غزة - متابعة خاصة - النجاح الإخباري - في قلعة الجنوب الراسخة بعبق التاريخ، وتحديدًا في محافظة خانيونس، تقام إحدى أهم حاضنات الآثار الخاصة التي نصبت نفسها حاميًا للتاريخ الفلسطيني، فعملت على حمايته من الطمس والضياع، في مساحة لا تتجاوز 350 متر.

في متحف الباحث في علم الآثار والتاريخ الفلسطيني، وليد العقاد، نرى قطعاً أثرية عديدة، تعود أقدم قطعة فيها إلى الفترة الكنعانية، يتكون المتحف من عدة أقسام، أولها هو قسم التراث الذي يوجد بين أركانه الأثواب الفلسطينية الخاصة بكل قرية من قرى فلسطين، وأيضًا المقتنيات التي كانوا يستخدمها آباؤنا وأجدادنا، ويُصنف هذا القسم تحت مسمى "العصر الكنعاني".

وإذا ما تجولنا أكثر في أقسام المتحف، سنجد قسم "العصر الحديدي"، الذي تعود مقتنياته إلى عام 1200 قبل الميلاد، ثم سننتقل إلى قسم "العصر اليوناني"، عام 2332 قبل الميلاد، و"العصر الروماني" 63 قبل الميلاد، وأخيراً العصر البيزنطي 1650 قبل الميلاد، والذي يحوي أعمدة من قصر الملكة إيلانا وغيره من الأدوات.

أُسس العقاد هذا المتحف قبل 42 عاماً، يقول العقاد: "عندما كنت أرى الاحتلال وعلى رأسه الإسرائيلي الراحل موشي ديان، يقوم بنفسه بالتنقيب وسرقة هذا التراث مع طاقم خاص في مناطق عديدة من قطاع غزة مثل منطقة تل زعرب في مدينة رفح، ومنطقة أم عامر في النصيرات وغيرها من المناطق، كانت الغيرة الوطنية تأكلني لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذا الإرث الفلسطيني الضائع".

ويضيف العقاد: "أسست هذا المتحف سراً في ظل الاحتلال الإسرائيلي لغزة خوفاً، حيث كنت دائمًا أقوم بالتنقيب والبحث عن آثار عندما يقوم الاحتلال بتجريف هذه المناطق ودخولها عنوة، فهذه المناطق مرتفعة عن سطح البحر وكانت الحضارات القديمة تسكن بها حتى يتسنى لها رؤية العدو من مساحات بعيدة".

ولا يكتفي العقاد بجمع هذه القطع عبر التنقيب فقط، بل يقوم بشرائها أيضاً من الناس الذين يحصلون عليها، مهما كلفه الثمن.

يستذكر العقاد أحد المواقف التي دفعته للتشبث في حفظ الآثار: "ذهبت في رحلة مدرسية إلى مصر لمشاهدة الآثار مع 15 طالباً آخر، ورأيت حضارة مصر ابتداء من الأهرامات، مروراً بالباب الحربي، هذه المتاحف والحضارة العريقة بمصر أثارت اهتمامي للبحث بحب عن حضارة وطني، فنحن أصحاب تاريخ أيضاً".

ويؤكد العقاد أن المتحف لقي اهتمام كبير من قبل العالم، وتوافد إليه السُياح من مختلف أنحاء العالم، وهذا ما دعا إلى تكريمه من الرئاسة باعتباره من رواد فلسطين، كما أنه تلقى مساندة كبيرة خلال زيارة الوفد المصري لهذا المتحف وعلى رأسهم رئيس قسم الاثار في جامعة القاهرة، والذي قدم له دعوة لزيارة مصر من أجل اقامة دورة تعليمية لمعرفة العمر الزمني لأي قطعة عن طريق مادة كربونية تحسب طبقات العينة، ومن خلال تحديد هذه الطبقات يتم معرفة هذه القطعة الاثرية تعود لأي زمن.

ويختم العقاد بالقول: "عمر هذا المتحف 42 عاماً، حيث خرج إلى النور بعد اتفاقية أوسلو وقدوم السلطة الوطنية الفلسطينية إلى غزة، وتبرعت بقطعة أرض لتوسعته لتأخذ كل قطعة، ويأخذ كل زائر، حقه في المُشاهدة".