هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - وسط تداول وسائل إعلامية أنباء عن وقف مباحثات التهدئة بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة ودولة الاحتلال الإسرائيلي، والتي انطلقت قبل عيد الأضحى المبارك، والتركيز على إنجاز ملف المصالحة كأولوية الملفات، إضافة إلى التوقعات القادمة من زيارة وفد حركة فتح للقاهرة خلال الأسبوع القادم، يرى محللون أن ملفات عدة تدفع القضية الفلسطينية نحو تغيير جذري قد تشهده الأيام القادمة.

تساؤلات عدة مجهولة المصير لمرحلة حساسة تشهدها القضية الفلسطينية، فعلى ماذا ستركز مباحثات وفد حركة فتح في القاهرة؟ وهل ستكون محطة مفصلية في ملف المصالحة؟ وما الذي سنشهده على الساحة الفلسطينية خلال الفترة القادمة؟ وما موقف مصر من ذلك في ظل المماطلة بهذا الملف؟

تدخلات خارجية تعقد الملف

وفي هذا السياق، صرح  عضو المجلس الثوري لحركة فتح د. عبد الله عبد الله أن وفدا من حركة فتح سيتوجه للقاهرة خلال أسبوع.

وأكد في تصريح خاص لـ"النجاح الاخباري" بأن الوفد سيركز على ملفين مهمين، أولهما مواصلة العمل على إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، والآخر البحث في علاقة تنسيق استراتيجي بين مصر وفتح، واستكمال المشاورات السابقة بالملفات كافة.

وأضاف أن الوفد سيضم مسؤول ملف المصالحة وعضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومركزية حركة فتح عزام الأحمد، و مفوض العلاقات الدولية وعضو اللجنة المركزية للحركة روحي فتوح، ووزير الشؤون المدنية وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ، ورئيس جهاز المخابرات العامّة، اللواء ماجد فرج.

وأكد عبد الله أن الوفد المصري الذى زار الرئيس محمود عباس في رام الله قبل أيام، أكد له الأخير على أن منظمة التحرير ملتزمة بإنهاء الانقسام وتدعم الجهود المصرية لإنجاز هذه المهمة، مشيرا إلى أنهم مستعدون للتعاون بلا حدود.

وكان الوفد المصري خلال اللقاء مع الرئيس وقيادة فتح قبل أـيام، أكد اهتمام مصر بإنجاز ملف المصالحة في الوقت القريب، وعلى إيجاد صيغة توافقية تنهي الخلافات حول المسائل العالقة، إضافة إلى تأكيده على ضرورة جهود التهدئة، من أجل بدء مشاريع دولية، على أن يكون ذلك بإشراف وإشراك السلطة الفلسطينية.

وأضاف القيادي في فتح أن حماس معنية بالتهدئة أكثر من المصالحة في ظل الاتصالات التي تجريها مع أطراف عدة، قائلاً: "هذا ما ظهر جلياً من تصريحات رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار أثناء لقائه مع الكتاب والإعلاميين"، وتابع عبد الله أن حماس معنية بملف التهدئة لأنه يثبت وجودها بقطاع غزة".

وأشار إلى أن المصالحة لدى حماس في الدرجة الثانية إلا إذا تمت وفقا لشروطها، بحيث تبقى الكلمة العليا لها في غزة، منوها إلى أن حماس قامت بانقلاب ويجب أن تتراجع عنه وتعود للصف الوطني الفلسطيني.

وحول الملفات العالقة بين طرفي المصالحة، أوضح عبد الله أن الامور ما زالت تتعلق بتمكين الحكومة وتوحيد المؤسسات، عدا عن ملف الامن.

وعن أهمية توجه وفد فتح للقاهرة، والتوقعات بأن تكون زيارة ذات محطة مفصلية، عقّب عبد الله على ذلك قائلا: "نأمل أن ننتهي من ملف الانقسام في هذه الزيارة، ولكن لدى حماس مرجعيات خارج الإطار الفلسطيني، الأمر الذي يعقد الملفات أكثر، وفي حال أصرت حماس على موقفها، فلن تكون حكومة الوفاق قادرة على تحمل مسؤولياتها في القطاع".

الخطوات تتحقق بتراكمها

من جهته توقع الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب أن ما سنشهده في الأيام القادمة على الساحة الفلسطينية هو إعادة التأكيد مجددا على الجهود الفلسطينية والمصرية كافة، حيث ستنصبّ حول الملف الأساسي وهو المصالحة، ووضع ملف التهدئة جانباً إلى حين استعادة الوحدة الوطنية.

وحول مستقبل المصالحة أوضح حبيب في تحليل خاص لـ"النجاح الإخباري" أنها ليست مجرد خيار، وهي ضرورة فلسطينية مهما ظهرت عقبات أمامها، مؤكدا أن هذه الجهود يجب أن تستمر مهما كلف الأمر، وهذا يقتضي مراعاة مصلحة الشعب الفلسطيني فقط، ووجود رأي عام فلسطيني ضاغط من أجل إنجاز المصالحة.

وفي ظل المماطلة التي تشهدها المصالحة، أكد المحلل السياسي أن المطلوب من مصر الآن هو الاستمرار في جهودها، باعتبارها ليست وسيطًا بل شريكًا للوضع الفلسطيني، لأسباب عدة من بينها مسؤولية مصر كأم للمنظومة العربية وخاصة القضية الفلسطينية، إضافة لأسباب تتعلق بالأمن القومي المصري المرتبط بالأمن الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة.

وأضاف أنه على الرغم من المماطلة إلا أنه لا يوجد مفاوضات بلا نتيجة، قائلا: "تتحقق بعض الخطوات بشكل محدود أثناء تراكمها، وإنهاء بعض الملفات، وهذه جزء من مصالح مصر الوطنية والقومية، فمصر ليست مضطرة بقدر ما هي مستجيبة للمصالح التي ترتبط بالمصالح الفلسطينية".

توقعات متواضعة

بدوره رأى الكاتب والمحلل السياسي حسن عبدو أنه يجب علينا أن لا نرفع سقف التوقعات فيما يتعلق بملف المصالحة.

وأكد عبدو في تحليل خاص لـ"النجاح الإخباري" أن حماس ما زالت ترفض تمكين الصيغة التي تطرحها حركة فتح القائمة على التسليم الكامل لحكومة الوفاق الوطني، وهو ما يرجح عدم حدوث اختراق كبير في هذا الملف.

ونوّه إلى أنَّه على الرغم من أن جهود مصر في التهدئة والمصالحة كانت جيدة، لكنها تراجعت في الآونة الأخيرة وما زالت تُدرس بين الطرفين، ما يدفع المراقبين إلى خفض التوقعات تجاه ملف المصالحة.

وعن موقف مصر أوضح عبدو أنها تتعامل مع الملف كوسيط وداعم تدفع الأطراف لمربع المصالحة، آملا أن تبقى مستمرة بكل ثقلها لإنقاذ المرحلة القادمة.

ووسط تعنت حماس ورفضها تسليم المهمات للحكومة، أكد عبدو أن المواطن الفلسطيني أصبح يتابع الملف بقليل من الأمل وكثير من الملل.

يذكر أن يوم (السبت 1 سبتمبر الماضي)، اجتمع الرئيس عباس، في مقر الرئاسة برام الله، مع وفد من قيادة جهاز المخابرات العامة المصرية برئاسة الوكيل عمرو حنفي.

وأكّد حنفي على موقف مصر الثابت في دعم الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل إنهاء الاحتلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، واستمرار الرعاية المصرية لجهود إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة من أجل تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية في إطار الشرعية الفلسطينية الواحدة برئاسة الرئيس عباس، وتجنيد طاقات الشعب الفلسطيني كافة، من أجل حماية قضيته الوطنية وتحقيق آماله في الحرية والاستقلال.

وكانت فصائل فلسطينية، أجرت قبل عيد الأضحى مشاورات مع الجانب المصري بالقاهرة بشأن مقترح لتحقيق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، ووقف إطلاق النار مع إسرائيل، وتنفيذ مشاريع إنسانية في قطاع غزة.

وفي (12تشرين أول/أكتوبر 2017)، وقعت حركتا فتح وحماس، اتفاقًا في القاهرة للمصالحة يقضي بتمكين الحكومة من إدارة شؤون غزة كما الضفة الغربية، لكن تطبيقه تعثر وسط خلافات بين الحركتين بخصوص بعض الملفات.

ويسود الانقسام السياسي أراضي السلطة الفلسطينية منذ منتصف (يونيو/حزيران 2007)، عقب سيطرة حماس على غزة بعد فوزها بالانتخابات البرلمانية.