فيصل أبو خضرا - النجاح الإخباري - يرفض الشعب الفلسطيني هذا المستوى المتدني والمؤسف لقرارات الجامعة العربية، التي عقدت يوم السبت في ٩ كانون الاول الجاري، رداً على إعلان ترامب بشأن القدس، لأن المطلوب هو معاقبة الجاني الرئيسي الذي يشجع دولة اسرائيل على احتلالها واستيطانها، والتي تضرب بعرض الحائط جميع القوانين والقرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة ومنظماتها بما فيها محكمة الجنايات في لاهاي.

كان على السلطة الفلسطينية ان تطلب من الدول العربية معاقبة ترامب سياسيا وفضح وعوده الكاذبة للعرب وللرئيس محمود عباس، بصفقة العصر، التي كانت تنتظرها القيادة الفلسطينية، ولكنها كانت مع الأسف صفعة العصر للشعب الفلسطيني والعربي والإسلامي والمجتمع الدولي. وحتى بريطانيا التي كانت سبب نكبتنا أدانت أيضا قرار ترامب الأرعن.

الشعب الفلسطيني يقدّر جميع الدول العربية ويشكرها بدون استثناء، ولكن الشعب الفلسطيني ينظر بعتاب ولوم للمطالب الهزيلة التي قدمها الدكتور رياض المالكي وزير الخارجية، والتي لم تصل للحد الادنى للمطالب التي توجب تقديمها للجامعة العربية بهذه المناسبة، لأن القدس تأتي بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهي قبلة المسلمين الأولى، وأهل القدس والضفة وأهلنا في غزة والداخل والشتات يستحقون اكثير بكثير مما طلبه وزير خارجية فلسطين، خصوصاً الآن وهم يواجهون لوحدهم وبصدورهم العارية البربرية الصهيونية ويتصدّون لها دفاعا عن المسجد الاقصى والقدس.

الجميع يعلم بأن كافة الدول العربية مازالت تؤيد مطلب السلطة الشرعية بشأن حل الدولتين على أساس الانسحاب الاسرائيلي الكامل والشامل من جميع الأراضي المحتلة منذ العام ١٩٦٧م والقدس الشرقية العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، وعودة اللاجئين الى وطنهم واطلاق سراح أسرانا الابطال.

ومن الواضح أن أميركا التي إعتقدنا بأنها ستلعب دور الوسيط النزيه وتحترم ما وقعت عليه من قرارات دولية واتفاقيات، خانت وعودها وتعهداتها وحتى توقيعها.

لذلك على الرئيس محمود عباس بأن يطلب من العرب تنفيذ مقرراتهم أو يقول لهم بأننا قمنا بما نستطيع، وعليكم الآن الجلوس وإتخاذ القرار المناسب، ونحن سنفعل ما علينا فعله كفلسطينيين، ونحن سنلبي جميعا ما تقررون وحتى الشهادة لأجل قدسنا جميعا، ولا نعتقد أبدا ولا نقبل بأن يكون المسجد الاقصى والمقدسات الاسلامية والمسيحية وحارات القدس العتيقة تحت سيطرة إسرائيلية. وأن يذكرهم بأن جبروت القوة لن يرهبنا ولا يحل أي مشكلة، فما بالكم بالقدس الشريف؟!

وعلينا أن لا ننسى أبدًا هبة المسجد الأقصى والصلاة على الاسفلت أمام بوابات قدسنا الشريف لأن هذه الهبة أعطت درساً للمحتل وأكدت للسلطة بأن الشعب الفلسطيني يهون عليه تقديم كل التضحيات دفاعا عن بلاده فلسطين وعن القدس ومقدساتها. لذلك على السلطة أن تطلب عقد اجتماع قمة عربية على مستوى هذا الحدث الجلل وأن تطلب من القمة التالي:

-الطلب من جميع سفراء العرب لدى، امريكا في واشنطن، الاجتماع الفوري مع ترامب ليطلب من حليفته اسرائيل بأن تكف عن استفزازاتها اليومية بتدنيس المسجد الأقصى وباحاته المقدسة، واحترام أسس وقواعد إتفاقية وادي عربة بين الأردن الشقيق واسرائيل، والإبقاء على دور المملكة الأردنية الهاشمية راعية للمقدسات الاسلامية والمسيحية، كي لا يتحول الصراع العربي الاسرائيلي الى صراع ديني. وهذا طلب بسيط جداً ويخدم المصالح الأمريكية أيضاً، كما أنه من المستحيل أن تقبل الأمة العربية، بضم المسجد الأقصى الى دولة يهودية شعارها إذلال العرب والمسلمين.

-الإعلان صراحة بأن أمريكا لم تعد وسيطاً نزيهاً لحل القضية الفلسطينية، بل بالعكس منحازة وبكل وقاحة الى دولة الاحتلال ودولة التمييز العنصري بجميع أشكاله.

-اعتبار الولايات المتحدة عدواً للعرب والمسلمين، ويجب معاقبتها بالطرق القانونية المتاحة، ودعم السلطة مادياً ومعنوياً لرفع هذه الدعوى والتي تتعلق بجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب وبالحقوق الوطنية لشعبنا على غرار الشعوب التي طالبت بحقها في الاستقلال.

-خفض أو مقاطعة البضائع الاميركية والتعويض عنها بالشراء من الدول التي تؤيد الحق الفلسطيني.

-دعم أهل القدس، وتفعيل صندوق القدس، كي يستطيع أهلنا المقدسيون الصمود في بيوتهم ومتاجرهم.

إن دماء شهداءنا وجرحانا ومعاناة أسرانا يجب إحترامها والاّ تذهب هدراً، وهي رسالة يجب أن تفهمها أمريكا التي وضعت شروط الصلح مع المحتل ثم خانت الوساطة التي كان البعض يعتمد عليها، ثم أصبحت شريكاً علنياً في العدوان على شعبنا وحقوقه.

ان الرئيس محمود عباس الذي نحبه ونحترمه ونثق بسياسته صبر على هذا الرئيس الأميركي ذي الغباء السياسي والديني والشيطنة المالية ما يقارب العام بأكمله، ولكن مع الأسف فإن هذا الرئيس الأميركي الذي إستقبل الرئيس أبو مازن كان يخطط مع زعماء الصهاينة ما يمس بحقوقنا وبالقدس فاتخذ قراره الأرعن الذي سيؤجج الصراع الديني.

ولذلك على السلطة أن تراجع مطالبها وأولها دعم القدس ودعم المقاومة السلمية التي يقودها شباب القدس وشبانها وأطفالها، وبدون توقف حتى ننال الاستقلال من برابرة آخر الزمن.

ولي كلمة عتاب على كاتبنا ومفكرنا الأخ الكريم زياد أبو زياد، وذلك لدعمه مقابلة الصهيوني مايك بنس، نائب الرئيس الأميركي، أو ذهاب الرئيس محمود عباس الى واشنطن، لأن الرئيس محمود عباس أكد بأن أمريكا إنتهى دورها كراعية للسلام، فهل يظن الأخ زياد بأن ذهاب رئيسنا سيغير من عقلية ترامب الذي يعيش في مستنقع الصهيونية؟ نحن لا نريد الإنجرار وراء سراب الوعود الكاذبة، ويجب أن ندرك أن كلمة الشعب الفلسطيني في الميدان هي الآن القوة الحقيقية على الأرض الفلسطينية، ودعم القيادة للشعب الفلسطيني هو الرد الوحيد على شيطانية ترامب المتهورة، والشعب الفلسطيني يقول بوضوح كفانا إذلالاً من الراعي الشيطاني. وعلى كل أنا شخصياً أحترم آراء جميع كتابنا وعتابي هذا ينبع من إيماني أيضاً بحرية التعبير.

كفانا إهانات وإذلالات من هذا "الراعي" الذي داس على دستور بلاده وعلى كل المواثيق والقوانين الدولية، من أجل حفنة صهاينة استغلوا الدين اليهودي لإذلالنا.

نحن الشعب الفلسطيني إستنكرنا ونستنكر بشدة ما قام به النازي بيهود أوروبا، ولكننا نرفض دفع ثمن ذلك على حساب قضيتنا المقدسة.

الشعب الفلسطيني يثمن مواقف الرئيس ويشدّ على يديه بمقاطعة هذه الادارة الأميركية وليس الشعب الأمريكي، وعدم الاجتماع بأي مسؤول أميركي قبل تراجع ترامب عن قراره، والعودة الى تطبيق القرارات الدولية والى قرارات أميركا بالذات.

كما ان على سلطتنا الشرعية القيام فوراً بالمطالبة بتفعيل المادة رقم ٢٧٤ والتي جاء فيها :"ان الجمعية العامة، تأخذ علماً بالتصريح الذي تقبل به اسرائيل دون أي تحفظ الالتزامات الناجمة عن ميثاق الأمم المتحدة، وتتعهد باحترامها منذ اليوم الذي تصبح فيه عضواً في الأمم المتحدة، واذ تذكر بقراريها في ٢٩ تشرين ثاني ١٩٤٧ (قرار التقسيم)، وفي ١١ كانون أول سنة ١٩٤٨ (قرار اعادة اللاجئين والتعويض عليهم) وتأخذ علماً بالتصريحات والإيضاحات التي قدمها ممثل حكومة اسرائيل أمام اللجنة السياسية المؤقتة، بشأن تطبيق القرارين المذكورين... تقرر دولة محبة للسلام تقبل بالتزامات الميثاق، وأهل القيام بها، ومستعدة لتنفيذها، وتقرر أن تقبل اسرائيل عضواً في الأمم المتحدة».

وهذا أهم من الذهاب لمجلس الأمن ، لأن الصهيونية نيكي هيلي ، مندوبة أميركا، سترفع إصبعها بالفيتو ضد أي قرار تطلبه دولة فلسطين. كما ان هذا القرار الممكن الذي سيقدم للجمعية العمومية يفضح اسرائيل ومن الممكن التصويت عليه لطرد اسرائيل من الأمم المتحدة، وهذه فرصة متاحة وقوية للسلطة.

ولتعلم السلطة الفلسطينية الشرعية والرئيس الأخ ابو مازن، بأن وراءه شعب الجبارين وهو صامد وصابر حتى انتزاع استقلال بلاده فلسطين وعودة لاجئيه، وأن يرفرف العلم الفلسطيني فوق القدس الشريف عاصمة بلادنا ودولتنا فلسطين.