النجاح الإخباري - نشرت "شبكة تلفزيون الصين" على موقعها على الإنترنت تقريرًا يتحدث عن شخصيّاتٍ سياسيةٍ ودبلوماسيةٍ بارزة، “سيكون لها باعٌ طويلٌ في تشكيلِ معالِم الأحداث العالمية” خلال العام الجديد. ويشرح التقرير الأسباب التي تدفع الخبراء إلى الاعتقاد بأن هذه الشخصيات هي التي ستؤثر في مجريات الأمور في الشرق الأوسط والعالم خلال السنة الجديدة.

ومن الجدير ملاحظته أن “الشّبكة” وضعت الأمير محمد بن سلمان على رأس القائمة، التي ضمت خمسة سياسيين آخرين إلى جانبه. وقد اشتملت القائمة على الأسماء التالية، مرتّبة حسب التقرير: (محمد بن سلمان، نيكي هالي، إيمناويل ماكرون، فلاديمير بوتين، فيديريكا موغيريني، عبد الفتاح السيسي).

لقد هيمن زعماء عالميون -مثل الرئيسين الصيني والأمريكي- على المسرحِ الدوليّ والأحداث الإقليمية في عام 2017، ولكن هنالك مجموعةٌ من اللاعبين الآخرين، الذين نحتوا أدوارًا جديدة ومؤثّرة خلال العام المنصرم، والذين سيواجهون سلسلة من المخاطر العالمية والتحديات الإقليمية التي تعصِفُ بدول كثيرة هذا العام.

وفيما يلي نظرةٌ سريعةٌ على “الأقوياء” و”القضايا” التي سيتعاملون معها على مدى الأشهر الاثني عشر المقبلة:

“الأمير محمد بن سلمان – إعادة تشكيل الشرق الأوسط”

من أبرز شخصيّات العام الجديد، التي ستلعب دورًا عالميًا هامًّا في أكثرِ من ميدان، الأمير السعودي محمد بن سلمان، الذي أحدَثَ نقلةً نوعية في بلاده، مستهلًا مشواره بحملةٍ لمكافحة الفساد. سيكون من الممتِع حقًا متابعة سياساتهِ الداخليةِ والخارجية التي بدأ بها العام المنصرم، والتي تنطوي على إصلاح المملكة العربية السعودية، وإعادة تشكيل الشرق الأوسط.

يمثّل الأمير ابن سلمان “القوة الكامنة” وراء عرش والده، الملك سلمان. وتشير جميع المعطيات إلى أن الرجل قد يحلّ محلّ والده في عام 2018. لقد أصبح ابن سلمان أصغرَ وزيرٍ للدفاع في يناير عام 2015، وشنّ حملةً عسكريةً في اليمن بعد شهرين من ذلك، وأصبح اسمه “وليّ العهد” في يونيو عام 2017. كما وقاد حملةَ فسادٍ في نوفمبر عام 2017، واعتقل فيها جميع المشتبه بهم، من بينهم أمراء ومسؤولين سعوديين.

ومن أبرز الأسباب التي تجعلنا نؤمن بقدراته ما يلي:

أولًا، سياسته الخارجية الجريئة في مواجهةِ النفوذ الإيرانيّ الإقليميّ، بالإضافةِ إلى مجابهة سياسات قطر من خلال “حصار” الدّوحة؛ وهذا بالطبع سيسفرُ عن عددٍ من الأصداءِ الإقليمية.

ثانيًا، في إطار رؤية برنامجه لعام 2030، ستُقدِم المملكة على انفتاحٍ غيرِ مسبوق، ليصبح بمقدور المرأة السعودية قيادة السيارات ابتداءً من شهر يونيو عام 2018، بالإضافة إلى خياراتٍ ترفيهيةٍ تتضمّن افتتاح أول دور للسينما في آذار من العام ذاته.

ثالثًا، يسعى ابن سلمان جاهدًا إلى تحديث المملكة العربية السعودية من خلال العودة إلى “الإسلام المعتدل”، ويتجلّى ذلك بمدينة “نيوم” العصرية الضخمة، والمنطقة الاقتصادية. أُطلق هذا المشروع الضخم في شهر أكتوبر عام 2017، باستثماراتٍ تزيد عن 500 مليار دولار أمريكي، ومن المنتظر أن يلقى اهتمامًا عالميًا في عام 2018.

“نيكي هالي – وجهُ السياسيةِ الخارجيةِ الأمريكية”

سفيرة أميركا لدى الأمم المتحدة، مرشّحة بقوّة لمنصبٍ أعلى، هيمنت على العناوين الرئيسة حول العالم، ومثّلت الوجه الدبلوماسيّ للسياسةِ الخارجية الأمريكية في عام 2017 تجاه سوريا وروسيا وكوريا الشمالية وإيران والقدس.

أولًا، يبدو أن هالي ستكون في مقدّمةِ ومركزِ السياسة الخارجية الأمريكية مرةً أخرى في عام 2018، في ظلّ عدم حلّ أيٍ من القضايا الكبرى في العام الماضي، وإمكانية بروز نزاعاتٍ جديدة في المستقبل القريب.

ثانيًا، عُرفت هالي بتشدّدها تجاه إيران، وانحيازها لإسرائيل على حساب الفلسطينيين، وهذا ما يجعلها محطّ الأنظار في العام الجديد.

ثالثًا، يُشاع منذ فترةٍ طويلة بأن هالي تخطط للترشّح للرئاسة الأمريكية في السنوات المقبلة. فقد عملت على بناء خبراتها السياسية في الأمم المتحدة، وحافظت على مسافةٍ بعيدة من إدارة الرئيس ترامب، بل ودَعَت إلى الاستماع إلى الفتيات اللاتي اتّهمن ترامب بالتحرش الجنسي. ولكن في ظلّ عدم اليقين بشأن مستقبل وزير الخارجية ريكس تيلرسون، قد تحصل هالي على فرصةٍ جديدة لتكون على رأس الدبلوماسية الأمريكية، بعد أن رفضتها قبل عام.

“إيمانويل ماكرون – إحياء نفوذ فرنسا العالمي”

من أبرز إنجازات الرئيس ماكرون خلال العام المنصرم، توسيع النفوذ الفرنسي العالمي ليشمل الشرق الأوسط وأفريقيا، وهذا ما افتقده الفرنسيون منذ زمن طويل.

أولًا، لعب ماكرون دورًا حاسمًا على المسرح العالمي في ظلّ الفراغ الناجمِ عن تراجع بريطانيا، وإضعاف أنجيلا ميركل في ألمانيا، وعزلة الولايات المتحدة في ظلّ إدارة ترامب. ومن المتوقع أن يتسارع هذا الدور في عام 2018؛ برحلاتٍ مقررة إلى إيران، والصين، ودول آسيا، ابتداءً من شهر كانون الثاني. ومع ذلك، حذّر المسؤولون العسكريون من أن طموحات الرئيس الفرنسي قد تجاوزت قدرات فرنسا.

ثانيًا، في أعقاب دورهِ الرّاسخ في حلّ معضلة لبنان في عام 2017، ومحاولةِ إعادةِ صياغة سمعة بلاده في أفريقيا من خلال محاربة المسلحين في منطقة الساحل، من المتوقع أن يزور ماكرون طهران لتأكيد دعم فرنسا للاتفاق النووي، وربما يقدّم نفسه وسيطًا بين إيران والولايات المتحدة.

ثالثًا، يصمّمُ ماكرون على إقامة اتحادٍ أوروبيٍ جديد أكثر تكاملًا ووحدة؛ ولديه بالفعل خطط لجعل الاتحاد قوةُ جماعيةُ أقوى من ذي قبل. ولكن من المحتمل أن يؤدي هذا إلى توتراتٍ مع دولٍ أعضاء.

“فلاديمير بوتين – توسيع النفوذ الروسي ما وراء البحار”

سيكون بوتين منشغلًا جدًا على الساحةِ المحلية في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وفي منافسات كأس العالم التي ستُقام على الأراضي الروسية هذا العام. خارجيًا، لعب بوتين العام المنصرم دورًا هامًا في الحرب السورية، وفي جلب أطراف الصراع إلى طاولةِ المفاوضات للبحث عن حلٍ سياسي.

أولًا، من المتوقع أن يُعاد انتخاب بوتين لولاية جديدة مدتها ستّ سنوات في شهر آذار هذا العام، وحينها، سيحتفل بالتزامن مع إقامة منافسات كأس العالم. ولكن الرجل سيواجه اختبارًا صعبًا في ظل دعوة زعيم المعارضة “أليسكيه نافالني” لمقاطعة الانتخابات والاحتجاج ضد النظام.

ثانيًا، من المتوقّع استمرار النفوذ الروسي في سوريا، بالتزامن مع مزيدٍ من محادثات أستانة، وعقدِ مؤتمر حوارٍ وطنيٍ في سوتشي، فضلًا عن توسيعِ قاعدتين عسكريتين روسيتين لمنحِ موسكو موطئ قدمٍ دائمٍ في هذا البلد الشرق أوسطي.

ثالثًا، ستكون العلاقات مع أوروبا محطّ أنظار الجميع، ولا سيّما في ظل الأحداث الحاصلة في شرق أوكرانيا، والتوترات على طول حدود أوروبا الشرقية. ومن المتوقع كذلك أن يتسارع “تحقيق ميلر” في التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الأمريكية لعام 2016.

“فيديريكا موغيريني – وجه السياسة الخارجية الأوروبية”

ارتفعت أسهم الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية، العام المنصرم، عندما هاجمت القرار الأمريكي الذي اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبعدما أعلنت مناصرتها لميثاق الاتحاد الأوروبي الجديد للدفاع.

أولًا، موغيريني مناصرةٌ بارزةٌ للاتفاق النووي الإيراني، لذا من المتوقع أن تتصدّر العناوين الرئيسة من جديد، عندما تجد نفسها في صدامٍ مع الرئيس دونالد ترامب خلال هذا العام. وقد سبق وأن أعلنت موغيريني أن الولايات المتحدة لا يحق لها سحب الاتفاق النووي الإيراني.

ثانيًا، أعلنت موغيريني عن تأييدها الواضح لتوسيع الاتحاد الأوروبي؛ إذ ذهبت إلى حدّ القول إن بإمكان ست دولٍ من غرب البلقان الانضمام إلى الاتحاد خلال العامين المقبلين.

ثالثًا، انتقدت موغيريني الوضع في شرق أوكرانيا، حيث اشتد الصراع في الأشهر الأخيرة من عام 2017، ولكنها ظلّت موضع اتهامٍ من حلفاء أوروبا بتبني سياسةٍ ليّنةٍ تجاه روسيا.

“عبد الفتّاح السيسي – تسهيل محادثات الشرق الأوسط”

أولًا، ستجري الانتخابات الرئاسية المصرية في النصف الأول من عام 2018، ومن المرجح جدًا أن يعلن السيسي عن ترشّحهِ، والفوز بولاية ثانية.

ثانيًا، ستظلّ أولوية السيسي محاربة الإرهاب وتعزيز الاقتصاد. وبالطبع، ما تزال البلاد قلقة بشأن الوضع في سوريا، والعراق، والأراضي الفلسطينية، ونمو نفوذ الجهاديين في المنطقة، الذين يجدون دعمًا من جماعة الإخوان المسلمين المصرية، والفصائل الراديكالية الأخرى.

ثالثًا، التحدّي الرئيسي أمام السيسي هو الحفاظ على علاقاتٍ مع الولايات المتحدة؛ إذ تتلقى القاهرة مساعدات بالمليارات من واشنطن، إلا أن المعضلة برزت في أعقابِ تهديدِ ترامب بإيقاف المساعدات عن الدول التي وقفت في مجلس الأمن ضد قرار الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل.

المصدر: كيو بوست