هاني حبيب - النجاح الإخباري - لم يتوقف الجدل في إسرائيل حول قانون القومية، منذ أن ظهر للمرة الأولى عام 2011 وحتى يعد صدوره مؤخراً، البعض المعترض على القانون من زاوية المصلحة الشخصية لرئيس الحكومة نتنياهو الساعي إلى كسب أوراق جديدة لعرضها على جمهور الناخبين في حال عقد انتخابات برلمانية مبكرة تزايدة الدعوة إليها في الآونة الأخيرة، في حين يرى بعضاً آخر أن الأمر لا يتعلق بالتوقيت بل لكونه يتعارض مع أفكار الفئات الليبرالية والعلمانية في المجتمع الإسرائيلي، بينها يرى معارضون آخرون أن هذا القانون بمثابة إعلان عنصري يكشف حقيقة الدولة العبرية التي حاولت بدون جدوى إخفائها وتبريرها طيلة العقود الماضية، إلاّ أن أهم أسباب معارضة بعض القوى والأحزاب والشخصيات الفكرية والسياسية في إسرائيل تعود إلى أن ليس هناك حاجة عملية لهذا القانون، إذ أنّ كافة القوانين السابقة خاصة تلك التي تم سنها إبان حكومات نتنياهو الأكثر يمينية في تاريخ حكومات إسرائيل، هي قوانين نصت على قومية الدولة اليهودية والقدس الموحدة عاصمة لها كما أنها شرعت الاستيطان ومهدت الطريق أمام القضاء الإسرائيلي ليلبي الحاجة لمزيد من التهويد وإقصاء العرب والسيطرة عليهم في ظل قوانين تمييزية عنصرية أكثر وضوحاً، ويقول هؤلاء أنه ليس هناك من حاجة موضوعية لمثل هذا القانون الزائد، بينما يعترض آخرون على هذا الرأي كون القانون الجديد بمثابة إضافة "دستورية" يُلغي من الناحية العملية ما جاء فيما يسمى بوثيقة الاستقلال، حول المساواة السياسية والاجتماعية والثقافية لكافة مواطني دولة الاحتلال بغض النظر عن دياناتهم، وبالتالي فإن هناك ضرورة لهذا القانون باعتباره جزءً لا يتجزأ من قانون الأساس أي "الدستور الإسرائيلي" خاصة وأنه ينص في مواده على "أرض إسرائيل" من دون تفصيل أو تحديد لهذه الأرض هي دولة بلا حدود ما يتيح المجال واسعاً لتحقيق إحدى أهم الأهداف الإسرائيلية الراهنة

والمتعلقة بضم الضفة الغربية أو أجزاء واسعة منها بشكلٍ نهائي من دون أن يكون هناك دورٌ للمحاكم العليا أو القضاء الإسرائيلي قدرة على الوقوف في وجه هذا المخطط من الناحية القانونية البحتة بعدهما بات هذا القانون الجديد قيد العمل ما يلزم كافة الجهات الالتزام بروحه ومضمونه شكلاً وموضوعاً.

إلاّ أن الجدل الداخلي الإسرائيلي زاد وتطور بعد صدور القانون، حتى من قبل بعض الأحزاب والقوى التي صادقت عليه، إثر الهبة الدرزية العربية ضد القانون بعدما اكتشف هؤلاء أن بعضهم خدم دولة إسرائيل بينما تعتبرهم هذه الدولة أنهم ليسوا مواطنين كونهم ليسوا يهوداً وهناك الآن غضبة صاخبة من قبلهم ولعلّ في ذلك إعادة الاعتبار للهوية العربية الفلسطينية للطائفة الدرزية بعدما حاولت الدولة العبرية اعتبارها طائفة لها امتيازات خاصة في محاولة منها لزرع الفتنة بين المواطنين العرب على اختلاف طوائفهم الدينية، ويوفّر هذا القانون من حيث لا يهدف فرصة لوحدة المواطنين العرب على اختلاف طوائفهم ودياناتهم للوقوف ضد العنصرية والفاشية الإسرائيلية التي عبر عنها بجلاء هذا القانون.

الجدل الداخلي الإسرائيلي سيستمر حول القانون الجديد على ضوء اعتراضات جدية من قبل أطراف يمينة عنصرية لتعديل مواد هذا القانون أو إصدار قوانين جديدة تخفف من عنصريته الواضحة.