نابلس - منال الزعبي - النجاح الإخباري - وقت الفراغ نعمة لا يحسن استغلالها الكثيرون وهي بوصلة تحدد من نكون، رغم نقمة كورونا كانت بالنسبة لراشد عياش من بلدة رافات جنوب سلفيت نعمة، حيث بدأ مشواره بمنشار يدوي وقطع خشبية ليتحول الأمر لمشروع يحاول راشد النهوض به.

راشد الذي يعمل موظفا في هيئة تسوية الأراضي والمياه في منطقته والحاصل على درجة الماجستير بالقانون الجنائي وجد وقتا كافيا للبحث بداخله عن هواية تملأ فراغه بما يفيد، في الوقت الذي قلبت جائحة كورونا حياة الناس رأسًا على عقب، قطعت أعمالهم وأشغالهم وحجرتهم في منازلهم ليجد الإنسان نفسه أقرب للطبيعة وأدواتها وللأرض ومكنوناتها.

عن تجربته يقول راشد ل ـ"النجاح الإخباري": "من سنة صارت تغيرات بحياتي اختلفت معها اهتماماتي تزوجت وربنا رزقني بولد عمره شهرين، سكنت بيت جديد، صار همي أوفر دخل أعلى لأسرتي وأجمّل بيتي".

وأضاف راشد: "من فترة تجارب كثيرة لشباب تكللت بالنجاح فزادت رغبتي بالإنجاز، قلت لنفسي أنا كمان بقدر".

وعن بداياته أوضح راشد أنه حمل المنشار اليدوي و "مشتاح" خشب ونزل لتسوية بيته التي تطل على منطقة "مجدل الصادق" في الداخل المحتل، كان أول شيء أنتجه راشد طاولة و"ستاند خشبي" أعجب المحيطين به وأشادوا بقدراته لكنهم لم يأخذوا الموضوع على محمل الجد وظنوا أنه مجرد تجارب عابرة بل تعرض للانتقاد ممن حوله وكانت جملتهم المعهودة "شوبدك بهالشغلة ما بتطعم خبز!!" إلا أنه بالإصرار والبحث والتطوير وضعهم أمام طموح يتحقق وإنجاز يسجل.

مع ميلاد أول قطعة لراشد زاد حماسه وبدأ يبحث عبر المواقع الإلكترونية التي أدخلته عالما متنوعا من القطع الخشبية الرائعة، بدأ بتنفيذها الواحدة تلو الأخرى ويصوّرها فخورا بإنتاجه بعد أن طوّر أدواته وجلب كل ما يلزمه من معدات دون اهتمام بالتكاليف والربح، فقد أخذه الشغف بهذه الموهبة التي لم يكتشفها بنفسه من قبل.

وجد راشد ضالته في الشبكة العنكبوتية التي غدت نافذته على العالم يستقطب منها الأفكار وينفذها ليسوقها عبر منصاته الإلكترونية وزاد الطلب على قطعه المتقنة بأسعارها الميسرة حتى باتت تصله الأفكار من الزبائن أنفسهم يطلبون منه تنفيذها لتكون مصدر رزق إضافي لوظيفته.

والده  الاكاديمي والمؤرخ د. حسن عياش، لفت إلى أن راشد صاحب عزيمة وإصرار وشاب طموح لا يعرف الكسل ويأخذ الدنيا على بساطتها، "فكان النجاح حليفه واستطاع أن يثبت ما لم نتوقعه منه". 

سريعا انتقل راشد من البدايات لاحتراف المهنة وخاض تجربة أنواع كثيرة من الخشب زادت من جودة منتجاته التي تزين البيوت والحدائق، حتى تطورت قدراته وأصبح أسرع بإنتاج الكثير من الأشكال والتحف وقطع الأثاث التي يطمح أن يصل من خلالها لافتتاح مشروعه الخاص وامتلاك معرض مفروشات يحمل بصمته وينمي موهبته ويشغل الشباب العاطلين عن العمل الباحثين عن رغيف الخبز.

وقدم راشد نصيحة لهؤلاء الشباب، مفادها أنَّ البطالة والعجز تكمن بالنفس ولا يمكن محاربتها إلا بالسعي مشيرا إلى أن خيرات فلسطين لا تنفد فالأرض تجود بكل ما فيها لتمنح كل ساعٍ للرزق رزقه.

قصة راشد تؤكد أن من يحمل مفتاح العزيمة والإبداع لا ترهقه البطالة وتفتح له أبواب الرزق والعمل، وأن كرم الطبيعة لا ينتهي كما إرادة شباب فلسطين.