غيداء نجار - النجاح الإخباري - تناغم الحديث في الفترة الأخيرة وانتشر في الوسط الفلسطيني حول موضوع المكتبة الوطنية، والتي وصفها البعض بأنها وجه الوطن وإشراقة شمسه، وفي كثير من القراءات لنا لردود الأفعال وجدنا أن الغالبية العظمى وخاصة في الوسط الأدبي للكاتبين والشعراء وحتى السياسين يؤيدون فكرة المكتبة الوطنية، حاضنة للمنفى والوطن، حيث اعتبرها البعض فخر المواطن الفلسطيني.

"هذا شيء يفخر به المواطن الفلسطيني، وهي الخطوة الوحيدة التي من الممكن أن نسميها التوحيدية، فليس لها أية علاقة بحزب أو فصيل أو تقسيم سياسي وإداري أو ضفة أو غزة أو داخل أو خارج، كما أن ذاكرة المنفى الفلسطيني ستكون حاضرة في هذه المكتبة" بهذه الكلمات عبر الكاتب الفلسطيني زياد خداش عن رؤيته".

وبخصوص رأيه بأهميتها يرى بأنها خطوة متأخرة والمفترض أن تأتي منذ وقت طويل كونها إحدى معالم السيادة الوطنية في بلدنا "فالبلد الذي لا يحتوي على مكتبة فهو غير موجود، هي الذاكرة التي تحفظ كل ورقة وكل فكرة وهاجس وكل مقال وقصيدة وشعر وحلم، وهي وجه الوطن الحقيقي والأول".

ويضيف خداش "أن تأتي متأخرةً خيرا من أن لا تأتي أبدا، وأنا لا اعلم حتى الان هل سيتم التعامل معها بشكل جدي أم بطريقة شكلانية، فإذا تم التعامل معها بشكل استعراضي واعلان فهذه كارثة، فنحن نريد التعامل معها بجدية، فهي لحظة من لحظات ابداع الشعب الفلسطيني".

ويجد خداش من خلال متابعاته على الفسبوك أن المعارضين أيدوا الفكرة وشجعوها، فهي تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني بعيدا عن الأحزاب والفصائل، هي خطوة في الذاكرة العملاقة للشعب الفلسطيني.

وفي سؤالنا عن دور الكتاب في هذه المكتبة وإنجاحها أجاب "هناك لجنة مسؤولة عن هذه المكتبة وستكون مسؤوليتها جمع أي قصاصة ورق عن فلسطين من فلسطين، ونحن بدورنا نشجع هذه الفكرة، والدولة هي التي ستقوم على إنجاح هذه الخطوة حسب جديتها وكيفية نظرها لموضوع الذاكرة".

وفي مقالة للباحث في قضايا الحكم والسياسة جهاد حرب اعتبر المكتبة الوطنية معلما ثقافيا بل حضاريا يستحق أولا مبنىً راقيا فخما يجسم عراقة الثقافة الفلسطينية ومكانتها في النضال الوطني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وثانيا اهتماما بالغا لدورها في حفظ تراث الشعب الفلسطيني وثقافته بأنواعها وأشكالها وإعادة تفعيلها أو المساهمة في إبرازها، فالمكتبة الوطنية لا تقل أهمية عن القصر الرئاسي وليس فقط قصر الضيافة.

ومن جهته يقول الشاعر والمخرج المسرحي موسى أبو غليون "المكتبة تعني وجه الوطن المشرق، فالثقافة هي الهوية، وحبذا لو تم إنشاء مثيلات لها في كل محافظة بشرط دراسة برامجها وأهدافها وإبعاد المسميات عنها، فهي تحتاج لجهد وخبرة وليس إلى حقائب وميزات لفلان أو فلان".

ويتابع حديثه "إذا أنجزت أهدافها بصدق فإنها إنجاز وطني كبير لقائد طالما عمل ﻹبراز الهوية الوطنية، لا ندري هل ترهل بعض المؤسسات يسمح لنا بأن يكون لنا دور في المساهمة في إنجاح هذه المكتبة أم لا، والفكرة رائعة إذا اشتملت على مخطوطات وتراث وتاريخ، وإذا تم الترويج لها عالميا واعتمادها كنقطة لكل زائر رسمي".

وقد نشرت رئيس وحدة الأرشفة في تلفزيون فلسطين رولا شهوان مقالا تشجع فيه على هذه الخطوة، وأوضحت فيه أنه لا يمكن إدراك هذا القرار القاضي بتخصيص هكذا مكان من اجل إنشاء المكتبة الوطنية التي هي مكون رئيسي من مكونات بناء أية دولة وطنية ديمقراطية، إلا إذا تم استذكار خطاب غولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل عندما اعلنت في خطابها 1969 (لا يوجد شعب يدعى فلسطيني، فليس لهم وجود)، فبعد مرور كل هذا الوقت ما زال هناك شعب اسمه فلسطين له ارث ثقافي، تاريخ، وحضارة، لكن هذا الإرث لا بد ان يحفظ ويصان بكل السبل المتاحة، يكون جاذبا للدارسين والباحثين والمهتمين.

وتقول أيضا "إن وجود هذه المكتبة الوطنية يعكس قوة الرواية الفلسطينية التي ستعتمد عليها الأجيال القادمة لمواجهة العنجهية والعنصرية الإسرائيلية، ومن اجل صياغة رواية فلسطينية مستندة إلى الوثائق والحقائق التي تثبت صحة هذه الرواية، وتدعم قدرتها على مواجهة أية رواية استعمارية مضادة".

وتضيف "إن وجود مكتبة وطنية تحتوي على أرشيف الوثائق، والمخطوطات، والكتب، والأفلام في هذا الوقت بالذات له أهمية بالغة، خاصة في هذه المرحلة التي يتجسد فيها الانقسام، ويتعثر فيها مشروع الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967، هذه المرحلة الانتقالية يحتاج فيها الفلسطينيون إلى إعادة إحياء العوامل الموحدة لهم، كما ذكر بندكت اندرسن في كتابه "الجماعات المتخيلة"، والذي أكد فيه على ضرورة خلق وإيجاد أو إحياء عناصر ثقافية جامعة وموحدة للمجموعات، هذه العناصر تكمن في اللغة والثقافة والتراث والرموز الوطنية والماضي المشترك.

كما ورصد موقع النجاح الإخباري آراء بعض المواطنين من خلال منشوراتهم على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".