النجاح الإخباري - أحيت وزارة الثقافة، مساء الأحد، الذكرى السنوية الأولى لرحيل الشاعر الفلسطيني الكبير أحمد دحبور، في حفل أقيم بالمسرح البلدي بمبنى بلدية رام الله، واشتمل على كلمات عدة، وقراءات شعرية، وفقرات فنية.

وتحدث في حفل إحياء الذكرى كل من مفوض الإعلام والثقافة والتعبئة الفكرية في حركة "فتح"ناصر القدوة، ووزير الثقافة إيهاب بسيسو، ورئيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين الشاعر مراد السوداني، ورئيس نادي حيفا الثقافي فؤاد نقارة، ويسار دحبور نجل الراحل، ورئيس تحرير صحيفة الحياة محمود أبو الهيجا، كما ألقى الشعراء فارس سباعنة وهلا الشروف قصائد للشاعر.

وقال القدوة، بهذه المناسبة: "كان أبو يسار جيشاً من الشعراء في آن، كان شاعر الوطن والمواطن الملتصق بالأرض، ليعيش مع البسطاء آمالهم وآلامهم إلى أن كتب لهم أغانيه، ومنها الأغنية الشهيرة عن الصمود الأسطوري في بيروت، كما أنه أيضا كان الشاعر القريب من الزعيم والقائد بطريقته، من خلال النقد والدعم، فكتب "نمشي ونختلف .. نمشي ونكتشف .. إنا معك"، ولعلنا نفتقد الآن أكثر ما نفتقد مثل هذه الروح، ومثل هذا النهج".

من جانبه، قال الوزير بسيسو: "إنَّنا نقف اليوم لنتذكر هذا العملاق، الشاعر والمثقف، الذي كتب لفلسطين على امتداد سنواته الإبداعية، متمّمًا كلَّ واجباته تجاه الوطن والقضية، غير بعيد عن نبض شعبه، بل في كلِّ مرة يلتحم فيه بآلام الشعب وآماله، فرحيل الشاعر الكبير أحمد دحبور جاء ليتمم رمزيات نيسان ما بين ميلاد ورحيل، ففي ذات اليوم الذي رحل فيه دحبور عن عالمنا جسداً، أي في الثامن من نيسان، وقبل رحيله بسنوات، ولد غسان كنفاني ليكون جزءاً من حاملي مشاعل هذه الوطن بثقافته وكتاباته ورسوماته أيضاً.

وأضاف: "إنه نيسان الذي ولد فيه ورحل الكبار، ففي العاشر من نيسان ولد الشاعر كمال ناصر، وفي الثالث عشر من الشهر نفسه للعام (1972) استشهد كمال ناصر إلى جانب أبو يوسف النجار، وكمال عدوان .. نيسان يمرُّ أمامنا ليرحل فيه أحمد دحبور، وكأنَّه اختار أن يكون إلى جانب هؤلاء الشهداء في رحيل الجسد، هذا الرحيل الذي نحمله يوماً بعد يوم في ذاكرتنا، لنواجه خساراتنا لهم بالتأكيد على حضورهم المعنوي والفكري والأدبي".

ووصف بسيسو نيسان بشهر الصمود، متحدثاً عن المقاومة الشعبية للاحتلال في غزة، بالقول: بالأمس القريب كانت غزة التي افتتن فيها أحمد دحبور عشقاً وحياة منذ تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية، حيث اتَّخذ منها مقراً للإقامة وعيناه ترنو إلى حيفا، من بحر في الجنوب إلى بحر في الشمال .. بالأمس القريب كانت غزة تودع الشهداء في مسيرة عمل جماهيري إبداعي يليق بمخيلة الشعراء، وغزة تشعل تلك الإطارات في رسالة غضب، ورسالة حياة في وجه  محتل لم يتوان على مدى السنوات الطويلة في حصار غزة بالعديد من المفردات .. إنه نيسان الصمود والبقاء والعمل الذي يأتي امتداداً لرسالة الشاعر الكبير أحمد دحبور."

وشدَّد بسيسو على أهمية التعاون بين المؤسسات الرسمية والأهلية كافة، لإحياء إرث دحبور والحفاظ عليه، فإحياء الذكرى السنوية الأولى لرحيله هي نقطة انطلاق لورشة عمل تحقق هذا الهدف.

وأضاف: "إيمانًا منا بدور دحبور الثقافي المؤسس، فإنَّنا في وزارة الثقافة التي عمل فيها منذ تأسيسها حتى بتنا امتداداً لعائلته الصغيرة، ندشّن اليوم لفعل ثقافي فلسطيني مشترك لمؤسسات على امتداد هذا الوطن، تأكيداً على حرصنا للاستمرار في تكريس نهج الوفاء لمبدعينا الكبار، ومنهم دحبور الذي هو حكاية وطن في رجل، وحكاية رجل عن حب الوطن".

وقدم يسار دحبور في كلمة العائلة سيرة ذاتية عن والده مستعيناً بلغة "الولد الفلسطيني"، فيما تحدث السوداني عن دحبور كقامة وقيمة، وعن أهمية التكامل في العمل الثقافي مع وزارة الثقافة والكل الفلسطيني لحفظ إرثه، مستذكرًا الأدباء ممن ولدوا ورحلوا في نيسان، وبينهم كنفاني، وعزت الغزاوي وأخرين.

وقدمت فرقة أصايل مجموعة من الأغنيات التي كتبها دحبور لفرقة العاشقين الفلسطينية.

من هو أحمد دحبور؟

شاعر فلسطيني، وهو أصغر شاعر تصدر له أعمال كاملة، وأصدر العديد من الدواوين الشعرية التي وضعته نقدياً بين أهم الشعراء في التاريخ الأدبي الفلسطيني، لكنه بقي كما كان دائماً، بعيداً عن الأضواء.

ولد في حيفا في الحادي والعشرين من نيسان عام (1946)، وغادرها في اليوم نفسه من عام 1948، لينشأ ويتعلم في مدينة حمص، عمل حتى عام 1988 مديراً لتحرير مجلة "لوتس"، كما عمل مديرًا عامًا لدائرة الثقافة بمنظمة التحرير الفلسطينية، وحاز على جائزة توفيق زياد في الشعر عام (1988)، وكتب العديد من أشعار فرقة العاشقين التي ساهم أساسًا في تكوينها مع عبد الله حوراني، وأغانيه يعرفها الفلسطينيون جيداً، مثل والله لازرعك بالدار يا عود اللوز الاخضر ـ اشهد يا عالم علينا وع بيروت ـ للقدس تشرع يا علمنا العالي ـ هبت النار والبارود غنى ـ دوس منت دايس عالزناد ـ جمع الأسرى جمع في معسكر أنصار ـ بالنار خرجتِ من رماد الحقب ـ أنقاض شاتيلا مرت بنا فجرا ـ غزة والضفة ـ يا شوفة للنسر بيسافر بعيد ـ عوفر والمسكوبية ـ هيه يا اولاد فلسطين المشرد واللي فيها ـ في كل بيت عرس ودمعتان ـ مويل الهوى ـ لغة العاشقين ـ يمشي على الجمر ـ موال شروقي ـ وصية أم (الليل مارد والقمر هربان) ـ وردة لجريح الثورة ـ قامت القيامة بصور ـ شوارع المخيم ـ شعبي الصابر ع جراحه ـ يا موطني يا موطن الصمود والاباء ـ مهرة حرة ـ يدّك بيدّي ـ ربيعُ العاشقينَ ـ وقوفاً وقوفاً نحيي العلم ـ القدس معراج العرب ـ وردة وعودة ـ غزة كتبتلي بالليل ـ دق الرمح بعـود الزين ـ عدو النور.

ومن ضمن ما أنتج: الضواري وعيون الأطفال عام (1964) في حمص، ولم يتجاوز يومها الثامنة عشرة من عمره، حكاية الولد الفلسطيني ـ بيروت (1971)، طائر الوحدات ـ بيروت (1973)، بغير هذا جئت ـ بيروت (1977)، اختلاط الليل والنهار ـ بيروت (1979)، واحد وعشرون بحراً ـ بيروت (1981)، شهادة بالأصابع الخمس ـ بيروت (1983)، الأعمال الكاملة ـ بيروت (1983) صدرت عن دار العودة، وكان عمره سبعة وثلاثين عاماً، وتضمن مجموعاته الشعرية السبع حتى ذلك الحين، كسور عشرية (1992)، هكذا، أي بيت، هنا هناك.