نابلس - النجاح الإخباري - كشف التقرير السنوي لواقع الحريات الإعلامية في فلسطين، الصادر عن لجنة الحريات في نقابة الصحفيين، ارتفاعًا بنسبة 12% في حجم انتهاكات الاحتلال بحق الصحفيين الفلسطينيين خلال عام 2018.

التقرير، الذي أطلقته النقابة خلال مؤتمر صحفي عقدته، اليوم الخميس، في مقرها بمدينة البيرة، سجّل 838 انتهاكًا من الاحتلال ضد الصحفيين والمؤسسات الصحفية خلال العام المنصرم، مسلطًا الضوء على الارتفاع الواضح في الشروع بالقتل عبر 122 رصاصة دخلت أجساد الصحفيين والصحفيات في فلسطين، أدت إلى استشهاد الصحفيين ياسر مرتجى وأحمد أبو حسين من قطاع غزة وبتر أعضاء عدد من الصحفيين ودخولهم المستشفيات للعلاج من جروح وإصابات خطيرة.

وفي هذا الجانب، أوضح نقيب الصحفيين ناصر أبو بكر أن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، وبالشراكة مع مؤسسات حقوقية، أعدت ملفًا قانونيًا لحالتي القتل التي وقعت بحق الصحفيين مرتجى وأبو حسين، وتم تكييف هذا الملف من قبل محامين ومستشارين قانونيين مختصين"، لافتًا إلى أن النقابة ستذهب بالملف إلى القضاء الدولي ليلقى من ارتكبوا هذه الجريمة عقابهم، حيث قتلوا برصاص محرّم دوليًا استخدمه جيش الاحتلال في مسيرات العودة.

وقال: "نحن ماضون في إجراءاتنا لمحاسبة مجرمي الاحتلال على جرائمهم، ولتوفير الحماية الدولية للصحفيين"، مطالبًا مؤسسات المجتمع الدولي تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2222 في فلسطين الذي يتحدث عن عدم إفلات مرتكبي الجرائم من العقاب، مشيرًا إلى أن الاتحاد الدولي للصحفيين أعدّ آلية قدمها للأمم المتحدة لكيفية معاقبة هؤلاء المجرمين.

وأكد أبو بكر أن "العام 2018 شهد خطورة كبيرة على واقع الحريات في الأراضي الفلسطينية نتيجة سياسة واضحة وفاضحة من حكومة الاحتلال الإسرائيلي ترجمها جيشهم بالاستهداف المباشر للصحفيين ليس في ميدان العمل فحسب، بل تجاوز ذلك لاقتحام منازل الصحفيين ومؤسساتهم وتحطيم ومصادرة المعدات المهنية".

وأضاف: إن قرارات حكومة وساسة وبرلمان دولة الاحتلال شكّلت غطاءً لهذه الجرائم، عبر قرارات علنية تم اتخاذها بغرض ترهيب الصحفيين في سبيل تغييب الرواية الحقيقية مقابل كذب وخداع الاحتلال ومنظومته في التغطية على جرائمه بحق شعبنا.

وكشف أبو بكر عن أن الأمانة العامة لنقابة الصحفيين قررت إنشاء المركز الوطني للحريات الإعلامية بهدف توحيد معايير وأسس رصد الانتهاكات ومصداقية التقرير أمام المجتمعين المحلي والدولي، وأن يكون المركز، الذي ستقود عمله لجنة الحريات في النقابة، مفتوحًا لكل المؤسسات ذات العلاقة التي تهتم بحرية الرأي والتعبير، وحرية الإعلام في فلسطين"، مشيرًا إلى أن النقابة ستعقد اجتماعًا خلال الأيام القادمة تدعو إليه كافة المؤسسات ذات العلاقة للانضمام ليكونوا شركاء في هذا المركز.

كما أشار إلى أن النقابة قررت مواصلة تدويل قضية الصحفيين الفلسطينيين، حيث عقدت خلال عام 2018 أربعة مؤتمرات دولية: مؤتمر في مقر الأمم المتحدة في جنيف، ومؤتمر في مقر البرلمان الأوروبي في بروكسيل، ومؤتمر في مقر مجلس العموم البريطاني في لندن، ومؤتمر في رام الله حضره جميع قيادة الاتحاد الدولي للصحفيين بعنوان "صحفيون تحت النار"، مبينًا إلى أن النقابة ستعقد مؤتمرًا هذا العام في مقر اليونسكو في باريس، عنوانه "لن يفلت مرتكبو الجرائم بحق الصحفيين من العقاب".

وبين أبو بكر أن تقرير واقع الحريات الإعلامية جاء محصّلة لجهود كبيرة قامت بها لجنة الحريات في النقابة على مدار السنة،  والتي تعمل على إصدار التقرير سنويًا في الأسبوع الأول من العام كي تخبر العالم عن واقع الصحافة الفلسطينية والاعتداءات والانتهاكات والجرائم التي تتعرض لها، منوهًا إلى أن التقرير يرصد بشكل دقيق شهادات من المعنيين وشهود العيان، إلى جانب التقارير الطبية عن حالات الاستشهاد والإصابات الخطيرة.

من جهة أخرى، لفت النقيب إلى انخفاض نسبة الانتهاكات الداخلية التي تعرض لها الصحفيين في الضفة الغربية وقطاع غزة نتيجةً للجهود التي قامت بها النقابة، حاثًا الحكومة على ضرورة الإسراع في إقرار قانون الحق في الحصول على المعلومات، ومجموعة من القوانين الأخرى التي تكفل حرية الإعلام وحرية الرأي والتعبير بهدف تعميق وتعزيز الحرية الصحفية في فلسطين.

كما أشار إلى أن الأسرة الصحفية في العالم فقدت خلال العام المنصرم 94 صحفيًا، قائلًا: "هذا رقم مذهل ومعيب للإنسانية أن يستمر قتل الصحفيين في العالم".

بدوره، أشاد مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار دويك بالجهود الكبيرة التي بذلتها نقابة الصحفيين خلال العام الماضي في الدفاع عن حرية الصحفيين، وفي إيصال قضيتهم وصوتهم إلى المحافل الدولية، معربًا عن اعتزازه بشراكة الهيئة مع النقابة والتعاون معها في الدفاع عن الصحفيين الفلسطينيين، وفي تطوير منظومة القوانين والتشريعات التي تحكم العمل الإعلامي والصحفي.

وأشار إلى أن الهيئة، وبطلب من مجلس النقابة، أعدّت ملفًا قانونيًا عن استشهاد الصحفيين ياسر مرتجى وأحمد حسين في غزة أثناء تأديتهم لواجبهم، حيث أثبت الملف بالوثائق الميدانية والشهادات الحية، أنه تم استهدافهما من قناصة الاحتلال بسبب عملهما الصحفي رغم أنهما كانا يرتديان الزي الذي يميزهما والشارات الواضحة، ووقوفهما في أماكن تسمح لهما بتغطية الحدث دون المشاركة فيه.

من جانبه، استعرض رئيس لجنة الحريات في النقابة محمد اللحام أبرز ما جاء في تقرير اللجنة السنوي، لافتًا إلى أن "العام 2018 شهد استخدام الاحتلال للصواريخ من الطائرات الحربية في الجرائم، كما حدث مع مبنى قناة الأقصى والذي دمّر بالكامل، وكذلك الاقتحام السافر لوكالة الأبناء الفلسطينية (وفا)".

وأضاف: "كانت الهجمة الأعنف لهذا العام على الصحفيين في غزة عبر 357 انتهاكًا، حيث قمع الاحتلال التغطية المهنية لمسيرات العودة التي انطلقت في أواخر شهر آذار الفائت. وجاءت مدينة القدس في المرتبة الثانية في حجم الانتهاكات من قبل جيش الاحتلال الذي مارس أبشع وسائل القمع بحق الصحفيين بالمدينة لمنعهم من نقل الواقع الأليم هناك".

وأبرز التقرير أن الغاز السام المسيل للدموع والمحرم دوليًا كان الأسلوب الأشهر، حيث استهدف 195 صحفيًا، بعضهم تلقى العلاج في المستشفيات جرّاء مجرد استنشاقه، إلا أن الأخطر كان استهداف أجسام الصحفيين بقنابل الغاز والصوت المنطلقة من قاذفات بنادق جيش الاحتلال والتي اصابت 87 صحفيًا وصحفية في أنحاء مختلفة من الجسد والعديد منها إصابات في الوجه والرأس. أما ملاحقة الصحفيين في الميدان ومنعهم من التغطية والاعتداء عليهم بالضرب بالأرجل وأعقاب البنادق والهراوات، فقد زاد ذلك عن 220 واقعة. وقد مارس الاحتلال جرائمه بالملاحقة والاعتقال، حيث تعرض 43 صحفيًا للاعتقال لفترات متفاوتة هذا العام مع بقاء 25 أسيرًا صحفيًا في سجون الاحتلال.

وأوضح التقرير أن الصحافة الأجنبية لم تسلم حتى من بطش وانتهاك الاحتلال حيث تعرض حوالي 16 صحفيًا أجنبيًا للاعتداء.

وأضاف التقرير أن الاحتلال لا يفرّق في انتهاكاته بين جموع الصحفيين، حيث أن 13% من الانتهاكات العامة سجلت بحق الزميلات الصحفيات بالميدان.

وعلى صعيد الانتهاكات الفلسطينية الداخلية، رصد التقرير تراجعًا طفيفًا في هذه الانتهاكات رغم الجهود التي بذلتها النقابة في سبيل الحد منها، حيث سجّل في قطاع غزة 86 انتهاكًا دون أي إمكانية لتدخل النقابة، حيث تستفرد حكومة الأمر الواقع التابعة لحركة حماس بممارسة القمع والإذلال والملاحقة التي كان أبرزها لتقارير وتحقيقات صحفية مهنية. أما في الضفة الغربية، فسجّل التقرير 78 انتهاكًا من قبل الأجهزة الأمنية عبر الاستدعاء والتوقيف والاعتداء والمنع من تغطية بعض الأحداث.

ودعا اللحام كافة الصحفيين إلى العمل سويًا لمساعدة زملائهم في قطاع غزة وعدم تركهم لاستفراد أجهزة حماس، ففي حين تتمكن النقابة من التواصل مع كافة الجهات في الضفة الغربية لحل القضايا المتعلقة بانتهاكات الصحفيين، ولكن في قطاع غزة تقمع النقابة تمامًا ولا يسمح لها بالتدخل في أي شأن يتعلق بانتهاكات الصحفيين هناك.

وقال: "يجب على نقابة الصحفيين تعزيز دورها في قطاع غزة رغم قمع وحظر وانتهاكات حركة حماس بحق النقابة في غزة، ويجب أن يجد ذلك التفافًا من الحالة الصحفية بعيدًا عن أي تجاذب سياسي".