وكالات - النجاح الإخباري - تعد ليالي العشر الأواخر من رمضان من رحمات الله تعالى وبركاته على الأمة الإسلامية، وتمثل زادا روحيا خاصا، يحتفي بها غالب المسلمين، وقبل تلك الأزمة التي يعيشها العالم كانت أرواح كثير من المسلمين تهفو نحو بيوت الله تعالى، معلنة التخلي عن الدنيا وزينتها، تاركين الأزواج والأولاد والأعمال في خلوة مع الله تعالى، معتكفين في بيت الله تعالى، متفرغين لعبادة الله وحده، ينهلون من تلك العبادة الخاصة التي غالبا لا تتكرر في السنة إلا مرة واحدة، إنها عبادة فريدة، وعلى قدر تفردها؛ يتحصل المسلم منها زادا فريدا.

لكن غالب المسلمين لا يعتكفون في المساجد، فالحياة – حتى قبل الأزمة- تغيرت بمشاغلها وتكاليفها ومسئوليتها، فيكتفي غالب المسلمين بصلاة التراويح بعد صلاة العشاء جماعة، ثم يجتمعون بعد منتصف الليل لصلاة التهجد.

والعشر الأواخر من رمضان هي نهاية الدورة التدريبية على تلك المعاني الإيمانية، والعبادات القلبية والجسدية، وعلى المسلم أن يستفيد من تلك العشر الأواخر بأقصى فائدة من زيادة الإيمان وعمل الصالحات والطاعات.

وأول تلك الأعمال:

– الإكثار من الصلاة: على المسلم أن يحافظ على الصلوات المكتوبة، من صلاة الصبح، وصلاة الظهر، وصلاة العصر، وصلاة المغرب، وصلاة العشاء، فيحرص على أن يستعد للصلاة قبل الوقت، وأن يردد الأذان مع المؤذن، ثم يصلي السنة الراتبة القبلية، ثم يشغل نفسه بالدعاء ما بين الأذان والإقامة؛ فإنه من أوقات استجابة الدعاء، كما ورد في الحديث النبوي:” الدعاء ما بين الأذان والإقامة مستجاب”، ثم حين تقام الصلاة، يردد الأذان، ويستحب أن يكون أحد الأبناء هو المسئول عن إقامة الصلاة؛ تشجيعا للأولاد على حب الصلاة، ثم تصلى الصلاة جماعة، فإن كان بعدها سنة راتبة بعدية؛ فليحرص المسلم عليها، ويحث أسرته عليها.

وليجتهد المسلم أن يبني له عشرة بيوت في الجنة في هذه العشر الأواخر من رمضان ، من خلال المحافظة على السنن الراتبة، خاصة المؤكدة، كما ورد عنأم حبيبة – رضي الله عنها -: قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة» . وذكرت مثل حديث عائشة قالت: «وركعتين قبل صلاة الغداة» . أخرجه الترمذي، والنسائي.

– والسنن الراتبة للصلوات هي: ركعتان قبل صلاة الصبح، وهي ما تعرف بركعتا الفجر، والذي ورد فيها حديث النبي صلى الله عليه وسلم:” ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها. رواه مسلم. وهي سنة راتبة مؤكدة. وركعتان أو أربع ركعات قبل الظهر، وركعتان أو ركعات بعد الظهر، وهي من السنن الراتبة المؤكدة. وركعتان أو أربع ركعات قبل العصر، وهي سنة راتبة غير مؤكدة. وركعتان قبل المغرب، وهي سنة راتبة غير مؤكدة، وركعتان بعد المغرب، وهي سنة راتبة مؤكدة. وركعتان قبل العشاء، وهي سنة راتبة غير مؤكدة، وركعتان بعد العشاء، وهي سنة راتبة مؤكدة.

وعلى المسلم أن يكثر من الدعاء في السجود في كل صلاة، فهي من الأحوال التي يستجاب فيها الدعاء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:” أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد”.

–صلاة التراويح: كما يستحب الاجتهاد في ليالي العشر الأواخر من رمضان في صلاة التراويح، على المسلم أن يجتهد في تلك الأيام العشر أكثر من غيرها، فليطل القراءة والركوع والسجود فيها، فليكن أقل ما يقرؤه فيها جزءا من القرآن الكريم، وإن استطاع أن يزيد فليفعل، فإن أفضل عبادة في ليل تلك العشر الأواخر هي الصلاة وطول القيام بين يدي الله تعالى.
 

– صلاة التهجد: ثم ليجعل لليله نصيبا من التهجد، ويزيد من الصلاة فيه ضعف ما يصليه في التراويح، فإن كان يقرأ في صلاة التراويح جزءا من القرآن، ليقرأ في التهجد جزأين،حتى يختم القرآن كاملا في العشر الأواخر من رمضان. وقد كان من هدي الصحابة – رضوان الله عليهم- أنهم لا يفصلون بين صلاة التراويح وصلاة التهجد، بل كانت كلها صلاة ليل، يصلونها من بعد صلاة العشاء حتى قبل الفجر، حتى إنهم كانوا يستعجلون أكلة السحور. وثبت ذلك في سنة النبي عليه الصلاة والسلام، فعن ‌أبي ذر، قال: «صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان، فلم يقم بنا شيئا من الشهر حتى بقي سبع، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل، فقلت: يا رسول الله، لو نفلتنا قيام هذه الليلة، قال: فقال: إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام الليلة، قال: فلما كانت الرابعة لم يقم، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس، فقام بنا حتى خشينا ‌أن ‌يفوتنا ‌الفلاح، قال: قلت: وما الفلاح؟ قال: السحور، ثم لم يقم بنا بقية الشهر» أخرجه أبوداود والدارمي وغيرهما.

– الاجتهاد في الدعاء: ومن أهم الأعمال التي يقيم بها المسلم في ليالي العشر الأواخر من رمضان أن يكثر من الدعاء لله تعالى، ويكون الدعاء في هذه الأيام والليالي . وليجتهد المسلم في الدعاء خاصة تلك الأيام المباركات، فهو أحرى أن يستجاب له، كما ورد عن النعمان بن بشير – رضي الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال: «الدعاء هو العبادة» ثم قرأ {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} [غافر: 60] أخرجه الترمذي.


وليتحر الأوقات الشريفة، والأحوال الشريفة التي تكون أقرب لاستجابة الدعاء، ومن ذاك: الدعاء ما بين الأذان والإقامة: فقد أخرج أبو داود والترمذي عن أنس بن مالك – رضي الله عنه -: أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال: «الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد» .

– الدعاء عقب أذكار الصلاة المفروضة: فقد ذكر الإمام ابن القيم – رحمه الله- أن الممنوع من الدعاء أن يكون عقيب الصلاة مباشرة، أما أن يكون بعد أذكار الصلاة، وبعد الثناء على الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فهو مستحب، فإنه يستحب الدعاء عقب كل ثناء على الله وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. – القنوت في الصلوات المفروضة: فقد أخرج الشيخان وغيرهما عن أنس قال: «قنت النبي – صلى الله عليه وسلم- شهرا بعد الركوع، يدعو على أحياء من العرب» .