نابلس - عيسى قراقع - النجاح الإخباري - بتاريخ 4/12/2018 وخلال احتفال العالم باليوم العالمي لذوي الإعاقة، اعدمت سلطات الاحتلال الاسرائيلي محمد حسام عبد اللطيف حبالي 22 عاما، سكان مخيم طولكرم , وهو يعاني من اعاقات جسدية وادراكية , اطلق جنود الاحتلال الرصاص على رأسه وهو يمشي على عكازته , لم يكن يشكل خطرا  على حياة الجنود , القتل جاء من اجل القتل او من اجل التسلية , دم الفلسطيني رخيص في نظر الاسرائيليين , ربما لم تعجبهم عكازته او كنيته بزعتر ، الجنود يستمتعون باصطياد البشر , وهذا الصيد سيكون مقابله وساماً وترقية ونيشاناًلهم تقديرا لبطولتهم وتصديهم لعكازة الحبالي التي يشق بها طريقه في الحياة .

الكاميرات في مكان استشهاد الحبالي صورت مشهد الاعدام الميداني ومراحل الجريمة، جسدٌ تحمله عكازته في يوم هاديء، خطواته بطيئات وظهره للجنود، الرصاصة جاءت من الخلف، لم يعرف انه الحاضر الغائب تحت رحمة رصاصة قناص، ليس له في الدنيا غير عكازته وحلمه وهذيانه الانساني.

سقط الحبالي مدرجاً بدمائه، حاولت عكازته ان تسنده وهي تشير الى القتلة , تحولت العكازة الى شاهد ووصيَة، لم تستنفر الامم المتحدة وباقي دول العالم التي كانت تحتفل بيوم المعاق العالمي بقتل معاق فقير ولاجيء بدم بارد , لم تضمن له الحق في العودة الى بلده المنكوبة المدمرة , ولم تضمن له مكانا لائقا في النصوص والصكوك , لا مكان له في الدنيا والاخرة , مكانه ظل فارغا في الاحتفال الدولي , صار خبرا هامشياً , تركوه بلا قدمين ويدين وبلا طريق، عكازته تحولت الى شاهد وبندقية .

بتاريخ 12/12/2018 وخلال احتفال العالم باليوم العالمي لحقوق الانسان , اعدمت سلطات الاحتلال الاسرائيلي صالح عمر البرغوثي 29 عاما سكان قرية كوبر قضاء رام الله , انقضت على مركبته العمومية التي يعمل بها قوات خاصة قامت باعتقاله حيا واعدمته بعد عدة ساعات , شهود العيان في المكان افادوا انه تم اعتقاله ونقله الى جهة مجهولة , وفي المساء اتصل ضابط من المخابرات الاسرائيلية في والده ليقول له قتلنا لك صالح .

رصاصة صامتة اطلقت على جسد الشهيد صالح البرغوثي , محكمة اعدام ميدانية اجريت له ليكون مصيرة الموت وكانت جريمة مركبة : احتجاز جثمان الشهيد في غموض عن مصيره واسباب وفاته , وفي مداهمة منزل عائلته بطريقة ثأرية , حصار البيت , واطلاق النار العشوائي بداخله , اصابة 3 شبان بالرصاص الحي من بينهم صلاح البرغوثي الذي بترت قدمه ولا زال معتقلا , اعتقال عمر البرغوثي والد الشهيد واخضاعه لتحقيق قاسٍ في سجن المسكوبية , عائلة الشهيد تتعرض للاستهداف والحصار والملاحقة .

اسئلة الموت والحياة تتزاحم في قرية كوبر التي يداهمها الجيش وطائرات الاستطلاع , وقد شاهدت الابن الوحيد للشهيد صالح الطفل قيس ابن ال 3 سنوات يراقب الاحتفالات العسكرية لجيش الاحتلال في القرية , يفتش عن ابيه الذي تحول الى صورة على جدار , ويراقب العالم وهو يقرأ مواد الاعلان الاعلان العالمي لحقوق الانسان وهي تتحدث عن اعتقالات جماعية , اعتقالات تعسفية , تعذيب , اغتيالات وتصفيات , هدم بيوت , احتجاز الجثامين , جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية , كل شيء هنا في هذا البيت وفي هذه القرية , كل الجرائم هنا عند قدم الطفل اليتيم المفجوع وهو يصرخ, تطارده الرصاصات والصرخات ورعب المحتلين .

هنا في فلسطين الهواء موت , الاخبار العاجلة موت , كل يوم شهيد او اكثر , اعتقالات يومية , اين يذهبون بموتنا وشبابنا وارواحنا ؟ يهدمون بيوتنا وذاكرتنا , يأتون في الليل ولا يغادرون الا بجثث او مصابين او معتقلين , اياديهم ليست فارغة , سياراتهم العسكرية المصفحة ليست فارغة , بنادقهم ليست فارغة بل ملقمة حسب تعليمات قيادة الجيش , الاكياس السوداء جاهزة , السلاسل والحديد  والقنابل والهراوات والجرافات والكلاب والرصاص من كل الانواع , السجون جاهزة , الزنازين والثلاجات الباردة .

الصحفي الاسرائيلي " اوري بلاو " غرد يوم 13/12/2018 عبر حسابه في تويتر بتغريدة يعبر فيها ضمناً عن رفضه لعمليات الاغتيالات التي وقعت مؤخرا ً بحق فلسطينيين , الصحفي الاسرائيلي قال : ان الفلسطينيين يقتلون بدون اعتقال او استجواب او محاكمة , ودون ان يشكك احد في ادعاءات الحكومة , فالسهولة التي تنفذ فيها اسرائيل عمليات القتل خارج نطاق القضاء يجب ان تمنعنا من النوم .

لقد هاجم المتطرفون الاسرائيليون هذا الصحفي على اقواله , قامت الدنيا ولم تقعد , فالجيش الاسرائيلي جيش الذبح يجب ان ينتصر على السكان المدنيين وعلى الاطفال والنساء والمفكرين والحالمين والمصلين , على المزارعين والبيوت والاشجار والطيور , ومنذ 70 عاما لم تحرز اسرائيل الانتصار بعد , هذه المذبحة لا تكفي , هؤلاء الالاف من الشهداء والاسرى والجرحى والمبعدين والمشردين لا يكفي , لم تشبع تل ابيب من دمنا , لم تنم حتى الان.

الاعدام بديلا للاعتقال أو+-

الاعدام بعد الاعتقال اصبح سياسة ثابتة وممنهجة لحكومة الاحتلال , الجيش الاسرائيلي اصبح محكمة متحركة , هم القضاة والجلادون , القتلة يلقون التشجيع والدعم من المستوى الرسمي في اسرائيل , لا يقدموا للمحاكمات , يحظون بالحصانة والحماية , كل ملفات الشكاوي اغلقت كما اغلق الموت عيون الشهداء .

دائما هناك هدف اخر لحكومة الاحتلال , الموت لهذا الشارع , الموت لهذا النصب التذكاري , الموت للمولود الجديد , الموت للنشيد , النصر الاسرائيلي المأمول صار ضجراً , المنتصر صار مهزوماً وقلقاً , استنهضتهم ضحايانا الى درجة انهم لا ينامون , يعربدون ويتوهون في العتمة , اياديهم على الزناد , تارة يتوقعون انتفاضة ثالثة ,و تارة يتوقعون ان تلقى السماء حمولتها فوقهم شهبا وحجارة , كل شجرة تشبه القدس , كل حمامة تشبه حيفا , كل الاولاد متشابهين , الذين قتلوا عادوا في اجسام الاحياء والمولودين , اختلط الشبيه بالمشبه , فكان القتل العمد لمجرد الاشتباه .

عكازة الحياة للشهيد محمد حبالي والرصاصة الصامتة في جسد الشهيد صالح البرغوثي , واختبأ جيش الاحتلال خلف جدار او مصفحة , وتلك هي الاوامر : مائة قناص على حدود غزة , مئات الدبابات ضد المتظاهرين , تشريع قانون طرد عائلات المقاومين , تشريع الاستيطان واطلاق العنان للمستوطنين , قانون اعدام الاسرى , الكنيست الاسرائيلي يلتهب بحمى العنصرية , الموت للعرب , الارض الموعودة لا زالت غاضبة وعاصية , في كل مرة يعودون الى البداية , مزيداً اذاً  من الرصاص والقتل والجنون .

رئيس هيئة شؤون الاسرى والمحررين سابقا