عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - شهد الإسبوع الماضي حدثا إيجابيا في الحياة الحزبية والسياسية الإسرائيلية عندما تداعى عدد من أعضاء الكنيست والوزراء السابقين من عدة أحزاب وقوى في الكنيست، وأعلنوا تشكيل إئتلاف او تكتل بإسم "برلمان السلام" يوم الأحد الموافق 29 إكتوبر 2017. وجاء في البيان التأسيسي ما يلي "هدفنا المشترك هو السعي الحثيث لدعم السلام والمصالحة بين إسرائيل والشعب الفلسطيني، وذلك على خلفية إدراكنا بالمخاطر والفرص. وخاصة أننا نؤمن بالحل السياسي وندرك المخاطر الكبيرة في أعقاب إضاعة فرص تحقيق السلام." وأكدوا إلتزامهم بالسلام "على اساس حل الدولتين، إسرائيل وفلسطين تعيشان بجوار وأمن متبادل وجهد متواصل لمصلحة ورفاهية الشعبين." 
وأضاف الموقعون على البيان التعريف بهويتهم بالقول " نسعى لتحقيق ذلك من خلال "برلمان السلام" الذي هو إطار مستقل وغير حزبي، يتشكل من منتخبي جمهور سابقين من أحزاب وحركات مختلفة تتبنى العمل الشعبي والجماهيري والتأثير على الرأي العام لدعم التسوية التي يتم الإتفاق عليها بين الشعبين." 
بيان تجمع "برلمان السلام" كان مكثفا، واضحا وصريحا، لكنه كان يحتاج إلى تحديد حدود الدولتين، وعدم ترك الباب مواربا لإية أفكار خاطئة، او نزعات سلام شكلية. لاسيما وان هناك الكثيرين من الإسرائيليين يتحدثون بلسانين، فهم من جهة يعلنوا موافقتهم على خيار حل الدولتين، ولكنهم في ذات الوقت يحيدوا عن الخيار المعتمد من قبل المجتمع الدولي ومرجعيات عملية السلام، وهذا نتنياهو قال في إعلان جامعة بار إيلان 2009، انه مع حل الدولتين، لكنه لم يقل ما هي طبيعة الدولتين ولا حدودهما. مع الفارق بين زعيم الإئتلاف الحاكم وبين أعضاء البرلمان اصحاب البيان، الذين قد يقولوا "كان بياننا واضحا، نحن قلنا مع أي إتفاق بين الشعبين." مع ذلك كان يجدر التحديد للمساهمة في تعميم خيار السلام المقبول من الفلسطينيين وبعض الإسرائيليين والعرب والعالم، خاصة وان مرجعيات السلام وقرارات الشرعية الدولية وآخرها القرار الدولي 2334، جميعها أكدت على ذلك، وهو خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، والقدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية، وبسيادة كاملة غير منقوصة، ومن دون وجود اي جندي او مستعمر إسرائيلي. 
مع ذلك يعتبر منبر "برلمان السلام" خطوة هامة في الساحة السياسية اٍلإسرائيلية، لإنه يأتي في وقت ولحظة سياسية حرجة، حيث تتراجع فيه مكانة عملية السلام عموما، وحل الدولتين خصوصا؛ كونه يضم عددا من النخب البرلمانية والسياسية الوزارية ومن تيارات وحركات مختلفة؛ والأهم أنه يجمع في صفوفه إسرائيليين صهاينة وفلسطينيين عرب. بتعبير آخر لا يقتصر على الإسرائيليين الصهاينة، بل فتح الباب لكل من يحمل الجنسية الإسرائيلية. وهذه النقطة ليست شكلية (وهو ليس الإستثناء)، انما تحمل دلالة هامة، في كونها تؤكد على اهمية وأولوية المواطنة، والمساواة بين سكان دولة إسرائيل، وتكاتفهم جميعا في بناء صرح السلام المنشود؛ وإسقاط سياسة التمييز العنصرية التي تنتهجها حكومة نتنياهو، وتعزيز خيار التعايش والمساواة والسلام داخل المجتمع الإسرائيلي وبين الشعبين.
لإن إنهيار العملية السياسية في ظل تكالب وصعود اليمين الصهيوني المتطرف في الشارع الإسرائيلي لا يخدم سوى اقطاب الإستيطان الإستعماري، ورواد الحروب والعنف وإرهاب الدولة المنظم. وبالتالي الثلة التي إنتدبت نفسها للدفاع عن خيار السلام والتعايش بين الشعبين والدولتين الجارتين، أدركت من لحظة البداية وأثناء المشاورات بين اعضائها، ان عليها مسؤولية كبيرة في كسر الصمت، ورفع الصوت عاليا في وجه اليمين والإئتلاف الحاكم والتأكيد لهم جميعا، بأن الشارع الإسرائيلي ليس عاجزا عن ولادة مكون جديد يؤمن بخيار السلام. 
ولعل أهمية تأسيس "برلمان السلام" وصدور بيانه الهام لم يقتصر عند حدود ذلك، إنما شاء القائمون على خطوة نوعية هامة في مسيرتهم السياسية، حين بادروا في نفس يوم الإعلان على تجسيد العلاقة العضوية بين القول والفعل، والربط العميق بين النظرية والتطبيق حينما توجهوا لمقر الرئاسة الفلسطينية وإلتقوا مساء الأحد مع الرئيس محمود عباس، رئيس منظمة التحرير والسلطة الوطنية والشعب الفلسطيني. وهو ما يعطي مصداقية وجدية للخطوة الإسرائيلية الجديدة.