النجاح الإخباري - نحتار في اختيار أفضل الروايات المترجمة إلى العربية ، إلا أنّ هذا العام حفل في روايات تستحق القراءة منها:

الاعتداء، هاري موليش (Harry Mulisch)

في أواخر الحرب العالمية الثانية، تقتل المقاومة الهولندية عميلاً للنازيين في منطقة مهجورة لا تحتوي إلا على بضعة بيوت. يهرع أصحاب البيت الأقرب للجثة إلى الخارج فيبعدونها عن منزلهم ويضعونها قرب منزل آخر كي يحموا أنفسهم. بعد دقائق لا تكفي العائلة المهمومة بتفاصيلها الصغيرة لإدراك ما يحدث يأتي الألمان فيحرقون المنزل ويقتلون أفراد الأسرة انتقاماً لزميلهم المقتول.

ينجو الطفل الأصغر "أنطون" وحده من هذا الاعتداء، ويحاول أن ينسى ويعيش حياة هادئة، لكن بعد سنوات طويلة يلتقي بابن الرجل الذي تسبب مقتله في فناء عائلته، فتعود الذكرى إلى الواجهة.

رواية مكتوبة بحساسية عالية لتناقش مسائل في غاية الأهمية: الكراهية، القوة، الضعف، الذنب، القدر.

قطنا، ماريا كورانت (Maria Courant)

اكتشف فريق تنقيب أثري في منطقة قطنا، التي تقع في سورية، على مدافن ملكية سرية، وعلى أرشيف واسع من الرقم الطينية بالكتابة المسمارية. كانت هذه الموجودات مع غيرها محفزاً لكاتبة هذه الرواية كي تستفيد منها في صنع عملٍ أدبي يلقي الضوء على مملكة قطنا التي بلغت ذروة اتساعها وازدهارها بين 1900-1600 ق.م.

هكذا اعتمدت على كل هذه اللقى الأثرية لبناء عالم قطنا بما فيه من طقوس وأحداث تاريخية، كما اعتمدت على خيالها في بناء حبكة العمل الأساسية التي تدور حول "كيا" أميرة المملكة التي يرسلها والدها زوجةً ثانية لوريث عرش مصر "إخناتون"، كي يتحالف مع القوة الفرعونية العظيمة في صد أطماع الحضارات المجاورة ويحافظ على مملكته.

الرواية الضخمة التي تروي أحداث ذلك العصر المضطرب والمشحون بالدسائس والحروب الاقتصادية التوسعية، تناقش فكرة الألوهة، وفكرة التوحيد التي كان "إخناتون" أول المنادين بها. 

مغامرات أوجي مارش، سول بيلو (Saul Bellow)

بطل القصة وراويها "أوجي مارش" صبيٌ فقير من أحياء شيكاغو، يعيش مع عائلته المكونة من أم فقدت بصرها، وجدة مستبدة، وأخوين. شاءت الأقدار أن يفقد والده، وأن يكبر ضمن حقبة الركود الكبير في أميركا. يتنقل "أوجي" بين أكثر من مهمة وعمل، ويصادف خلال هذه المغامرات أنماطاً مختلفة من الناس: مخادعون، مغامرون، رجال أعمال، وأصحاب نشاطات غامضة، لكنه في كل مرة يعتقد أنه غير جدير بهذا العمل فيتركه، وينغمس في عمل آخر، كما ينغمس في عدة علاقات عاطفية مع نساء مختلفات.

رواية مكتوبة بحس فكاهي وساخر، يحاول فيها "سول بيلو" الحائز على جائزة نوبل للآداب 1976، من خلال شخصية "أوجي مارش" المليئة بالحياة ومبتكر المغامرات اللانهائية، أن يفهم معنى الحياة ويكتشف جدواها. 

أكتب لكم من طهران، دلفين مينوي (Delphine Minoui

بعد وفاة جدها في مشفى فرنسي عام 1997، شعرت "دلفين مينوي" بالحاجة إلى التصالح مع جذورها، والتعرف إلى هويتها وانتمائها، فزارت إيران وبقيت فيها عشر سنوات. زارت الكثير من المدن الإيرانية وتابعت عن كثب مظاهرات الفترة الأكثر غموضاً في البلاد والتي تعرف باسم الحركة الخضراء، قبل أن تتعرض لمضايقات أمنية بسبب ذلك وتغادر البلاد.

في هذا الكتاب الآسر تقدم "مينوي" لنا صورة حقيقية عن بلادها، صورة من الداخل، على شكل رسالة طويلة تكتبها لجدها المتوفي تحكي له فيها عن إيران بعد رحيله، عن الشوارع والبيوت والناس، عن الماضي والحاضر وآمال المستقبل، عن الأماسي الإيرانية الممنوعة، وعن الشك والتمزق وسطوة أجهزة الأمن. 

رجال التحري المتوحشون، روبرتو بولانيو (Roberto Bolaño)

يقوم مجموعة من الشعراء الشباب بتأسيس حركة شعرية تدعى "الواقعية الأحشائية"، ثم يرحل "أرتورو بلانو" و"عوليس ليما" للبحث عن آثار الكاتبة الغامضة التي ألهمتهم إنشاء هذه الحركة، والتي اختفت في المكسيك في السنوات التي أعقبت الثورة مباشرة.

غير أن اختفاء هذين الشخصين أيضاً سيحوّل وجهة البحث، فعلى امتداد عشرين عاماً تمتد بين (1976-1996)، نستمع إلى شهادات ثلاثين شخصاً قابلوا أو صادفوا "أرتورو" أو "عوليس" في أوقات متفرقة من حياتهم. اللافت أن "بولانيو" استطاع أن يعطي لكل واحدٍ من هؤلاء الثلاثين صوتاً متميزاً عن الآخر. وأن يملأ الرواية بالكثير من المناقشات الأدبية والأحداث الصغيرة، حتى لتغدو هذه الرواية الضخمة رواية عن كل شيء، عن الشعر والحب والموت والجنون والمغامرات والتاريخ.

عزلة صاخبة جداً، بوهوميل هرابال (Bohumil Hrabal)

على امتداد خمسة وثلاثين عاماً يعمل "هانتا" على آلة هيدروليكية لإتلاف الكتب، فالمعرفة صارت أخطر عدو في مدينة براغ الخاضعة لموسكو بعد الحرب العالمية الثانية. يتعلّم "هانتا" نشوة التدمير، ويعيش عزلته بين الكتب والأفكار الموجودة فيها، يحاول إنقاذ بعض الكتب بأخذها كل مساء في حقيبته ورصفها في منزله حتى يمتلئ منقذاً الأفكار الموجودة فيها من مصير قاتم. يعيش تجاربه الغرامية ويظل ملوعاً بعد وقوع عشيقته الغجرية في قبضة "الغاستابو".

يقوم مدير "هانتا" باستبداله بموظفين جديدين لأنه لم يحقق الهدف المطلوب منه، يشعر بخيبة كبيرة وهو يرى كيف يدمر الشابان خمسة أكوام من الكتب في ساعة واحدة دون أن يقدر على "إنقاذ الكتب الجميلة من الفضلات الكريهة". إنها رواية عن الدولة البوليسية التي تريد أن تنتصر على الفكر والحرف.

 

حياة كاملة، روبرت زيتالر (Robert Seethaler)

بعد وفاة والدته بمرض السل، يتم إرسال "أندرياس إيجر" ليعمل، وهو ما زال في الرابعة من عمره، لدى مالك أراضٍ في منطقة جبلية. هناك سيكبر وستنمو بنيته الجسدية، وسيكتسب صلابة وعناداً تمكنانه من اجتياز كل القسوة التي سيعيشها. تحكي هذه الرواية قصة "حياة كاملة" عاشها "أندرياس"، بدءاً من طفولته وحتى كهولته، وعن اللحظات التي شكّلته وهزّته. كما تحكي عن العزلة، وعن غزو التكنولوجيا للطبيعة العذراء، ممثلاً بشركة تأتي إلى الجبل لتنفيذ مشروع "تلفريك".

اللافت في هذه الرواية هو أن سرد الأحداث يتم بالتوازي مع وصف آسر للطبيعة ولجمالياتها، في تلك المنطقة الجبلية المثلجة، فتغدو تلك الصور بطلةً أساسية في النص، لا مجرد إطارٍ يحيط به

 

أنت قلت، كوني بالمن (Connie Palmen)

تتناول هذه الرواية سيرة أشهر زوجين شاعرين في الأدب الحديث، هما: تيد هيوز وسيلفيا بلاث. فتحكي عن الحب العاصف الذي جمع بينهما، قبل أن تمزقه خيوط الشك والغيرة، بعد أن اكتشفت "سيلفيا" علاقات زوجها الغرامية، فقررت وضع حدّ لحياتها، وانتحرت مختنقة بفرن الغاز في عام 1963. تمنح الكاتبة الشاعر "تيد هيوز" صوتاً ليروي هو الحكاية، وأسرار حياتهما، بعد أن صمت طويلاً في الحياة الواقعية ورفض أن يدافع عن نفسه أمام ما وُجّه له من اتهامات.

ما يجعل هذه الرواية جديرة بالقراءة، إضافة إلى أنها تنبش في حياة شخصيتين حقيقيتين، وتعريهما بحساسية شديدة، هي في أنها تقدم صورة عن الظروف التي كانت تعيشها "بلاث" في كل مرحلة وكيف انعكست على شعرها وقصائدها.

 

زوجات ومحظيات، سو تونغ (Su Tong)

ينتحر الوالد بعد إفلاس مصنع الشاي الذي يديره، فتقرر "سونغ ليان" ترك الجامعة والزواج برجلٍ غني في الخمسين من عمره، لكنها لن تكون زوجة وإنما محظية حسب التقاليد الصينية. هكذا تغادر بطلة الرواية إلى بيت الرجل الإقطاعي المتزوج بثلاث نساء قبلها، وتعاني هناك من مكائد وصراعات لا تنتهي مع الزوجات القديمات.

ثمة شيء آخر يقلقها وجوده في البيت: البئر القديمة. خاصة مع الحكايات التي تدور حوله والتي تحكي عن امرأتين ألقتا بنفسيهما في البئر لشعورهما بالخزي والعار.

تكشف الرواية الصورة المرعبة لعادات الصين الإقطاعية وتقاليدها في فترة أمراء الحرب الشماليين قبل الحرب الأهلية الصينية، ورغم أن موضوعها الرئيس ليس جديداً إلا أن أسلوب الكاتب وربطه بين البئر والبنية النفسية للشخصيات ومصائرهم يجعلان من هذه الرواية تحفة صغيرة.