عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - حسبما اعتقد، وكاستنتاج من القراءات التاريخية، التي قدر لي الاطلاع عليها، تبين لي أن فناء البشرية، وبلوغ وعد الآخرة عند أصحاب المعتقدات واتباع الديانات والمذاهب والطوائف، ولقاء وجه الله عز وجل يوم الحساب رافق البشر عبر حقب التاريخ القديم والوسيط والحديث. وجرت حول آخر الزمان مياه كثيرة. فجادت بها فهلوة الدجالين، والمنافقين، وأدعياء "النبوة"، وكل من شاء الصعود على اكتاف أوهام العباد في ارجاء الكرة الأرضية. 
ومع ذلك، يمكن الجزم أن الله عز وجل وحده هو القادر والممسك بزمام الأمور، ولا يعلم بالغيب إلا هو، ولا يملك ناصية التقرير في مستقبل البشرية سواه. وبالتالي كل الاعتقادات والتقديرات بشأن نهاية الكون، وفق ما افترض لها علاقة بمركبات الكواكب والنجوم ومعادلات عالم الفضاء. 
ما ورد أعلاه، له علاقة بالمؤتمر الذي عقدته حركة حماس يوم الخميس الموافق 30 أيلول / سبتمبر الماضي تحت عنوان "وعد الآخرة"، الذي كرسته الجهة المنظمة له لقراءة "آخرة دولة إسرائيل"، وقام بعض الباحثين برصد وحساب إرث دولة الاستعمار في ميادين وحقول الحياة المختلفة. ولا اريد ان اتحدث هنا عما تركه الآباء والاجداد في فلسطين عندما تم طردهم وتشريدهم إلى المنافي وبلدان الشتات، واستثمرته دولة النكبة الصهيونية حتى يوم الدنيا هذا؛ لأن هذا ما كان يفترض أن يتم تسليط الضوء عليه لأهميته وأولويته، لا سيما وأن الموضوع راهن ومطروح على بساط البحث في المحافل والمنتديات الدولية، وسيكون احد أوراق العمل الأساسية في حال حصل تقدم في الحل السياسي. 
مع ذلك اعتقد أن القائمين على المؤتمر لم يحالفهم الحظ على أكثر من مستوى وصعيد، أولا كان من الأجدر عقد مؤتمر لمناقشة آفاق تفكك المشروع الصهيوني بفعل عوامل التآكل الذاتي والموضوعي، أو عقد مؤتمر لقراءة تأثير وخطر دولة المشروع الصهيوني الاستعمارية على الوطن العربي عموما ودول التطبيع المجانية خصوصا.. إلخ من العناوين ذات الصلة بقراءة مستقبل الصراع إن كانوا جديين؛ ثانيا هل يعتقد القائمون على المؤتمر، أن موضوع "وعد الآخرة" كعنوان وأبحاث يخدم مشروع التحرر الوطني، إن كانوا معنيين بالهوية الوطنية وبناء الدولة المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية؟ أجزم أن العنوان بحد ذاته لا يمت للموضوع بصلة، ليس هذا فحسب، بل إنه أضر بالقضية الوطنية، وأساء لها، وخدم العدو الصهيوني من حيث يدري أو لا يدري جهابذة حركة حماس. كما أن الأبحاث عكست فقرا سياسيا واقتصاديا؛ ثالثا: حتى بالمعايير الوطنية أظهر القائمون والباحثون جهلا مدقعا في قراءة الواقع الوطني، وافترضوا أنهم الأوصياء على مقدرات الشعب الفلسطيني، وتجاهلوا الآخر الوطني بكل مكونات الخارطة السياسية؛ رابعا: وإذا كانت حسابات حركة حماس صادقة النوايا في مسألة التحرير، فكيف يمكن الحديث عن التحرير، وفي ذات الوقت التخندق في حدود الإمارة ودويلة غزة، ورفض الوحدة الوطنية، والاستمرار في تمزيق وحدة النسيج الوطني والاجتماعي والثقافي؟ وعلى أي أساس تقوم معادلة فرع جماعة الاخوان المسلمين؟ خامسا الشعب الفلسطيني في كافة مراحل كفاحه الوطني منذ عشرينيات القرن العشرين، وهو يطرح إقامة الدولة العلمانية، دولة المواطنة لكل مواطنيها وفق القانون والدستور بغض النظر عن دياناتهم ومعتقداتهم واصولهم العرقية واجناسهم، وبالتالي ألم يكن من الأفضل الحديث عن السلام والتآخي والتعايش في ظل دولة فلسطين الواحدة مثلا؟ لماذا الغرق في دوامة الخطاب الإقصائي المتطرف والعبثي الآن، أم هو جزء من وظيفة فرع الجماعة؟ ولمصلحة من؟ وما هي خلفيات طرح "وعدكم" المشؤوم في هذه اللحظة؟  
كان الأجدر بالقائمين على المؤتمر الابتعاد عن الوقوع في شرك الجهل والتجهيل للمواطنين، والكف عن الإساءة للقضية الوطنية، والكفاح التحرري الوطني، وإعلاء راية السلام القائم على العدل الممكن والمقبول وفق قرارات الشرعية الدولية، وإبراز الظلم والتعسف والتطهير العرقي العنصري الصهيوني ضد أبناء الشعب الفلسطيني في ارجاء فلسطين التاريخية، وتقديم الوثائق الدامغة للعالم اجمع ليرى بشاعة وهمجية جرائم حرب دولة الحرب والإرهاب المنظم الصهيونية، وليس عقد مؤتمر تفوح منه رائحة كريهة ويستهدف الإساءة لفلسطين وللكفاح البطولي الشجاع للشعب الفلسطيني بمختلف تلاوينه ومشاربه الفكرية والسياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية. 
لذا راجعوا حساباتكم، وفكروا جيدا إن كنتم صادقين في الانتماء للوطن، وتنصلوا من عنوان ونتائج ومخرجات مؤتمركم، فهذا أفضل وأكرم لكم ألف مرة. وعندما تتحرر فلسطين لكل حادث حديث.