أسامة الأشقر - النجاح الإخباري - حدث ما كان متوقعا فالأزمة التي تعانيها إسرائيل مستمرة ولم تفلح كل جهود رئيس حكومتها المتهم بثلاث قضايا فساد بتأجيل الانتخابات لعدة أشهر حتى يكون متفرغا لها فهو كان يعول على إحضار لقاح فيروس كورونا وتحسن الأوضاع الاقتصادية وكذلك معرفة الوجهة التي تنوي إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن السير بها. فالمناورات السياسية التي قام بها طيلة الفترة الماضية ارتدت عليه عكسيا هذه المرة فأقرب المتحالفين معه أصبحوا ألدّ أعدائه الآن حيث انتقلت المعركة ما بين أحزاب اليسار التقليدي واليمين المتطرف لتصبح الآن حربا ضروسا بين أحزاب اليمين التقليدي واليمين العنصري المتطرف.

إضافة إلى ذلك فالمنافسين الجدد لنتنياهو هم من تلامذته السابقين وقد تبوأوا مواقعهم بفضل الخبرة التي اكتسبوها من العمل برعايته أو إلى جانبه، ما يعني بكل تأكيد بأن الخصوم الآن يمتلكون أقوى الأسلحة التي يمكن استخدامها في المعركة الانتخابية إضافة إلى أنه ولأول مرة في تاريخ إسرائيل تنقسم المعسكرات بهذا الشكل فالخيارات واضحة الآن وهي بين المؤيد والداعم لحكم نتنياهو المستمر منذ أكثر من ثلاثة عشر عاما وبين المعارض الناقم على نتنياهو وسياسته الداخلية، فقد أصبحت الخارطة السياسية واضحة الآن فمن سيصوت لليكود والأحزاب اليمينية المتدينة هو بكل تأكيد يؤيد بقاء نتنياهو بالحكم ولأجل غير مسمى، ومن سيصوت للأحزاب الأخرى بكل تأكيد هو لا يريد بقاء هذا الرجل بالحكم لفترة إضافية أخرى. لكن الأمر الأهم من هذا كله هو هل تستطيع إسرائيل الخروج من مأزقها هذا؟ وهل ستكون هذه الانتخابات هي الأخيرة في سلسلة الانتخابات المبكرة في إسرائيل التي لم تعرف الاستقرار السياسي منذ ما بعد العام 1977 وهو العام الذي حدث فيه الانقلاب الكبير واستطاع مناحيم بيغن وحزب الليكود هزيمة حزب العمل السابق؟

هذا الاستقرار الذي لن تنعم به هذه المرة أيضا فما زالت الانقسامات والتباينات تضرب المجتمع الإسرائيلي وما زالت حالة العداء الشديد بين مكونات المجتمع الإسرائيلي مستمرة، فلأول مرة تعاني إسرائيل انقسامات حادة بهذا الشكل ففي مختلف فئات المجتمع الإسرائيلي تجد التباينات والاختلافات بالإضافة إلى ما خلفته حقبة نتنياهو السابقة من غرس للكراهية والعداء لبعض المدافعين عن تطبيق القانون والذين يرفضون فكرة توريث الحكم أو بقاء شخص معين في سدة الحكم لأكثر من فترتين انتخابيتين.

لذلك فإن الانتخابات المزمع إجراؤها في 23/3/2021 لن تأتي بجديد على الساحة السياسية وسيعود من ينافس الآن للجلوس معه على طاولة الحكومة مجددا وحتى وإن لم يتم الجلوس معه فهو ذاته من سيعمل على إغراق بعض الوجوه الجديدة بالخلافات والانقسامات الداخلية وحتى وإن لم يستطع ذلك فلغاية الآن لا يحتمل حصول أي تطور سياسي ما دامت المحاكم الإسرائيلية لم تتخذ قرارا حاسما وملزما بالإطاحة ببنيامين نتنياهو من الحكم وتشكيل حكومة أخرى.

عن "الدستور" الأردنية