هاني حبيب - النجاح الإخباري - بعد استقالة أو اقالة أو عزل جون بولتون المستشار السابق للأمن القومي الأمريكي قبل أيامٍ قليلة، يمكن القول أنّ رئيس الحكومة الاسرائيلية نتنياهو فقد أحد أهم اصدقائة ومريديه، مع أنّ العلاقة الوطيدة بين نتنياهو وترامب تعتبر هي الأكثر أهمية، إلاّ أنه يتوجب إعادة النظر في هذا الاستخلاص، وبمراجعة مواقف بولتون على صعيد السياسة الخارجية الأمريكية، لأمكن أن نرى بوضوح لا يقبل التأويل أنه أكثر قرباً لنتنياهو من رئيسه والأكثر تشدداً وميلاً إلى الحروب الدموية، فرغم عنجهية وتطرف ودموية ترامب إلاّ أنه أبدى العديد من المواقف الأقل تطرفاً قياساً بمستشاره السابق، ويعود ذلك بدرجة أساسية إلى أنّ من يتحمّل مسؤولة هذه المواقف هو الرئيس أولاً وأخيراً، خاصة أن هذا الرئيس ليس كأي رئيس، ذلك أنه مقدم على انتخابات حاسمة العام القادم وهو يحاول أن يجمع النقاط من هنا أو هناك لتأكيد فوزه إلى ولاية ثانية.

عارض بولتون ما كان يعارضه نتنياهو وما يزال، مفاوضات مع كوريا الشمالية، مفاوضات مع طالبان، مفاوضات مع إيران، بل أنه دعى مثله مثل نتنياهو إلى توسيع دائرة العقوبات مع ايران تمهيداً للحرب عليها، ويقال وفقاً لبعض آراء الصحفيين الأمريكيين أنه كان قد دعم إنقلاب منظّم ضد الرئيس الفنزويلي نيكولاس ما دورو، إلاّ أن هذا الانقلاب قد فشل مما أدّى إضافة إلى أسباب عديدة إلى قيام ترامب بمراجعة حول العديد من مبادرات ونصائح ومواقف مستشاره السابق الحربية والدموية إلاّ بما في ذلك تشجيع إسرائيل للولايات المتحدة بشن حرب دموية ضد إيران ووفقاً لهذا الأمر فإن التصعيد الذي شهدته الجبهة الشمالية مع الاحتلال الاسرائيلي في العراق وسوريا ولبنان كان بالتنسيق مع بولتون بهدف إيجاد مبررات لإقناع ترامب على شن حرب على إيران غير أنّ تضارب المصالح الإنتخابية بين ترامب ونتنياهو أدّت إلى صرف النظر عن هذه الخطة.

تراجع ترامب عن توجيه ضربة مدروسة ضد إيران، بعد أن قامت هذه الأخيرة بإسقاط إحدى الطائرات الأمريكية المسيرة في الخليج العربي، كانت إحدى الخطوات التي أشارت إلى أن تحالف بولتون - نتنياهو لم ينجح في دفع ترامب وإقناعه بتوجيه مثل هذه الضربة، ويقال أنّ سبب تراجع ترامب يعود بدرجة أساسية إلى توصله إلى قناعة من خلال تجربة طويلة نسبياً بأن تحالف نتنياهو بولتون منساق وراء مصالح تتعارض مع مصالحه خاصة وهو يتطلع إلى ولاية ثانية في البيت الأبيض وحينها بدأ ترامب بصم إذنيه لمستشاره الصقري الدموي إلى أن تخلص منه في نهاية الأمر، وهذا ما أفقد نتنياهو الصديق الأكثر وفاءً بالمصالح الاسرائيلية حتى من ترامب نفسه.