وفاء ناهل - النجاح الإخباري - في إطار سعي السلطة الفلسطينية للضغط على إسرائيل، بعد قرار الأخيرة اقتطاع ما قيمته 138 مليون دولاراً من عائدات الضرائب، تجدد الحديث عن سعي الحكومة للتخلص من عملة الشيكل الإسرائيلي، والبحث عن بديل آخر من خلال عدَّة خيارات أبرزها إصدار عملة محليّة، أو الاستعانة بعملة رقميَّة، ضمن خطط السلطة الفلسطينية للانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل.

حديث لم يكن بالجديد، فقد طرحته السلطة في اجتماع المجلسين الوطني والمركزي منتصف العام الماضي، وشكَّلت لجنة منبثقة عن هذا الاجتماع لدراسة هذا الخيار ومدى إمكانية تطبيقه على الأرض، ولكن هل يمكن للفلسطينيين الخلاص من الشيكل الإسرائيلي؟

رسالة سياسية

الخبير الاقتصادي طارق الحاج أكَّد أنَّ هذا الحديث بمثابة رسالة سياسة ورفض لواقع الحال السياسي والاقتصادي المرير الذي تعيشه القيادة والشعب الفلسطيني، وحتى لو قبلت إسرائيل بإصدار عملة فلسطينية، السؤال الأهم ما العملة الني سيتم اعتمادها؟، كما أنَّ تكلفة إيصالها للأراضي الفلسطينية ستكون مرتفعة، إضافةً لتداخل الاقتصاد الفلسطيني مع الإسرائيلي، فحقنا في المقاصة التي تدفع بالشيكل الاسرائيلي، والسلع والتجارة البينية أيضاً، لذلك فإنَّ إمكانية الانفكاك في هذه الظروف مستحيلة ليس من ناحية سياسة فقط، وإنَّما من ناحية تقنية وفنية".

وتابع الحاج في حديث لـ"النجاح الإخباري": ليس بالضرورة أن يكون إصدار العملة الوطنية شرطاً لتعزيز الاقتصاد أو تشجيع الاستثمار، لأنَّ إصدار العملة يجب أن يكون مدعوماً بمقومات؛ لتكون ذات قيمة، ولذلك يجب أن تستند لمجموعة معطيات، من ناحية القوة الإنتاجية لتعزيز الميزان التجاري، وأن يكون هناك احتياط من العملات الأجنبية والذهب، وهذا غير وارد ولذلك في حال تمَّ إصدار عملة لن تكون محفزة للمستثمرين".

وأضاف: "إسرائيل نسفت برتوكول باريس الاقتصادي، إلا فيما يتعلَّق بالبنود التي تخدمها، فهي من خلال هذا الاتفاق يحق لها أن تعترض على إصدار أي عملة فلسطينية، بالرغم من ذلك السلطة الفلسطينية صرَّحت بأنَّها لن تتعامل باتفاق باريس، لكن إمكانية التطبيق على الأرض تختلف تمامًا، لأنَّ الأقوى اقتصاديًّا هو الذي يفرض".

كما أنَّ إسرائيل ستتضرَّر من إصدار عملة فلسطينية لهذا السبب كانت حذرة عند توقيع بروتوكول باريس لأنَّ إصدار العملة الوطنية استكمال للسيادة على الارض، كما وتعزّز السيادة الاقتصادية والتبادل التجاري وشعور بالاستقلال المالي، لذلك إسرائيل لن تقبل بهذا الأمر".

تبعات مدمرة على الاقتصاد الفلسطيني

من جهته قال المحلل السياسي جهاد حرب:"  لن تسمح إسرائيل بإصدار عملة فلسطينية، لأنَّ هذا الأمر بمثابة انفكاك اقتصادي، كما أنَّ قدرة  الاقتصاد الفلسطيني، على استخدام عملة وطنية يكاد يكون معدومًا، فالأموال التي يمكن أن تتوفّر من دينار ودولار ستكون محدودة وستتحكم بها إسرائيل، باعتبارها المعبر الرئيس لهذه العملات كما أنَّه من الصعب أن تتوفَّر العملة المعدنية في الأسواق الفلسطينية".

 وأضاف في حديث لـ"النجاح الإخباري": كما أنَّ الاستقرار الأمني والسياسي من أهم العوامل لتكوين اقتصاد قوي لعملة فلسطينية، إضافةً لما يقال في سياق استخدام عملة افتراضية، فمن الصعوبة سياسيًّا الذهاب لهذا التحول دون تغييرات سياسية جذريّة".

وتابع حرب: "هذا الأمر بمثابة تهديد سياسي بالانفكاك الاقتصادي، لكن إذا ما حدث فعلاً فتبعاته ستكون مدمرة على الاقتصاد الفلسطيني، ما لم يكن هناك دراسة معمَّقة، ويجب إعادة النظر بكلِّ التصريحات في هذا السياق؛ لأنَّ تبعاته ليست بالبسيطة".

ويعتبر الشيكل الإسرائيلي واحدًا من ثلاث عملات أساسية متداولة في السوق الفلسطيني إلى جانب الدولار الأمريكي والدينار الأردني، في حين تتم المعاملات الرسميَّة داخل مؤسسات السلطة بالشيكل بما فيها رواتب موظفي السلطة والعمال الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، وهو بذلك يستحوذ على (80%) من السيولة النقدية داخل الاقتصاد الفلسطيني.