عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - توخيت الانتظار قليلا قبل معالجة محاولة اغتيال توفيق ابو نعيم، مسؤول قوى الأمن في غزة (حركة حماس). لاسيما وان هناك اجتهادات كثيرة أطلقها المراقبون من مختلف الاتجاهات والمنابر، وايضا لضمان الدقة أثناء سبر أغوار خلفيات العملية، ومن يقف وراءها ولاستقراء ما يحمله المستقبل من سيناريوهات.

كان المرء سجل من البداية مع إعلان حركة حماس موافقتها على خيار المصالحة من خلال حل اللجنة الإدارية، وفتح الباب امام حكومة التوافق الوطني لتسلم مهامها والتمكن من فرض سلطاتها فوق وتحت الأرض، وكتب في هذه الزاوية وصرح على أكثر من منبر إعلامي مرئي ومقروء بأن المتضررين لن يقبلوا ان تمضي عربة المصالحة دون تفجير حقل الألغام في طريقها. ولم أتميز بذلك، لأن كثيرين ايضا توقعوا بروز عقبات وحدوث اغتيالات في اوساط الحركتين (فتح وحماس) ورجال السلطة الوطنية خاصة من قادة الأجهزة الأمنية، لتعميق الفتنة، وصب الزيت على اية نيران متقدة تحت الرماد.

ما حصل مع قائد امن حماس يندرج في هذا النطاق. حيث كان من المفترض اغتياله، لولا الصدفة المحضة التي حالت دون ذلك، حين طلب منه احد معارفه الحديث في قضية تهمه، وبعد وقوفه وفتح باب سيارته انفجرت العبوة الموجودة تحت كرسي السائق، فكانت النتيجة إصابة بين الخفيفة والمتوسطة. ووفق بعض المصادر يقال إن احد مرافقي الرجل، هو من وضع العبوة، واختفى عن الأنظار. وبالتالي لن تكون عملية الاغتيال الوحيدة، ولا النهائية، بل ستحمل الأيام المقبلة محاولات أخرى قد تنجح وقد تفشل. وبمقدار ما تكون الأعين يقظة ومتنبهة بقدر ما يمكن تفادي اية خسائر، وقطع الطريق على الزمر المتضررة من خيار المصالحة.

إذاً محاولة الاغتيال الفاشلة كانت اولا من داخل حركة حماس، وليست من الجماعات التكفيرية، وحتى لو كان مرافق ابو نعيم مرتبطا معهم، فهو محسوب على حركة حماس. ثانيا لم تكن مجرد رسالة وتحذير، بل هي عملية اغتيال كاملة للرجل. وعليه فهي تحمل الجانبين الرسالة والاغتيال في آن. ثالثا القوى المتضررة من المصالحة، لن تقف مكتوفة الأيدي، وستحاول مواصلة خيارها التدميري حيثما تستطيع الوصول. رابعا القوى الواقفة خلف العملية لا تقتصر على قوى داخلية من  حماس، إنما التقدير انها على تماس مع قوى عربية أو إقليمية، لأن بعض القوى لا تريد للمصالحة ان تتقدم نهائيا، وترفضها من حيث المبدأ، وتراهن عليها في خدمة أهدافها.

على الجميع إدراك حقيقة ثابتة، ان ضريبة المصالحة ستكون كبيرة. ولكن على كل القوى وخاصة من حركتي فتح وحماس المضي قدما لتعميق خيار المصالحة والوحدة الوطنية، وعدم التردد او التلكؤ أمام أية عقبات قد تنشأ في قادم الأيام، لأن النكوص لا سمح الله لن يكون في مصلحة أحد، العكس صحيح، سيكون في مصلحة إسرائيل الاستعمارية والجماعات التكفيرية والمتضررين من الوحدة الوطنية. فهل يدرك المخلصون لتوطين حركة حماس في المشروع الوطني ما ينتظرهم؟ وهل يكون جوابهم المزيد من التمسك بالوحدة الوطنية؟

[email protected]