وكالات - حسن البطل - النجاح الإخباري - يختلف الناس، على شاطئَي البحر المتوسط في تعريفهم لـ «الطقس السيئ».. وبخاصة في فصل الشتاء في شمال المتوسِّط، يعتبرون «الطقس السيئ» سماء مُلبّدة بالغيوم، أمطاراً تهمي.. أو ثُلوجاً تتساقط. جنوبي ذلك المتوسط، يعتبرون «الفصل السيئ» عام خير وعطاء إذا سقطت الأمطار بغزارة.
نشرة الأخبار تنتهي بذيلٍ اسمه «النشرة الجويّة»... وفي هذا تشترك جميع محطّات التلفزة في المنطقة، لكن، لم تعد «أخبار الطقس» في ذيل النشرة دائماً، وبالذات إذا جادت السماء بأمطارها في بلاد تحتاجها أشدّ الحاجة.
وهكذا قد تتوسّط النشرة الجويّة النشرة الإخباريّة، المصوّرة منها بالذات. فالناس زهقت ما يفعله الأفغان بالأفغان، إنها تجد الجديد في «بقرة» وجدت نفسها عالقة على «جزيرة صغيرة» ليست إلّا سقف بيت تحيط به مياه «الطُّوفان»!
الواقع، أنّ الجفاف والطُّوفان يُلحقان باقتصاد العالم خسائر تزيد عن أي «كوارث» أخرى، بما فيها كوارث الحروب. لم تعد المجاعات تفتك بملايين البشر، تكتفي بعدة عشرات الآلاف، قبل أن يهبّ النشامى للإغاثة من فائض محاصيلهم. الطوفانات، لا تزال مشكلة.. خصوصاً وهي تأتي «زائرة» منطقة ما، بعد أن أنهكتها سنوات من الجفاف.
ومع تقدم الرصد الجوّي صار يمكن توقع حالة الطقس لأسبوع مثلاً. وصارت النشرة الجويّة تُريك حركة الغيوم، وهي في منطقتنا تتحرك من الغرب إلى الشرق، لكن قد يمتد تأثير الكتل الهوائية الجنوبية إلى منطقة البحر المتوسط.. في الشتاء.
والملاحظ، منذ بداية الخريف حتى الآن، أن منطقة الجزيرة العربية والعراق نالت حظاً وفيراً وغير معتاد من التهطال، حتى أن الأمطار التي سقطت في الرياض تفوق ما هطل منذ 30 سنة ماضية. وتكرّر تمركز منخفضين جويّين شمال المنطقة العربية وفي أقصى جنوبها، ما يؤدّي إلى وقوع فلسطين وجنوب سورية في منطقة ضغط جوّي مرتفع، أي بارد وقليل التهطال.
بعض الاختصاصيّين صار يعتقد بأن أمطار منطقة جنوب المتوسط تتأخر عن موعدها المعتاد في الخريف.. ولكنها تتأخّر عن توقُّفها المعتاد، حيث يغدو لدينا - في بعض السنوات - خريف جاف نسبياً، وشتاء ضعيف التهطال.. وربيع ومستهلّ صيفٍ تسقط فيهما أمطار مِدرارة، وأحياناً موجات صقيع وانجماد، كما حصل في نيسان وأيار من العام الماضي.
هناك من يتحدّث عن «تبدُّل المُناخ» للدلالة على تقلُّبات الطقس أو تذبذُباته، علماً أن مُناخ المنطقة يحتمل تقلُّبات دورية مداها سبع سنوات أو أكثر. ويعتقد بعض العلماء أنّ سكّان المنطقة العربية يفترض ألاّ يقلقوا من ظاهرة ارتفاع حرارة جوّ الأرض العامّة، لأنها تؤدّي إلى زيادة التبخُّر العام، من ثم زيادة نسبة التهطال.
وبعضهم يرى أن منطقة الجزيرة العربية ستشهد - إذا تبدّل المُناخ العام الأرضي - أمطاراً أوفر، بحيث قد تتشكّل من جديد تلك السبخات والبُحيرات الضحلة المُندثرة في شمال الجزيرة العربية.
مع ذلك، فتبدُّلات المُناخ بعيدة المدى جداً، بحيث أن صحراء ناميبيا، جنوبي القارة الإفريقية لا تزال جافّة منذ مليون عام. وتعتبر بذلك أقدم صحراء على وجه هذه الأرض، شأنها شأن الصحراء الساحليّة على الشاطئ الغربي من أميركا الجنوبية. وعلى رغم مجاورتهما للبحر، إلّا أنّ حركة الرياح العامّة الأرضية، تجعلهما قاحلتين أكثر من صحارى بلاد العرب.
وبالمناسبة يُقال: كانت لبريطانيا إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، لأنّ الشمس تغيب عن بلاد الإنكليز وليس الأمطار. أما خليفة عبّاسي فقال مخاطباً غيمة: «اذهبي حيث شئتِ فإنّ خَراجكِ لي».. لذلك فالناس يختلفون على شاطئَي هذا المتوسط حول «خير السماء» أيضاً!