نبيل عمرو - النجاح الإخباري - يذكرنا غياب أبو اياد وأبو الهول والعمري بالمستوى القيادي المتفوق على مستوى فتح أولا وعلى مستوى الثورة الفلسطينية عموما.

أبو اياد صلاح خلف كان اسما وفعلا يؤمن للظاهرة الفلسطينية حضورا قويا مؤثرا على كل الساحات ، وكان نموذجا للقيادي الذكي الذي لم تكن مرونته المدروسة عبئا على صلابته وتمسكه القوي باهداف النضال الوطني الفلسطيني، لم يكن مجرد عضو في قيادة فتح او رئيس لجهاز امن الثورة، بل كان قطبا يحسب له حساب حين يذكر اسمه في أي محفل او منتدى او مؤتمر، كان الاجرأ في اعلان المبادرات التي يتوقع ان يثور جدل حولها، فهو الذي اعلن من على منبر المجلس الوطني قرار الثورة الفلسطينية باعتماد مبدأ الأرض مقابل السلام، وحين يعلن قائد بوزن صلاح خلف قرارا كهذا ومن على منصة برلمان الشعب الفلسطيني، فقد كان صعبا على المزايدين ان يشككوا في صدقية القرار وقوة الإعلان وفاعلية الأدوات التي ستطبقه.

لم يكن كما احب البعض تصويره كرجل امن على أهمية دوره الأمني المميز، بل كان رجلا استراتيجيا يؤدي ادوارا أساسية في اطار ثورة وقفت ندا لكل الذين حاولوا قتلها او حصارها او اسكات صوتها .

في زمنه زمن ياسر عرفات وخليل الوزير وخالد الحسن وغيرهم من الكبار المؤسسيين، كان كل قائد من وزنه جبهة قائمة بذاتها ما كرس الثورة الفلسطينية كمحور مؤثر في المنطقة ولاعب قوي على المستوى الدولي.

نجا أبو اياد من محاولات عديدة لقتله جسديا ومعنويا ولعل ذروة عطاءه وابداعه كان في معركة بيروت المجيدة حين تنقل وعلى مدى ثمانية وثمانين يوما بين الخنادق والمواقع الخطرة وكأنه واحد من المقاتلين اكثر من كونه واحدا من القادة اللامعين.

عظمة أبو اياد اننا في كل مأزق وفي كل حصار نتذكره ونتمنى لو انه بيننا

وعند تذكر واقعة الاستشهاد نتذكر هايل عبد الحميد الذي التحق بالصف الأول بعد جيل المؤسسين التاريخيين مباشرة، كان مهندس العلاقة بين الثورة الناشئة في منتصف الستينيات والسبعينيات مع مصر عبد الناصر، كان يتابع بدأب كل صغيرة وكبيرة في العلاقة بين الثورة وزعيم الامة ولهذا كان ركنا أساسيا حتى قبل ان يلتحق بالاطار الأعلى، لم يكن سهلا التصدي والنجاح في إدارة علاقة بين كيان ثوري ما يزال في طور الولادة وبين اكبر دولة عربية واكبر زعيم.

تولى هايل عبد الحميد مسؤولية امن فتح في بيروت التي كانت توصف بعش الدبابير وادى دوره بكفاءة وبتعاون تفصيلي مع أبو اياد المسؤول الأعلى لامن الثورة كلها.

حين يغادرنا قادة بهذه المواصفات وبهذا الوزن نصر على ان يظلوا احياء ليس في ذاكرتنا فقط وانما في تجاربنا حين تفرض علينا أيام صعبة.

 في كل أيام الخطر لم يغادر هايل عبد الحميد خندقه المتقدم الى ان شائت الاقدار ان يستشهد في نفس الموقعة التي استشهد فيها أبو اياد وثالثهم فخري العمري الذي عمل مساعدا للاثنين في فترات متفاوتة

رحم الله شهدائنا واسكنهم فسيح جناته.