وكالات - النجاح الإخباري - تناول الباحث في الشؤون العسكرية والأمنية كايل ميزوكامي في مقالة له في موقع "ذا ناشيونال انترست" الأميركي مسألة تجهيز "إسرائيل" لغواصاتها من نوع "دولفين" الألمانية الصنع بأسلحة نووية تمكّنها من ضرب المدن الإيرانية والرد بضربة انتقامية ثانية في حال تعرضت المدن "الإسرائيلية" لأي ضربة نووية.

وإذ يكشف المقال عن تسلح "إسرائيل" النووي السافر في وقت تقيم الدنيا بدعايتها وتحريضها ضد المشروع النووي السلمي الإيراني وغيره من المشاريع العربية النووية للأغراض السلمية، فلا يستبعد أن يكون المقال أيضاً يدخل ضمن الحرب النفسية الإسرائيلية لترهيب إيران والدول العربية والإسلامية من خيار "شمشوم" الإسرائيلي القاضي باستخدام الأسلحة النووية في أي حرب وجودية.

يقول ميزوكامي إن "وحدة الغواصات الإسرائيلية هي قوة صغيرة ذات سر كبير مفتوح: فهي، في جميع الاحتمالات، مجهزة بأسلحة نووية. وتمثل الغواصات الخمس التي تنتمي لفئة "دولفين" أساس الانتصار لـ"إسرائيل"، وهي الضامن المطلق لأمنها، وهي تضمن أنه في حال هُوجمت "إسرائيل" بأسلحة نووية، ويمكن لهذه الدولة الصغيرة أن ترد الضربة بالسلاح النووي نفسه".

وأشار الكاتب إلى أن "إسرائيل" قد انتهت من إنتاج أول أسلحة نووية لها في أوائل سبعينيات القرن العشرين، ونشرت قنابل نووية تسقط من الطائرات وصواريخ باليستية نووية سمّتها "أريحا". وقد دفعت حرب الخليج عام 1991، عندما أطلق الرئيس العراقي صدام حسين أنذاك صواريخ "سكود" و"الحسين" الباليستية على المدن الإسرائيلية، "إسرائيل" للاستخلاص بأنها تحتاج إلى ثالوث نووي حقيقي قائم على رؤوس صواريخ تطلق جواً وبراً وبحراً، لإعطاء الردع النووي لدولة "إسرائيل" أقصى قدر من المرونة والقدرة على البقاء.

ويصيف الكاتب أن الذراع الأكثر قدرة على البقاء من الثالوث النووي هو الذراع البحرية في الغالب، وهو يتكون من غواصات مسلحة نووياً. إذ يمكن أن تختفي الغواصات لأسابيع أو حتى لأشهر، حيث تستقل طريقاً للدوريات عالية السرية في انتظار أوامر إطلاق صواريخها. وهذا الذي يسمّى بـ"القدرة على الضربة الثانية" مبني على مبدأ الردع النووي ويضمن أن الأعداء المحتملين سيفكرون مرتين قبل الهجوم، نتيجة معرفتهم بأن غواصات "إسرائيل" ستكون قادرة على تنفيذ هجمات انتقامية.

ويتابع المقال أنه قد تم الترخيص للغواصات الثلاث الأولى قبل حرب الخليج في عام 1988، على الرغم من أنه من غير الواضح أنها عندما صنعت قد أُخذ بعين الاعتبار أنها ستكون مجهزة بأسلحة نووية. فبعد سنوات من التأخير بدأت صناعة هذه الغواصات في ألمانيا بدلاً من الولايات المتحدة كما كان مقرراً في الأصل، مع أنظمة القتال الألمانية بدلاً من الأنظمة الأميركية. والأهم من ذلك، مضى المشروع قدماً بتمويل ألماني. فبرلين، بحسب ما نقل، شعرت بأنها ملزمة بتمويل اثنتين من الغواصات، وتقسيم الثالثة بسبب التساهل الألماني في تطبيق حظر الانتشار النووي حيث ساهمت ألمانيا ﺟﺰﺋﻴﺎً في برنامجي الأسلحة اﻟنووية والكيميائية اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ.

الغواصات الثلاث الأولى، دولفين، ليفياتان وتيكوما، قد تم وضعها في بدايات تسعينيات القرن العشرين، ودخلت الخدمة بين عامي 1999 و2000. والغواصات هي بطول 187 قدماً، ويمكنها حمل 1720 طناً مغمورة ويمكنها العمل في عمق 1148 قدماً. تتضمن أجهزة الاستشعار مجموعة سونار أطلس إلكترونيك إس سي يو -90-1 مع أنظمة الإبراق (سونار) السالب DBSQS-21D وAN 5039A1. كما تتميز فئة غواصات الدولفين أيضاً بسلسلة أجهزة سونار PRS-3-15 ذات المدى السلبي وصفائف FAS-3-1.

وكل منها يحتوي على عشرة أنابيب طوربيد في المقدمة، وستة أنابيب قياسية قطرها 533 مليمتراً وأربعة طوربيدات أكبر من 650 مليمتراً.

إن أنابيب طوربيد الأكبر حجمًا أوسع بقدمين، والتسليح فيها هو خليط من الأسلحة الألمانية والأميركية والإسرائيلية، بما في ذلك طوربيدات "سيهايك" ذات الوزن الثقيل الموجهة وصواريخ مضادة للسفن من طراز "هاربون". يزعم تقرير Combat Fleets of the World العسكري أن غواصات "دولفين" قد تمتلك نظام "تريتون" للأسلحة الموجهة بالألياف البصرية. ويسمح هذا النظام، الذي يعمل بمدى أكثر من تسعة أميال، للغواصات بالقدرة على مهاجمة المروحيات والسفن السطحية والأهداف الساحلية.

إن أنابيب الطوربيد الأربعة الكبيرة هي الأساس في رادع "إسرائيل" البحري، ومن دونها من غير المحتمل أن يكون لديها أسلحة نووية على الغواصات. فالأنابيب الكبيرة لا تستخدم لغرض زرع الألغام وإرسال واستقبال غواصين فحسب، ولكن أيضاً لإطلاق صواريخ "كروز" النووية. في عام 2000، لاحظت البحرية الأميركية إطلاق صاروخ من ساحل سريلانكا الذي سافر ما يقدر بـ932 ميلاً. بالضبط ما كان هذا الصاروخ هو مسألة تكهنات، ولكن المرشح الرئيسي هو شكل من أشكال متقدمة من صاروخ "بوباي" Popeye .

كان "بوباي" في الأصل صاروخًا أرضيًا يُطلق من الجو. وقد تم تطوير Popeye في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، وكان يستخدم في الأصل كاميرا تلفزيونية أو ساعٍ لنقل رأس حربي يبلغ وزنه 750 رطلاً ويصل إلى خمسة وأربعين ميلاً. واشترت القوات الجوية الأميركية 154 صاروخاً من طراز "بوباي" Popeye لتسليح مقاتلات B-52 للهجمات التقليدية، وإعادة تسميته بـ" إيه جي أم –رابتور 142" AGM-142 Raptor . ويُعتقد أن الردع النووي الإسرائيلي يقوم على صاروخ "كروز" هو نسخة من "بوباي" Popeye ، هو "بوباي توربو"Popeye Turbo ، الذي يملك محركًا توربينيًا للطيران مسافات طويلة.

هناك أيضا إمكانية أن التسلّح النووي الإسرائيلي يستند إلى صاروخ غابرييل المضاد للسفن، وهناك أيضاً تقارير عن أن صواريخ "هاربون" تم تعديلها لحمل الأسلحة النووية. لا أحد يعرف على وجه اليقين ما هو الصاروخ الذي يتم استخدامه، إلا أنه لوحظ أن تجهيز هذه الصواريخ بأسلحة نووية هو استنتاج منطقي. إن مفعول الرأس الحربي النووي على هذه الصواريخ غير معروف، لكن التقديرات تحوم حول قوة مئتي كيلوطن، الأمر الذي سيجعلها أكثر قوة بـ14 مرة من القنبلة التي سقطت على هيروشيما.

يقول الكاتب إنه مهما كان الصاروخ، فمدى 932 ميلاً يعطيه القدرة، بالكاد، لضرب العاصمة الإيرانية طهران، وكذلك مدينة قم المقدسة وشمال مدينة تبريز، من موقع قبالة سواحل سوريا. وهذا ليس هو الوضع المثالي لإطلاق النار، وقد مرت سبعة عشر عامًا منذ أول تجربة صاروخية له، لذا من المنطقي أيضًا الافتراض أن نطاق السلاح تم تمديده إلى الحد الذي يمكن إطلاقه ضد طهران وحتى المزيد من المدن الإيرانية من مكان آمن نسبيًا.

ويشير الكاتب إلى أن "من المحتمل أن يكون سعي إيران لامتلاك أسلحة نووية هو المحرك الرئيسي والثابت لسعي "إسرائيل" كي تكون لديها القدرة على الضربة الثانية" الانتقامية.

يضيف المقال أن وجود ثلاث غواصات تعمل، يعني أن واحدة على الأقل هي في البحر في أي وقت معين، وهو أمر ضروري لرادع نووي يستند إلى البحر. يقال إن فئة الدولفين تحمل ما يصل إلى ستة عشر طوربيدًا وصاروخًا. فإذا كانت المهمة الأولى للغواصات هي الردع النووي، فقد يتم تخصيص نصف أسلحتها لحمل الأسلحة النووية. ويخلص الكاتب إلى أن النتيجة هي أنه في أي وقت من الأوقات، من المحتمل أن تكون طهران في المرمى النووي لغواصة إسرائيلية.

لقد تم طلب المجموعة الثانية من غواصات دولفين، دولفين 2، في منتصف عام 2000. تتطابق هذه الغواصات بشكل جوهري مع النسخة السابقة باستثناء إضافة سدادة طولها ستة وثلاثين قدمًا في الهيكل لاستيعاب نظام الدفع الهوائي المستقل (AIP) ، مما يسمح للغواصة للعمل تحت الماء لفترات أطول بكثير من الغواصات العاملة بالديزل الكهربائي. ووفقاً لصحيفة "دير شبيغل" الألمانية يمكن أن تبقى غواصات "دولفين 2" تحت الماء لمدة تصل إلى ثمانية عشر يوماً. كما تزن "دولفين 2" نحو 20 في المئة أكثر من "دولفين 1" وخصصت غرفاً مغلقة للغواصين.

وختم الكاتب بأن الحكومة الألمانية قد أعطت للتو الضوء الأخضر لبيع "إسرائيل" مجموعة أخرى من غواصات "دولفين". هذه الغواصات الجديدة يجب أن تكون جاهزة حين تكون غواصات الجيل الأول الثلاثة قد أصبحت متقادمة، لتوفر لإسرائيل أسطولاً من ست غواصات متاحة للمستقبل. "فالرادع النووي الإسرائيلي المقيم في البحر هو هنا كي يبقى".