رمزي عودة - النجاح الإخباري - تتسابق فصائل العمل الوطني، إضافة إلى المستقلين، نحو تشكيل قوائمها في الانتخابات التشريعية القادمة. وقد منح القانون هذه القوائم فترة قصيرة من أجل أن تعلن عن تشكيلتها الحزبية، هذه الفترة تمتد من 12 آذار الجاري حتى نهايته. ولعل الأهمية الكبيرة للتشكيلة الحزبية في هذه القوائم تكمن بالطبع في كونها عامل جذب تصويتي للناخبين، فالقوائم التي تضم أعضاء مقبولين للجمهور، تكون أكثر جذباً للاصوات من تلك التي لا يفضلها الجمهور. وبالرغم من أن نظام التمثيل النسبي المعمول به في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الحالية، يعزز عملية التصويت نحو الحزب وليس الفرد، إلا أن الثقافة السائدة والخبرة الدارجة، تجعل لأعضاء القائمة وزناً وأهميةً في عملية التصويت. والمعادلة واضحة للجميع، فقد يتنحى بعض مناصري الحزب عن التصويت لحزبهم إذا لم يعجبهم بعض المرشحين في القائمة. والعكس بالعكس، فقد يكسب الفصيل السياسي بعضاً من أصوات الناخبين من غير مناصريه التقليديين، نتيجةً لشمول قائمته مرشحين أكثر قبولاً لدى الجمهور الانتخابي. وفي الوقت الذي يسعى فيه الحزب لإرضاء قياداته الميدانية والسياسية بترشيح أسمائهم في القائمة، فإنه أيضاً يسعى بقوة إلى إرضاء الجمهور الانتخابي الذي سيحدد بالمحصلة النهائية كم عدد المقاعد البرلمانية التي سيكسبها الحزب.

ومن أجل إيجاد صيغةٍ توافقية بين طموحات قيادات الأحزاب والقوى السياسية واستحقاقاتهم التمثيلية، وبين تفضيلات الناخبين، تقترح هذه المقالة مقاربةً تمثيليةً تصلح إلى حد مهم في تحديد القائمة المثلى للأحزاب والقوى السياسية لاسيما الكبيرة منها. وتستند هذه المقاربة على الأسس التالية:

أولا: وضع معايير متنوعة لاختيار ممثلي قائمة الحزب، بحيث تشمل هذه المعايير الفئة العمرية الشابة، الوجوه الجديدة، السمعة الطيبة، التاريخ النضالي، المرتبة العلمية العليا مثل الأكاديميين، التنوع الجغرافي والجندري والمهني، المهارات الشخصية القيادية مثل الخطابة والاتصال والإدارة والحكمة والثقافة وغيرها. على أن يتم توصيف هذه المعايير بطريقة كمية، لكل منها أوزان محددة، ويتم اختيار المرشحين بالمجمل ممن حصل على أكبر قيم من هذه المعايير.

ثانياً: منح أفضلية التمييز الإيجابي لصالح الفئات الأقل حظاً في اختيار مرشحي القائمة وذلك بهدف تحقيق العدالة ولو نسبياً. وهنا أقصد الأشخاص ذوي الإعاقة، والنساء، وأبناء المخيمات والمناطق المهمشة، والفقراء وغيرهم.

ثالثا: مراعاة اختيار مرشحي القائمة وفقا للبرنامج السياسي للحزب، بحيث يشمل البرنامج الانتخابي برامج مخصصة للقطاعات والفئات التي تمثلها قائمة الحزب.

ومن أجل التحقق من درجة تطبيق الحزب لهذه المعايير، على الحزب السياسي أن يعمد إلى وسائل تحقق، تساعده في اختيار القائمة المثلى، ومن أهم أدوات التحقق المعمول بها عالمياً:

تنوع جهات الترشيح لممثلي القائمة بحيث تتجاوز هذه الأدوات الأطر التنظيمية المحلية إلى الترشح الفردي أو الترشح من خلال جهات متعددة في الحزب.
القيام باستطلاعات رأي لمعرفة الحظوة الجماهيرية للأسماء التي يبحث الحزب فرص اختيارها في القائمة. ويمكن أن تشمل هذه الأداة استطلاعات رأي عام أو استطلاعات النخبة (منهج الشهرة أو السمعة).
وجود جهة رقابية في الحزب للتأكد من مسار عملية الاختيار، والتزامه بالمعايير التي وضعتها قيادة الحزب.
وجود جهة مسؤولة عن تلقى الشكاوى أو الطعون داخل الحزب، والتحقيق فيها والرد عليها.

في المحصلة، فإن الحزب الذي يستوفي هذه المعايير بشكل أكبر يستطيع أن يحقق أعلى درجة من رضا الجمهور الانتخابي مع أقل درجة من عدم الرضا داخل عناصر تنظيمه. إضافة إلى ذلك، فإن هذه العملية تستطيع أن تجذب الشباب أكثر، وهم الجهة المعول عليها في حسم التنافس الانتخابي المقبل، سواء من خلال الترشح أو التصويت. من زاوية أخرى، فإنه لا يمكن بتاتاً ضمان تمتع أي قائمة برضا الجميع، ولكن يظل الانتماء الحزبي هو العنصر النهائي المحدد لاتجاه التصويت. والحزب الذي يملك كتلة صلبة لا تتأثر بأسماء المرشحين في القائمة هو الحزب الذي سيضمن تركيزاً أكبر لمناصريه في عملية الاقتراع. بالمقابل، فإن الأغلبية التي تحتاجها الأحزاب الكبرى المتنافسة لا سيما في النظام النسبي، تبقي الحاجة إلى ما يمكن تسميته بالقائمة المثلى التي تبحث القوى السياسية لإيجادها.

 

عن صحيفة الحياة الجديدة