د. دلال صائب عريقات - النجاح الإخباري - تم انتخاب القاضي البريطاني كريم خان كمدعٍ عام جديد للمحكمة الجنائية الدولية ليحل مكان فاتو بنسودا، ومع بدء ولايته التي ستستمر تسع سنوات يواجه خان مهام شاقة للارتقاء بعمل المحكمة من خلال محاولة زيادة قبول اختصاصها في جميع أنحاء العالم.

فيما يخص فلسطين، تم رفع مكانة فلسطين في الجمعية العامة للامم المتحدة عام 2012، مما سمح بالتوقيع على ميثاق روما الأساسي الذي مكن فلسطين من الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية 2014-2015.

من جهتها، عارضت إسرائيل- وهي ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية- بشدة التحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية والجماعات الفلسطينية المسلحة منذ الحرب على غزة 2014. وشككت في ولاية المحكمة على الأراضي الفلسطينية. قضاة المحكمة الجنائية الدولية قضوا بداية شباط 2021 بأن للمحكمة ولاية قضائية على فلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية) مما يمهد الطريق لتحقيق كامل بعد تحقيق أولي استمر خمس سنوات افتتحته بنسودا.

اليوم، ما المطلوب من الفلسطينيين تجاه المحكمة الجنائية الدولية؟

- استغلال الوقت المتبقي لبنسودا في المحكمة حتى حزيران ومحاولة الضغط لفتح التحقيق في جرائم الحرب الاسرائيلية قبل وصول خان تجنباً لإضاعة المزيد من الوقت. على الفلسطينيين العمل بالتوازي لفتح قنوات مع المدعي العام الجديد ومحاولة دفع الملف الى الامام من خلال المهنية والبناء على الملف الفلسطيني للدفع باتجاه فتح التحقيق الرسمي بأقرب وقت.

- توظيف نتائج التحقيق البريطاني الذي يؤكد جرائم اسرائيل ضد الانسانية، وهذا يعزز ملف الشهداء الأسرى ويضعه ضمن الملفات الأكثر حساسية، خاصة بعد صدور نتائج تحقيق المنظمة الدولية الـ Forensic Architecture التابعة لجامعة لندن GoldSmith بالتعاون مع مؤسسة الحق ومؤسسات حقوقية وقانونية عديدة، حيث استعمل التحقيق الرقمي تقنيات حديثة ونادرة جداً اعتمدت على الصور المرئية وتوظيف الأدوات الالكترونية من خلال عملية مسح تفصيلية بالثواني لحادثة اصطدام الشهيد أحمد عريقات بحاجز الكونتينر 2020/6/23. وفندت نتائج التحقيق رواية الاحتلال الاسرائيلي وأثبتت أن ادعاء اسرائيل بأن الشهيد نفذ هجوماً هو ادعاء باطل وأثبت التحقيق والفيديو أن جنود الاحتلال أطلقوا 6 رصاصات خلال 2 ثانيتين، بالرغم من ان أحمد كان مطروحاً على الأرض بعد الرصاصة الثانية ولم يشكل أي تهديد على الجنود كما ادعت رواية الاحتلال. اضافة لرفعه يديه وتراجعه للوراء دليلاً قاطعاً انه لم يشكل اي تهديد ولا نية للهجوم، كما أكدت نتائج التحقيق أن أحمد لم يزِد من سرعة السيارة، وهذا دليل على عدم نيته تنفيذ هجوم. كما أن قوات الاحتلال لم تقدم له الخدمة الطبية بالرغم من تواجد سيارات الاسعاف لأكثر من ساعة ونصف، وهذا دليل على نية الاعدام الممنهج وهذه جريمة يقترفها جنرالات دولة الاحتلال ضد الانسانية، ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، الحقيقة المرة أن دولة الاحتلال لا تكتفي بجريمة الاعدامات وانهاء حياة الفلسطينيين بدم بارد، بل أنها تستمر في جرائمها من خلال احتجاز جثامين الشهداء.

يتوجب على اللجنة الوطنية العليا المسؤولة عن متابعة ملف المحكمة الجنائية الدولية وعلى وزارة الخارجية والقيادة بشكل عام البناء على النتائج وتوظيف هذا التحقيق الرقمي لدعم ملف فلسطين في ال ICC لمحاسبة اسرائيل على جريمتها الممنهجة في الاعدامات الميدانية والضغط على إسرائيل لإطلاق سراح الشهداء الأسرى الـ ٧٢ وفضح سياسة العقاب الجماعي وحرمان العائلات من وداع ودفن فلذات أكبادها.

نهاية، أود لفت انتباه الدبلوماسيين والقيادة الفلسطينية بضرورة تكريم فاتو بنسودا على أعلى المستويات وتقليدها وسام الشرف الأعلى تقديراً لدورها في إظهار الحق وفضح جرائم الاحتلال الاسرائيلي، فمن الجدير بالذكر أنه وبعد انضمام فلسطين لميثاق روما وإثر قبول المحكمة لعضوية فلسطين، قامت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بمهاجمة المدعية العامة فاتو بنسودا وفرضت عليها عقوبات تشمل حظر السفر وتجميد الأصول بسبب التحقيق الذي يتضمن جرائم حرب أمريكية مزعومة في أفغانستان وما يتعلق بجرائم حرب اسرائيلية في فلسطين.

- د. دلال عريقات: أستاذة الدبلوماسية وحل الصراع، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية.

 

عن صحيفة  القدس