نسرين موسى - النجاح الإخباري - قلق على سلامة الأجنة في الأرحام، وخوف كبير من تعرضها للتشوه، خاصة للقريبين من المناطق التي تتعرض لقذائف الاحتلال في الحروب على غزة أو في أيام عادية يطلقها العدو لاستفزازهم.

بدأت المشكلة بعد منتصف شهر يوليو 2014 خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فحسب البحث تبين أن  60-70% من النساء الحوامل خلال فترة العدوان تعرضن للإجهاض، سواء بسبب الغازات المنبعثة من الصواريخ، أو جراء الارتجاجات العنيفة التي نجمت عن القصف.

وكانت نسبة التشوهات قبل العام 2006 ثابتة ومتماشية مع الأرقام العالمية، حوالي 40 حالة لكل ألف مولود، لكنها ارتفعت بعد العام 2010 بنحو 50%، فأصبح حوالي 63 حالة تشوه لكل 1000 مولود، ثم حدثت زيادة أخرى بعد عدوان 2012، وزيادة أكبر بعد العام 2014 بحوالي الضعفين، وزادت على 100 حالة لكل ألف حالة ولادة، وهي في ارتفاع مستمر.

وهذا يعني أن هناك سنويا ما لا يقل على 6000 مولود مشوه في قطاع غزة سنوياً، وهذه النسبة تسير بشكل متصاعد وفق الأطباء.

السيدة (ر,ن) جنوب القطاع تعرضت مولودتها بعد الولادة خلال الحرب الأخيرة للموت  مباشرة، وتقول: "حسب الطبيب المتابع لحالتي قال: إن السبب في وفاتها هو تعرضها للاختناق، بسبب الغازات السامة الناتجة عن القذائف التي كانت قريبة من منزلنا".

وكثرت تساؤلات المواطنين كيف تؤثر القذائف التي يلقيها الاحتلال على سلامة الأجنة؟، وفي هذا السياق أوضح د.صائب العويني رئيس قسم الأحياء في الجامعة الإسلامية ومتخصص في بيولوجيا السرطانأن الجنين ببداية تكوينه يكون خلية واحدة تنقسم بسرعة كبيرة جدا، وتتضاعف إلى  تريليونات من الخلايا بسرعة كبيرة.

ويتابع لـ"النجاح الإخباري" أن الخلية الأولى تحمل المادة الوراثية DNA والتي تحمل الصفات الوراثية عند الإنسان، وتأثرها بجزيئات كيميائية أو إشعاعية يؤدي إلى تقطيع بشريط DNA الحامل للصفات الوراثية، ما يؤدي لتشويه في المادة الوراثية حيث يؤثر في تكوين أعضاء الجنين بالمنطقة المسؤولة عن النمو الوراثي لهذا العضو، ومن هنا يكون الجنين أكثر تأثر بالتشويه من القذائف التي تحتوي على يورانيوم مخصب أو الفوسفور.

ويضيف عوني "منذ نهاية حرب 2008 لوحظ ظهور حالات تشوه بالأجنة بشكل ملحوظ حوالي من 30- 40 حالة تشوه وخصوصا بالمناطق التي تعرضت لقصف مركز ولمدة طويلة بالحروب، خاصة في بعض المناطق الحدودية مثل المنطقة الشرقية في خانيونس والمنطقة الوسطى وشرق حي الشجاعية.

وحول وجود دليل على أن الأجنة المشوهة كانت بسبب القذائف الإسرائيلية، يقول عوني :"لا يوجد دليل لكن نتيجة لتركيز هذا العدد من الأجنة المشوهة في المناطق الحدودية التي كانت تتعرض لقصف مركز ومستمر طوال فترة الحرب على دونها من المناطق بقطاع غزة، وخصوصا بعد كل حرب في منطقة الزنة المناطق الحدودية البريج وشرق حي الشجاعية، وهناك بعض الأبحاث تشير إلى أن التربة والعواء الملوث بالإشعاع التي تؤثر على حياة الناس وتشوه الأجنة تتركز في هذه المناطق".

ويشدد عوني على أن الأمانة العلمية تقتضي التنويه إلى أن هناك خطر في هذه المناطق.

ويوصي عوني في ختام حديثه بالابتعاد عن المناطق التي تتعرض لقصف مركز والتي اثبت أنه يوجد بها إشعاع لمدة سنتين على الأقل وطبعا هذا لا يعني التهجير، ولكن إلى حين التأكد من نقاء الهواء.

ويقول د.عصام زعرب رئيس قسم النساء والولادة في مستشفى مبارك، يوجد حالات إجهاض، لكن لا يوجد اثبات على أنها من القذائف، لكن معروف في العلم أن استعمال اليورانيوم  المخصب المستخدم في صناعة القذاف يتسبب بتشوه الأجنة".

ويضيف زعرب أنه يجب أن تتوفر مختبرات قوية تحدد سبب التشوه وهذا موجود بعضه في مستشفى المقاصد في القدس.

وفيما يتعلق بما هي الاحتياطات التي يجب أن تتخذها المرأة الحامل  لعدم تعرض جنينها للتشوه؟، يقول زعرب "تتناول حبوب الفولك أسد خلال الأشهر الاولى في الحمل فهي تمنع 60% من التشوهات".

وصنف اخصائي توليد أنواع تشوهات الاجنة التي وجدت في غزة بتشوهات الرأس، والأطراف، والجهاز الهضمي، والأعصاب، ورغم تصنيفها بأنها نادرة جداً على مستوى العالم، مثل بعض أنواع تشوه الدماغ (الاستسقاء)، ""Nonimmune hydrops fetalis، لكنها موجودة في غزة وبنسب مقلقة ومثيرة للاستغراب.

وأوضح أن هذا لا يعني غياب أنواع التشوهات الأخرى، فجميع الأنواع موجودة في غزة وبكثرة، وأخطرها نوع من أنواع استسقاء الدماغ يطلق عليه (hydro cephalis)، وتشوه الأطراف المعروف بـ"حدوة الحصان"، أو نقص الأطراف وهو أيضا شائع في قطاع غزة، إضافة إلى تشوه "فتاق العصعص" وهو من الأنواع الخطيرة، الذي قد يؤدي إلى وفاة الجنين لاحقاً.

والأخطر انتشار أنواع خطيرة من التشوهات مثل تشوهات القلب والعمود الفقري والدماغ وهي تمثل نحو خمس التشوهات 20%، وأنواع نادرة.

ويناشد المواطن (سمير,م) من خانيونس قرب المنطقة الحدودية، بعمل نشرات من وزارة الصحة تحتوي على إرشادات للمرأة الحامل وقت الحروب، ويتحدث عن تجربة زوجته :"عند قرب ولادتها توجهت لتصوير جنينها، فاخبرنا الطبيب بأن الجنين يعاني من تشوهات في القلب، ومن المحتمل أن يتوفى الجنين بعد الولادة مباشرة وهذا ما حدث بالفعل".

وحسب توقعات الطبيب المشرف على حالة زوجته  أشار إلى أن القذائف التي ألقاها الاحتلال قد تكون لها صلة بذلك خاصة لأنهم يقطنون بالقرب من مرماها.

وصدر تقرير عن لجنة New weapons في 17 أيلول 2009 إلى احتواء تربة غزة على (35) معدن سام ومسرطن، ووجود تركيزات غير عادية للعناصر النادرة في تربة غزة ومن أهمها التنجستن والكوبالت، وأن وجود هذه العناصر تظهر آثاره السلبية على الإنسان والنبات في شكل خلل جيني وتشوهات خلقية وأمراض سرطانية.