باسم برهوم - النجاح الإخباري - من المؤكد أن مايك بنس نائب الرئيس الاميركي دونالد ترامب قد جاء للمنطقة ليرى كيفية الاستمرار بصفقة العصر وتمريرها. الرئيس محمود عباس، وفي اكثر من مناسبة، أطلق على هذه الصفقة " صفعة العصر " للتعبير عن خيبة أمل الشعب الفلسطيني ومخاوفه من هذه الصفعة التي تمثل خطرا مصيريا ووجوديا.

لا حاجة لان يعرف المرء تفاصيل الصفقة ليدرك أنها صفعة، فهي بدأت بتصفية قضية القدس، وبشكل مواز، التمهيد لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، تصفية هاتين القضيتين، وهما من قضايا الحل الدائم، تعنى تصفية للقضية الفلسطينية، التي هي بالأساس قضية لاجئين يجب أن يعودوا إلى وطنهم وممتلكاتهم.

إلى جانب القدس واللاجئين هناك ملف الاستيطان، فالملفت للنظر أن إدارة ترامب لم تدن أو تشجب أي إعلان لحكومة نتنياهو بخصوص تكثيف الاستيطان، الامر الذي يؤكد إنها تؤيد بل وتتبنى مشاريع التوسع الاستيطاني، كما انها تقف في مواجهة كل من ينتقد هذه السياسة الاحتلالية التوسعية.

أن ما يتم تصفيته عبر صفقة القرن، ليس مبدأ حل الدولتين، وهو الحل الذي تبنته الادارات الأميركية السابقة، وانما تصفية القضية الفلسطينية برمتها، عبر سلسلة من الصفعات التي ستنتهي بفرض العصر الاسرائيلي في المنطقة العربية والشرق الاوسط.

اذا اعتقد العرب، إن صفقة العصر، هي صفعات للشعب الفلسطيني لوحده فهم واهمون، فقبل ايام صفعت ادارة ترامب العرب في سوريا عندما قررت ابقاء قواتها العسكرية هناك، الامر الذي يعني عمليا العودة لمحاولة تقسيم سوريا، فمن لا يعلم فإن الجيش الأميركي وحلفاءه يسيطرون على اكثر من ثلث سوريا، فالواقع يشير أن هذا البلد العربي العزيز على قلوبنا قد اصبح يواجه حقا خطر التقسيم.

الاهم هو انه اذا اعتقد محور من المحاور الاقليمية أنه قد انتصر أو أنه قد ينتصر في المستقبل فهو واهم أيضا، لأن الهدف في نهاية الامر هو اضعاف الجميع لفرض العصر الاسرائيلي على الجميع.

إن التاريخ يمكن أن يقول لنا ما هو المستقبل إلى حد كبير، ففي اللحظة التي قبل بها العرب ضياع فلسطين وتشريد الشعب الفلسطيني عام 1948، فإنهم قبلوا عملياً بواقع التجزئة الذي فرض عليهم عبر خارطة واتفاقية سايكس بيكو، واليوم وعبر صفقة العصر سيقبلون بخارطة ستمعن في تقسيمهم وتجزئتهم، حتى تسود اسرائيل في المنطقة بشكل تام.

قد يبدو المشهد أسود بل قاتما في السواد، ولكن كما قال محمود درويش أن الفجر يأتي بعد ليلة حالكة الظلمة، فالشعوب تنهض في العادة عندما يبلغ الظلم مداه، الشعب الفلسطيني لم يستسلم في الماضي ولن يستسلم اليوم، وهو يواصل كفاحه ولن يتوقف مهما بلغت " صفعة العصر " من سوء قبل أيام قال تقرير أمني اسرائيلي أن الجيل الفلسطيني الجديد لا يخشى ولا يخاف وهو أكثر جرأة مما سبقه.

صحيح ليس لدينا أية أوهام حول صعوبة المرحلة، ولكن الاهم هو عدم الرضوخ أو الاستسلام، والمهم أن نكون جاهزين لمواجهة المرحلة المصيرية القادمة وان نبدأ بأنفسنا، كيف ؟ أن ندرك أن انقسامنا هو دمارنا، ليس هناك ما يبرر استمرار الانقسام، ولنكف عن أخذ اوامرنا من الخارج عندما يتعلق الامر بمصيرنا كشعب وقضية. فالمعروف أن أهم عناصر المواجهة هو الوحدة والوعي وامتلاك الارادة الحرة. وفي هذه العناصر الثلاثة المذكورة لدينا مشكلة، علينا أن نتصدى لها فوراً فصفعة العصر ليست قدراً إذا امتلكنا الوحدة والوعي والارادة، وهي ليست قدراً اذا أدركت الامة العربية والدول الاقليمية بأنها خطر عليها أكثر مما هي على الشعب الفلسطيني، فنحن نتعرض للصفعات منذ مائة عام.