائيلي بتنفيذ مشاريع البنية التحتية، بينما أشارت مصادر إعلامية إلى التزام قطر بزيادة أو مضاعفة المنحة القطرية، وبينما لم يتناول الجانب الإسرائيلي رسمياً هذه التفاهمات تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية ما جاء فيها وسربت بعضاً من تفاصيلها.
ويبدو للوهلة الأولى أنّ التوصل إلى إنهاء حالة التصعيد هذه المرة، متشابه مع حالات سابقة، إلاّ أنّ الملاحظة الأولى التي يمكن اعتبارها مختلفة والتي تتعلق بطول أمد هذا التصعيد مقارنة بالحالات السابقة التي كان الوسطاء ينجحون في احتوائها بعد قرابة أسبوع من انطلاقها، بينما هذه المرة استمرت هذه الحالة إلى قرابة أربعة أسابيع استدعت تدخل الوساطة المصرية بعد أيام من التصعيد، إلاّ أنها فشلت في وضع حد لها، ومن ثم تدخلت الوساطة القطرية التي تنقلت بين غزة والاحتلال أكثر من مرة، حيث نجحت في نهاية الأمر في احتواء التصعيد الأخير، ما من شأنه أن يدعم الموقف القطري كوسيط حصري تقريباً فيما يتعلق بالتهدئة بين حماس وإسرائيل مقابل تراجع الدور المصري على هذا الملف بعد أن حقق عدة نجاحات في المرات السابقة.
هذه المرة، كان هناك تشدد وتصلب من قبل الجانبين حماس وإسرائيل، ما أدّى إلى مصاعب أمام الوسطاء، فحماس مع تفشي «كورونا» في القطاع باتت في وضع بالغ الصعوبة نظراً لشح الإمكانيات وضرورة توفير ما يلزم لمواجهة تفشي الوباء، في حين أنّ إسرائيل استغلت هذا الوضع المستجد لابتزاز حركة حماس ومضاعفة الضغوط عليها، وكانت إضافة تزويد القطاع بالمعدات الطبية اللازمة لمواجهة تفشي الوباء ما يشير إلى حضور هذا الملف أثناء عملية الوساطة.
وما تسرّب عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية، أنّ الاحتلال حاول توظيف عملية التطبيع مع دولة الإمارات بتعليل انشغاله بهذا الملف ما صرفه عن التعامل مع ملف التهدئة، في حين أنه استغل هذه العملية للضغط على حركة حماس باعتبار أنّ الفلسطينيين باتوا دون حاضنة عربية تلتف من ورائهم وتقف إلى جانبهم بعد هذا الاختراق التطبيعي الذي تعتبره دولة الاحتلال مجرّد بداية لهرولة دول أخرى للانضمام إليه.
التوصل إلى تفاهم لاحتواء التصعيد ووقف العدوان الإسرائيلي برعاية قطرية، من شأنه أن يدفع إلى الإعلان عن عدد من المشاريع التي تخدم أهالي القطاع، وتساهم في التخفيف عنهم في ظل موجة «كورونا» وعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد حسب بيان نشرته «الأيام» أصدره مكتب رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، لكن من يضمن وفاء الاحتلال بتعهداته هذه المرة خلافاً للمرات السابقة، في هذا السياق لم يعد الأمر مفتوحاً زمنياً وحسب موقع «والا» العبري نقلاّ عن مصادر حماس أن الفصائل أمهلت إسرائيل شهراً واحداً فقط لتطبيق التفاهمات وتنفيذ مطالبها لتحسين الظروف المعيشية والمضي قدماً لتنفيذ المشاريع الدولية في القطاع.
ولكن، هذه المرة مثل حالات التصعيد السابقة، ترتكز على العامل الإنساني والإغاثي دون أن يشكل العامل السياسي مركز هذه الحالات وجوهرها، باعتبار أن الاحتلال وفقاً للقانون الدولي وشرعة حقوق الإنسان، مسؤول عن توفير كافة مقومات الحياة للخاضعين لاحتلاله، لذلك فإن اللجوء إلى كافة عناصر الضغط لإلزام الاحتلال بالوفاء بالتزاماته يجب ألا يتوقف عند العوامل الإنسانية والإغاثية والتنموية فقط.

المصدر: جريدة الأيام