هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - قال عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، إنه يجب على جميع الأطراف الفلسطينية إدراك خطورة عدم تنفيذ اتفاق المصالحة، على القضية الفلسطينية والمستقبل، واللحظة الحاسمة تقترب وترتيبات الشرق الأوسط الجديد تتسارع، وهذا يتطلب من الفلسطينيين أن يكونوا صفاً واحداً.
فما الذي يقصده بترتيبات الشرق الأوسط وكيف ستؤثر على المصالحة الفلسطينية ومن هم الأطراف المشاركة بهذا الترتيب المستقبلي؟

د. حسام الدجني أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة في قطاع غزة قال لـ"النجاح الاخباري" "الإحتمالات لهذا الحديث وما يلوح بالأفق بنصب نحو "صفقة القرن" وما تقوم به الإدارة الأمريكية وطبيعة التفاعلات في الشرق الأوسط تؤكد أن المرحلة المقبلة تتم على نار هادئة لدمج اسرائيل في الشرق الأوسط الجديد.
وأضاف أن ذلك يأتي في إطار فرض واقع شرق أوسطي يكون لاسرائيل الكلمة الاولى فيه واللاعب الأبرز من خلال استثمار حالة العداء القائمة مع اسرائيل وبين الدول الخليجية مع ايران وبذلك يتم تصفية القضية الفلسطينية وتبدأ عملية تطبيع وعلاقات قوية بين اسرائيل ودول عربية عديدة.

القيادات الفلسطينية تخشى من استخدام اسرائيل "للمبدأ العكسي" مع الدول العربية

 واكد الدجني أن هذا يدعم فرضية التعامل مع المبادرة العربية من "الخلف إلى الأمام"، بحيث أن التطبيع بين الدول العربية واسرائيل يتم قبل إنهاء الصراع مع اسرائيل، لافتا إلى أن هذا ما تخشاه كافة القيادات السياسية الفلسطينية، ومن هذا المنطلق كانت الإرادة الفلسطينية في إنهاء الإنقسام نابعة من حالة الاستشعار والقلق لما يتم تخطيطه ضد قضيتنا الفلسطينية.
وحول الأطراف المشاركة في ترتيب الشرق الأوسط كان قد صرح عمرو موسى، العام الماضي إنه يخشى أن يكون هناك اتفاقا أمريكيا روسيا على ترتيبات في منطقة الشرق الأوسط، تؤدي إلى الحفاظ على مصالح الدولتين، بغض النظر عن مصالح أهل المنطقة.
وأكد موسى أنه بالإضافة لروسيا وأمريكا هناك قوتين إقليميتين هما تركيا وإيران، ربما يتبنون نقاشا يتعلق بمستقبل منطقة الشرق الأوسط، ما يعني أن هذا النقاش لا يتضمنه أية أطراف عربية.
وحول هذا رجح الدجني بأن الدول المذكورة إضافة إلى اسرائيل بدائرة غاب منها الفاعل العربي نتيجة الأزمات العربية المتكررة، والتي بدأت في العراق وأنهت قوتها حتى الأزمة السورية وما يحدث بمصر حاليا على صعيد الإرهاب ضد النهضة من خلال ضرب الأمن المائي.
وأكد أن اسرائيل تلعب دورا بارزا بهذا الاستهداف اضافة إلى أطراف أخرى من خلال ضرب الحدائق الخلفية لمصر.
وأشار الدجني لـ"النجاح الاخباري" إلى أن كافة الأحدث التي ظهرت مؤخرا تثبت أن هناك تنافس وصراع وتقاسم للثروات بدات تتضح معالمها بين القوة الإقليمية المتمثلة بتركيا وايران والدولية المتمثلة في أمريكا وروسيا، إضافة إلى الصين التي انضمت مؤخرا.
وأوضح أن الضحية هي المنطقة العربية والضعف الموجود فيها وحالة التبعية تدفع بعض الدول نحو اسرائيل للتأمين والحماية.
ومن وجهة نظر الدجني فإنه يعتقد أن التقارب الجديد بين تركيا وايران قد يشكل تحولات إثر الأزمة الخليجية، خاصة بعد دخول قطر على هذا التقارب وبالتالي إعادة رسم الخارطة في المنطقة على مجمل القضايا العربية ومنها فلسطين.
ولفت إلى أن تصريحات موسى تحمل تلميحات حول موقع اسرائيل داخل المعادلة من خلال التحالف مع المملكة العربية السعودية واطراف خليجية أخرى من أجل توجيه ضربة لايران وتقويض الدور التركي وبذلك ستكون اسرائيل اللاعب الأبرز.
وأضاف أن هذا يشكل خطورة على مستقبل فلسطين ومقتل القضية والمقاوم الفلسطيني، قائلا "إذا لم نستغل القوة ويكون لدينا مناعة لهذه التكتلات والتحولات فستكون القضية في خطر خلال الأسابيع والأشهر القادمة.

"على الفلسطينيين التقاط اللحظة المناسبة"

بدوره أوضح الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب لـ"النجاح الاخباري" أن الترتيبات قد تكون حول صفقة القرن، والتحولات الحالية في المنطقة تنهي الفوضى السابقة، خاصة في سوريا وإنهاء داعش في العراق، وتشكيل تحالفات جديدة في الشرق الأوسط.
وأضاف حرب أن التدخل المصري الجاد في المصالحة الفلسطينية يأتي ضمن إطار ترتيب الأوراق الفلسطينية لمواجهة الأحداث القادمة، والمطلوب من الفلسطينيين إجابات واضحة ولن تكون كذلك إلا بوحدتهم.
وشدد حرب على ضرورة عدم تضييع أي فرصة قادمة للفلسطينيين، وأن يكونوا موحدين وقادرين على مواجهة التحديات سواء كانت الإدارة الأمريكية جادة في الترتيبات القادمة أو لديها القدرة على فرض حل سياسي على حكومة اليمين المتطرف في اسرائيل.
وعقب حرب على الأطراف المشاركة في الترتيب القادم للشرق الأوسط بأن روسيا عادت بقوة من خلال الأزمة السورية التي بدأت تغيب عمليا عن الشرق بعد أحداث الربيع العربي في 2011.
وقال "روسيا لم تكن موجودة فعليا بعد انهيار الإتحاد السوفييتي، وبفضل الأحداث السورية تجدد تواجدها على الساحة".
وأوضح أن العلاقة الايرانية الروسية تحدد اتجاهات الشرق الأوسط إضافة إلى تركيا التي لها تاريخ جيد مع الولايات المتحدة، ما يعني أن التحولات الاقليمية والدولية مستمرة وستؤثر بشكل طبيعي وتلقائي على حالة الشرق الأوسط واسرائيل جزء من الشرق بالتالي ستتأثر وتؤثر.
وأضاف أنه في حال لم يلتقط الفلسطينيون اللحظة المناسبة، سيضيع من بين أيديهم فرص امكانية الوصول إلى سلام وانهاء الاحتلال أو تعزيز قوتهم في مواجهة الاحتلال وبإسناد عربي واقليمي.

"ما نخشا أن تصبح الصفقة أمرا واقعا وتنفصل الضفة عن غزة"

أما المحلل والكاتب السياسي د. إبراهيم أبراش عقب لـ"النجاح الاخباري" على ذلك بأنه منذ مجيء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وهو يتحدث عن "صفقة القرن" ولكن حتى اللحظة لم تتضح معالم هذه الصفقة، مشيرا إلى أنها لا تقتصر على قضية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ولكن لها علاقة بالمنطقة العربية كاملة.
وأشار إلى حل القضية الفلسطينية يأتي في إطار حل التطبيع بين الدول العربية واسرائيل، مضيفا أن ما المقلق حاليا عدم وجود ملامح واضحة لتصريحات من ترامب ومستشاريه، وجميع ما جاء لا يطمأن من حيث المبدأ بحيث انهم لن يعترفوا بحل الدولتين ولا يعتبروا اسرائيل تحتل الضفة، اضافة إلى حديث ترامب عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهذه التصريحات قد تكون على حساب حقوقنا الفلسطينية.
وأضاف أبراش لـ"النجاح الاخباري" أن ما يجب الخشية منه هو أن تصبح الصفقة أمرا واقعا، وبالتالي فصل الضفة عن قطاع غزة.
وهذا ما يفسر قول موسى حول خطورة الترتيبات القادمة على المصالحة، لافتا أبراش إلى أن المصالحة أكبر قوة لمواجهة هذا المخطط قدر الإمكان من خلال سلطة واحدة بحكومة ورئيس واحد.
ومن وجهة نظر أبراش فإنه اختلف بالرأي مع الدجني وحرب حول الأطراف المشاركة، لافتا إلى أن العلاقات بين الدول اختلفت خاصة التوتر القائم بين روسيا والولايات المتحدة، وقد تتعامل مع أطراف اقليمية عربية فاعلة مثل مصروالسعودية والامارات، خاصة وأن تركيا منشغلة بالأكراد في سوريا.
واعتقد أبراش أن المشروع القادم هو أمريكي خالص، إلا إذا طرحت الصفقة في إطار الرباعية الدولية فستكون أكثر شمولية والمتمثلة في الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
واختتم أبراش حديثه مع "النجاح الاخباري" متسائلا "حتى اللحظة لم يتضح هل ستطرح الصفقة في الرباعية الدولية أم أنها ستكون مبادرة أمريكية خالصة؟.

يذكر أن مصطلح "صفقة القرن" و"شرق أوسط جديد حاز على نقاشات متعدّدة مع تولّي ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأميركية في كانون الثاني/ يناير الماضي، وتعالت التخوّفات بشأن تصفية قضية فلسطين دون التوضيح عن اي خطط ملموسة او مقروءة حول ذلك الامر.