غزة - هاني ابو رزق - النجاح الإخباري - أثناء سيرك على الطرقات تستوقفك رسومات تشدّك لتفسير فحواها وفك رموزها،  على الأرضيات والطرقات والأرصفة، هي بصمات ليست لفنان عابر مرّ من المكان أو حتى شخص أراد أن يترك أثره هناك.

وتصيبك الدهشة إذا علمت أنَّ رسامها هو صاحب بسطة أراد أن يمارس هوايته بالقرب من مكان رزقه.

 مع ساعات غروب الشمس، يبدأ الشاب معاوية عاشور هوايته في الرسم بالفحم والتي عشقها منذ صغره، يلتقط الفحم بأنامله وينشغل في رسوماته واحدة تلو الأخرى، لتحمل رونقًا خاصًا ومميّزًا يسر الناظرين.

عاشور أنهى دراسته الثانوية ولم يتمكن من مواصلة تعليمه الجامعي نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزَّة، اتّجه للعمل في مهنة السباكة، ومن ثمَّ مهنة البناء والزراعة، إلا أنّه منذ ست سنوات افتتح بسطة صغيرة خاصة به، يعمل بها برفقة خمسة آخرين، يسدون به رمقهم ويطعمون من خلالها ذويهم.

 

على بسطة لبيع الشاي والقهوة والأراجيل على كورنيش بحر غزة، يعمل عاشور البالغ من العمر (24) عامًا على تقديم المشروبات للزبائن والمارة، وفي وقت فراغه هناك يرسم أجمل الرسومات التي تنطق بالأمل والحياة أمام بسطته، ما يجذب المارّة لمشاهدته والوقوف أمام روعة موهبته.

جذب انتباه الزبائن هو غاية عاشور، وفعلًا بسطته أصبحت مميزة عن مثيلاتها بنفس المكان، إضافة لإطلالتها على شاطئ بحر غزة، المتنفس الوحيد لأهالي القطاع في ظلِّ الحصار الخانق.

وتنوعت الأشكال التي يرسمها عاشور بالفحم، منها صور لبعض الشخصيات الوطنية، مثل الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والثائر الكوبي تشي جيفارا، والرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك الذي اشتهر بتضامنه مع القضية الفلسطينية، إضافة لرسم الخدمات التي يقدمونها من الأراجيل وأواني الشاي والقهوة، وبعض الورود التي ترمز للحب.

وفي حديث له مع "النجاح الإخباري"،قال عاشور:"هدفي الأساسي من الرسم هو جذب الزبائن الذين يمرون من أمام البسطة الخاصة بي، فعندما يشاهدها المارة تستوقفهم مشاهد تلك الرسومات لالتقاط الصور معها، وفيها فرصة للترحيب بهم ودعوتهم لتناول المشروبات الساخنة بمذاقها الرائع ".

وتابع عاشور وهو يفترش الأرض: "ليس شرطًا أن تكون رسوماتي معروفة للناس، فأنا أريدهم أن يشاهدوها بكل تركيز وتمعن وأن يبحثوا في تلك الشخصيات، مشيرًا إلى ضرورة تنمية الإنسان لهوايته من خلال ممارستها بغض النظر عن المكان والإمكانيات.

 زبائن عاشور اعتادوا التجمع حول بسطته والتقاط صور السفلي مع الرسومات بالفحم.

تقول الفتاة ميار حامد وهي إحدى الفتيات اللواتي استوقفتهن رسومات عاشور: " شاهدت الرسومات صدفة أثناء السير مع صديقاتي، حينها قلت لهن توقفن يا زميلات، فقد كنت أريد التقاط بعض الصور من أجل نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بي، مشيرة إلى أنَّها للمرة الأولى التي تشاهد فيها مثل هذه الرسومات الجميلة، حيث أذهلتها طريقة ومكان رسمها.