هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - "اغتصب وتزوج ببلاش..والعفو عما سلف" هكذا بدأت الحملة الشعبية في الأردن لالغاء المادة 308 من قانون العقوبات، والذي يعفي المعتدي على الفتاة من العقاب بعد اغتصابها في حال تزوجها لمدة خمس سنوات، وفي ذات المادة جزئية تتعلق بهتك العرض بحيث يعتبر أي اعتداء جنسي على الاطفال بأنه هتك وليس اغتصابا.

وبعد تصدر وسم #الغاء_308 قائمة الترند على مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن لساعات، ومطالب شعبية كبيرة من أكثر من 40 جمعية ومنظمة لإلغاءه، الغى مجلس النواب المادة 308 الواردة في قانون العقوبات الأردني، موافقين بذلك تعديل الحكومة التي لغت المادة من قانون العقوبات.

20590558_2066970006662244_128433567_o.png20597996_2066969753328936_1247971114_o.png

20615217_2066970289995549_207706526_o.png20616125_2066970446662200_1554734699_o.png

ورفض النواب خلال جلستهم الثلاثاء برئاسة المهندس عاطف الطروانة قرار لجنتهم القانونية والتي عدلت النص الاصلي للمادة 308 لتصبح بالنص التالي: 'اذا ابرم عقد زواج صحيح بين مرتكب احدى الجرائم المنصوص عليها في المواد (164/2) و(168/2) و(304/2) من هذا الفصل وبين المعتدى عليها اوقفت الملاحقة واذا كان قد صدر حكم بالدعوى علق تنفيذ العقوبة التي فرضت على المحكوم عليه.

أولاً يسري الحكم المنصوص عليه في الفقرة (2) من هذه المادة إذا كان المعتدي انثى، وكان المعتدي عليه ذكرًا، لم يكمل الثامن عشر من عمره، وثانيًا تستعيد النيابة العامة حقها في ملاحقة الدعوى العمومية، وفي تنفيذ العقوبة قبل انقضاء سبع سنوات على الجنحة وانقضاء عشر سنوات على الجناية إذا انتهى الزواج بطلاق المرأة دون سبب مشروع ويشمل ذلك طلب التفريق بسبب سوء معاملة الزوج.

ومع الغاء هذا القانون في الأردن اتجهت الانظار إلى فلسطين حيث يطبق ذات القانون الذي يقول خبراء ان الزمن عفى عليه.

نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي يعتبرون أن هذا القانون يشكل مكافأة للجاني، ويعاقب المرأة مرتين الأولى في اغتصابها والثانية في تزويجها بشكل قسري، علما بأن نصوص مشابهة ألغيت سابقا في ايطاليا وفرنسا ومصر والمغرب العام الماضي عقب انتحار فتاة اجبرت على الزواج من مغتصبها.

20615235_2066972056662039_1360392357_o.png

20615360_2066972809995297_596230236_o.png

تجارب قاسية تفيض ظلما في غفلة من القانون وخوفا من العار، تجبر الفتاة على الزواج من مغتصبها، ولم تقف الأمور عند هذا الحد بل حتى لو أعرب الجاني عن نيته للزواج دون أن يتزوجها جديا امام المحكمة فإنه يبرئ من القضية، كما تنص المادة على أن اغتصاب الذكر لا يعد اغتصابا بل هتك عرض، حتى وإن كان قاصرا.

كان لـ"النجاح الاخباري" حديث مع المديرة التنفيذية للهيئة المستقلة لحقوق الانسان رندة سنيورة للوقوف على أسباب تغيب المنظمات الحقوقية عن المادة 308 في قانون العقوبات.

"هذا القانون عفا عليه الزمن مأخوذ عن القانون الأردني واللبناني والفرنسي قديما" هكذا بدأت سنيورة حديثها حول قانون العقوبات، مؤكدة على أنهم كمؤسسات حقوقية طالبوا سابقا بالغاء المادة 308 في عام 2011، من خلال صياغة مسودة جديدة حول قانون العقوبات كامل.

وتعزو سنيورة سبب عدم صب كافة الجهود نحو الغاء المادة 308 إلى أن التركيز انصب نحو الغاء المادة  340 التي تعطي العذر للجاني في حال ايذاء او قتل امرأة لوجودها بعلاقة غير شرعية او خارج اطار الزواج، وتم الغاء العمل بها في عام 2011 بعد حادثة الفتاة آية برادعية التي وجدت مقتولة في قرية صوريف شمال الخليل.

20431621_914550908702036_5093210587083084592_n.jpg

وأضافت سنيورة أن التركيز بعد ذلك من قبل المؤسسات الحقوقية انصب نحو الغاء المادة 98 التي تخفف عقاب القاتل في حال كانت الجريمة على خلفية شرف، وتم الغاءه في عام 2014.

وتشير سنيورة لـ"النجاح الاخباري" إلى أن مسودة قانون العقوبات وحماية الاسرة ما زالت عالقة، علما بأنها لا تقل أهمية عن القوانين التي أقرت مثل قانون الجرائم الالكرتوني وقانون الضمان الاجتماعي ودون مناقشة المجلس التشريعي.

ومن خلال مراجعة قرارات المحاكم من قبل الهيئة المستقلة لحقوق الانسان حول القضايا النسوية، لفتت سنيورة إلى أن القضايا المتعلقة بالمادة 308 قليلة، نظرا إلى أن بعض حالات الاعتداء والاغتصاب  يتم "طبطبتها" واخفائها بطريقة عشائرية وتزويج الفتاة بصمت.

20431638_1583163658421143_2973054397580670258_n.jpg

وتشدد سنيورة على أنهم من المؤيدين لالغاءه وطالبوا بذلك كثيرا، لأن الضحية ستتعرض للتعذيب طوال الخمس سنوات، وطالبت بتغيير كل القانون وتبني مشروع القانون العقوبات الفلسطيني الجديد.

وأشارت سنيورة إلى أن المركز يعمل على حملة كبيرة بالتعاون مع البرلمانيات العربيات من نهاية السنة الماضية تضمنت مؤتمرات حول الغاء قانون العقوبات كاملا، قائلة: "تغيير بعض المواد لا يجدي نفعا المطلوب تغييره كاملا لضمان المساواة".

وأوضحت سنيورة لـ"النجاح الاخباري" أن الانقسام الفلسطيني  وعدم تفعيل دور للمجلس التشريعي الفلسطيني يقف امام كثير من القوانين، مشيرة إلى أن الحل المناسب قد يكون بتبني القانون لمرحلة مؤقتة لحين التئام المجلس واجراء انتخابات".

"هذا التغيير على عاتق المستوى السياسي" وفقا لسنيورة.

بدورها أفادت مديرة مركز الدراسات النسوية سامة عويضة لـ"النجاح الاخباري" بأن لحظات اغتصاب الفتاة المليئة بالرعب لن تنساها الفتاة طوال حياتها خاصة بعد اجبارها على الزواج من "الوحش " الذي ارتكب هذه الجريمة، والتي ستؤثر على صحتها النفسية لمجرد شعورها بأنها ضحية وشعور الإشمئزاز لا يفارقها، عدا عن دمارها مجتمعيا وصعوبة التواصل مع الناس.

ووفقاً لاستطلاع أجراه مركز الدراسات النسوية حول تزويج الفتاة قسريا من مغتصبها، تبين أن بعض الفتيات تشجع على ذلك من مبدأ "السترة" حتى لا تكون عارا على عائلتها وأن الجاني هو الأدرى بانها اغتصبت عنوة كما يعتقدون، ولكن الاغلبية العظمى كان لديها ثقافة ترفض هذا القرار وتجد صعوبة في ذلك.

وأكدت عويضة على أن مركز الدراسات النسوية كان من ضمن الهيئة التي شكلها الرئيس قبل عدة سنوات لصياغة مسودة قانون عقوبات فلسطيني وتم شطب المادة القديمة بالاجماع ولم يقر حتى الان لاسباب عدة اهمها عدم وجود مجلس تشريعي ليقر ذلك.

20476433_285856401891164_8764056772807197684_n.jpg

وفيما يتعلق بضعف الحملات حول هذا القانون من المؤسسات النسوية أكدت عويضة على أنه لا يوجد حملة مباشرة على المادة 308 بالذات، ولكن الحملات كانت منصبة نحو تغيير قانون العقوبات بشكل كامل.

ووافقت عويضة سنيورة بالرأي حول تغيير القانون الذي يقع على عاتق المجلس التشريعي وهذه العقبة التي تقف امامهم دائما، علما بأن اللجنة التي شكلت لصياغة المسودة الجديدة كانت بناء على خبراء دوليين وتم انتداب اعضاء لمقابلة مستشارين بمصر لمناقشتها وتعديلات عليها.

ومن الجدير ذكره أن مركز الدراسات النسوية لديه مشروع امان للحماية من العنف الجنسي ضد الفتيات والنساء ويشمل قضايا توعوية عديدة مطروح من عدة مراكز.

واختتمت عويضة حديثها مع "النجاح الاخباري" قائلة: "عادة يتم القاء اللوم بالتقصير حول مادة 308 على كافة منظمات حقوق الانسان، ولكن المسؤولية تقع على عاتق كافة المسؤولين ومن يناضل من أجل حقوق الإنسان سواء الحكومية أو الاهلية".