نابلس - خاص - النجاح الإخباري -  في ظل الأزمة السياسية التي تعيشها دولة الاحتلال والادارة الأميركية، والخلافات التي تعصف فيما بينهما لتمرير صفقة القرن، والشروع فيما يعرف بقرار الضم الاسرائيلي المدعوم من الادارة الأميركية، يسارع السفير الأميركي في دولة الاحتلال لحث "نتنياهو" على الضم، فيما كشفت القناة 20 العبرية أمس أن الخلافات وصلت ذروتها ما بين مستشار ترامب، وصهره كوشنر، والسفير الأميركي في دولة الاحتلال، ديفيد فريدمان، حيث دعا كوشنر وفق الصحيفة إلى التريث، فيما يصر فريدمان على الاسراع في قرار الضم ويحث نتنياهو على تنفيذه بأقصى سرعة، لكن الخلافات خرجت من بين الأروقة السياسية إلى العامة، وتداولها الاعلام، الأمر الذي دعا حكومة الاحتلال والادارة الأميركية للبحث عن صيغ جديدة من أجل تمرير الصفقة المشؤومة، تكمن في الاعلان عن كيان فلسطيني يرتقي لدولة فلسطينية مستقلة على المقاس "الاسرائيلي".

وبالإشارة إلى ما سبق في مقدمة التقرير، يرى الكاتب والمحلل السياسي المختص في الشأن الاسرائيلي، د. هاني العقاد، أن هذه اللغة التي تستخدمها بعض الاوساط السياسية في دولة الاحتلال، وخاصة بيني غانتس وغابي اشكنازي، الذي يقوم بهذا الدور، وحديث نتنياهو عن دولة فلسطينية بالمقاس الاسرائيلي لن يصدق ولن يلتفت له احد من العرب او الفلسطينيين.

وأوضح في تحليل لـ"النجاح الإخباري" أن ما يدور هو توافق "أميركي-اسرائيلي" مهم يحمل رسائل لكل من الفلسطينيين والعرب عن رغبة الولايات المتحدة وبعض اقطاب في حكومة الاحتلال الاسرائيلية لوضع افاق للصفقة التي تنتهي بإقامة دولة فلسطينية على مساحة ما من الضفة الغربية لا تبتعد كثيراً عن تفاصيل ما حملته الصفقة، ودون مزيد من التفاصيل حول طبيعة هذه الدولة.

وأشار إلى أن هذا الحديث جاء قبل شروع نتنياهو في تنفيذ خطة الضم والتي باتت تعني  انتهاء حل الدولتين رسميا وانهاء وجود السلطة الفلسطينية عمليا على الارض وانتهاء مصطلح اراض العام  1967 وتصفية كل قضايا الصراع، مشيرا إلى أن ان الضم فعليا يجري ببطء وتدرج وفي هدوء وصمت محسوب إسرائيليا . 

وبين أن الولايات المتحدة الأميركية كانت قد صنفت السلطة الفلسطينية قبل ايام بـ"دولة" وادرجتها ضمن قائمة الدول التي يتم فحص معايير ادارة الاموال فيها كأي دولة اخري في العالم، وأن سفير دولة الاحتلال في واشنطن "رون دريمر"  قد كتب مقالا مهما نشره في صحيفة "واشنطن بوست" قال فيها  إن "إسرائيل" لن تطبق السيادة على المناطق المخصصة لدولة فلسطينية مستقبلية بموجب خطة ترامب، واضاف ان "اسرائيل" ستكون ملزمة بعدم البناء في المناطق المخصصة لدولة الفلسطينيين، وكانت صفقة ترامب جاءت لتعطي الفلسطينيين دولة على اراضيهم، نافيا بذلك التعرض لمبدأ حل الدولتين، ولو بكلمة واحدة، وكأن حل الدولتين بات منسوخا من القواميس السياسية "الاسرائيلية-الامريكية"، وأضاف، بل إن الادارة الامريكية لم تأتي ولو بكلمة واحدة صريحة على موضع انهاء الصراع على اساس حل الدولتين، واقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود العام 1967، وأوضح أن ما ترمي اليه ادارة ترامب في الوقت الحالي وشركاء نتنياهو من وضع تحسينات على صفقة القرن ليقبلها الفلسطينيين وتقنع القوى الاقليمية اي حلفاء "اسرائيل وامريكا" من العرب أن هناك شيئا مفيدا للفلسطينيين في النهاية وبالتالي لا تعارض الضم او تقلل من ردة فعلها في حال تم الضم.

وتعتزم حكومة الاحتلال الإسرائيلية ضم ما يصل إلى 30% من الضفة الغربية المحتلة، وتستند في هذه الخطوة إلى خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي قوبلت برفض تام من الجانب الفلسطيني.

ونبه إلى أن الرفض الدولي والتحركات الشعبية الإقليمية والدولية، وقوى اليسار في دولة الاحتلال ضد الضم، دفعهم لأخذ مسار آخر وهو الحديث عن دولة فلسطينية تقرها الصفقة وأن "اسرائيل" والولايات المتحدة لن تسمح لنتنياهو بتطبيق ما يرى فيه مصلحة له ولمستقبله السياسي على حساب الصفقة، وان الحديث اليوم عن الدولة الفلسطينية يزداد يوما بعد يوم ليشكل سياسة امريكية اسرائيلية عربية متساوية الضغط على الفلسطينيين ليصوروا ان رفضهم للطروحات الامريكية خاطئ ويضيع امامهم فرصة لن تتكرر كباقي الفرص التي رفضها الفلسطينيين في السابق. 

وحذر من أن تظهر مع هذا الحديث مصطلحات مخيفة في اصلها مثل اعادة الفلسطينيين لطاولة المفاوضات مع الإسرائيليين بعد ان تنفذ دولة الاحتلال المرحلة الاولى من الضم ليتفقوا على مسار السلام المتبقي ان تبقى مسار سلام حقيقي.

ورأى العقاد أن هذا تكتيك مضلل ومدروس جيداً لجأت اليه دولة الاحتلال وادارة ترامب بعد موجة التحذير الكبيرة لدولة الاحتلال اذا ما اقدمت على ضم اجزاء من الضفة وبعد اعتبار الاردن ان الضم سوف يحدث صدام اردني اسرائيلي قد يجبر الاردن على طرد السفير وتخفيض العمل باتفاقية وادي عربة والانسحاب من اتفاقية الغاز.

أكدت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، يوم الاثنين، أن مخطط إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة "غير شرعي"، وأن "آثاره ستستمر لعقود"، وقالت في تصريح خطي: "الضم غير شرعي.. نقطة على السطر"، وأضافت: "أشعر بقلق بالغ من أنه حتى أقل شكل من أشكال الضم سيؤدي إلى زيادة العنف وخسائر في الأرواح".

ورجح الكاتب والمحلل السياسي المصري المختص في الشأن الفلسطيني، أحمد عاشور أن دولة الاحتلال، والادارة الأميركية لن يستطيعوا الاقدام على تنفيذ خطوات فعلية في صفقة القرن المطروحة بشكلها الحالي، ورأى أن محاولة التجميل التي تسعى لها الولايات المتحدة الأميركية واسرائيل، ليس إلا منفذ أو مخرج لحفظ ماء الوجه، الأمر الذي ترفضه فلسطين والدول العربية، بل العالم أجمع.

وأشار في تحليل لـ"النجاح الإخباري" إلى أن الولايات المتحدة لأميركية ودولة الاحتلال، يعلمون تماما قرارات الشرعية الدولية التي نصت على اقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967، واعترف بها العالم أجمع.

ويعتبر الاتحاد الأوروبي بما فيه ألمانيا ضم دولة الاحتلال لمناطق فلسطينية مخالفا للقانون الدولي.

وأعلنت السفيرة الألمانية لدى دولة الاحتلال سوزانه فاسوم راينر، أن ضم دولة الاحتلال لمناطق فلسطينية محتلة سيثقل كاهل العلاقات الإسرائيلية مع الاتحاد الأوروبي، وذكرت في تصريح لإذاعة قوات الاحتلال: إن "الاتحاد الأوروبي لن يعترف بتعديلات الحدود".

ولفت إلى أن دول العالم، بما فيها دول الاتحاد الأوروبي، لن تسمح بإقامة دولة فلسطينية على جزء من الاراضي المحتلة، أو الاراضي التي أقيمت عليها السلطة الوطنية الفلسطينية، بل تسير وفق ما أقره القانون الدولي والقانون الدولي الانساني والتي تحفظ الحقوق الفلسطينية المشروعة دون انتقاص.

ونبه إلى أن المطلوب حاليا توسيع نطاق الحراك الدولي على مستوى شعوب العالم وحركات التحرر لفضح الممارسات "الاسرائيلية" التعسفية، وفضح دعم ادارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، للمخالفات القانونية التي ترتكبها في ذلك، وتشكيل لوبي شعبي ضاغط على مستوى العالم لإعادة الأنظار إلى القضية الفلسطينية، ووقف مهزلة "الضم" التي تسعى لها حكومة الاحتلال، والادارة الأميركية.

يشار إلى أن "القناة 20" العبرية كشفت مساء أمس الأحد عن وجود  خلافات كبيرة بين غاريد كوشنر مستشار الرئيس ترامب، وديفيد فريدمان سفير واشنطن في تل ابيب بشأن خطة الضم، ونقلت القناة عن مصادر عبرية وصفتها بالرفيعة قولها إن هناك خلافات بين كوشنر وفريدمان ، حيث من المرجح تأجيل تنفيذ خطة الضم "الاسرائيلية" الى اسابيع وربما أشهر قادمة، وبينت أن كوشنير طلب التأجيل خشية أن يقوم الفلسطينيون بإعلان دولة ونيل اعتراف دولي، بينما يضغط فريدمان على نتنياهو بجنون لتنفيذ فوري للضم، فيما أكدت الرئاسة الفلسطينية رفضها مخططات الضم الأمريكية والإسرائيلية لأراض فلسطينية بكافة أشكالها.