نابلس - النجاح الإخباري - دفُ التطبيع الذي قرع لم يهدأ ضجيجه، وتوقعات بارتفاع الصوت مع انضمام المزيد من الدول العربية لخارطة المطبعين مع الاحتلال الإسرائيلي، لتتشكل في نهاية المطاف خارطة شرق أوسط جديد بنظام أمني وسياسي مختلف، في المقابل يطلق الفلسطيني صوت الحق المتمثل بصوت الرفض لأي خطوات تسير عكس قرارات قمة بيروت التي وضعت أسس السلام وإقامة العلاقات مع الاحتلال الإسرائلي، ويراهن الفلسطيني على رسالته السامية التي يحملها ووثيقة الطابو غير القابلة للتنازل عن الحق الفلسطيني بإقامة الدولة وفقا لقرارات الشرعية الدولية.

ومع صدور البيان رقم 1 للقيادة الفلسطينية الموحدة للمقاومة الشعبية بدأ الترقب يسيطر على المشهد بتركيز أكبر حول ما ستؤول إليه الامور وإذا ما كنا سنشهد انتفاضة شعبية جديدة أم لا.

تحريك المياه الراكدة

وأكد الدكتور طارق فهمي، استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، ان هناك مؤشرات ايجابية بعودة الاتصالات الفلسطينية ما بين رام الله وغزة، اضافة لاجتماع الفصائل، وبداية الحديث عن تواصل مشترك وهذا بحدث ذاته يحرك المياه الراكدة في الملف الفلسطيني.

وفيما يتعلق بالواقع العربي واذا ما كان سيدفع الى حراك شعبي فلسطيني وانتفاضة جديدة،  قال فهمي في حديث لـ"النجاح الاخباري": الحديث عن انتفاضة شعبية او حراك مرتبط بالعديد من التغيرات ربما يكون التطبيع احداها ولكن لن يكون العامل المباشر، وفكرة الحراك الشعبي ستحتاج لاليات واداوت اخرى كما ان تحريك الشارع بالضفة او غزة ليس بالامر السهل".

شرق أوسط جديد وشكوك بمبادرة السلام

وتابع:" نحن امام بيئة عربية جديدة مختلفة عما سبق لان البيئة السياسية والاستراتيجية للاقليم بأكمله ستتغير، وسيكون هناك نظام شرق اوسط جديد شئنا أم أبينا، وما جرى باجتماع وزراء الخارجية العربية، دليل واضح على ان الالتزام بفكرة المبادرة العربية بمحل شك كبير، ولكن ما هو مؤكد ان المناخ العربي سيتغير في اطار علاقته مع اسرائيل، وسيفتح الباب امام نظام امني وسياسي شرق اوسطي مختلف عما هو موجود، ونحن بحاجة لبلورة استراتيجية عربية، واليات جديدة، وكل هذا سيحتاج لادوات جديدة ومختلفة ولن يكون امر سهل".

السودان وعُمان على الطريق

وحول اذا ما كان هناك دول عربية تسير على نهج الامارات والبحرين، أكد فهمي ان سلطة عمان والسودان الاقرب للتطبيع، في الوقت الحالي، فكل طرف يبحث عن مصالحه، ولن يكون هناك موقف عربي موحد من الان وصاعداً.

وفيما يتعلق بجدوى الضغط الشعبي الفلسطيني بوقف او تجميد التطبيع أضاف:" الشعب الفلسطيني أوراق ضغط كثيرة تجاه ما يحدث، ويمكن ان يعيد ترتيب الامور بصورة جديدة، ولدى الشعب الفلسطيني فرصة جيدة، اذا ما تمخض عن الحوار الفلسطيني الفلسطيني صورة ايجابية، وتحقيق المصالحة.

لا تسويات دون الشعب الفلسطيني

وشدد فهمي على ان الجانب الامريكي حريص كل الحرص على عودة الاتصالات مع الجانب الفلسطيني، لان امريكا ومن معها تدرك انه لا يمكن ان تنجح اي تسوية دون الشعب الفلسطيني، لذلك الجانب الامريكي يسعى لتحقيق اختراق بالجانب الفلسطيني، مضيفاً:" الموقف الفلسطيني بحاجة لتغير استراتيجية وبلورة تصور جديد".

الشعوب متلقية

وحول مواقف الشعوب العربية قال فهمي:" الشعوب العربية اصبحت متلقية اكثر من كونها فعالة وهذا عائد بحالة الاتكالية والسلبية وبحث كل دولة عن مصالحها، القضية الفلسطينية الان اصبحت في اسفل هرم الاهتمام للدول العربية، ويجب اعادة القضية الفلسطينية للواجهة العربية والدولية، وهذا يحتاج لترتيب اولوليات فلسطينية داخلية فالشعوب العربية تنظر للانقسام الفلسطيني وهذا اثر على نظرتها للقضية الفلسطينية".

واشار الى ان الفلسطينيين عليهم ان يقدمو اوراق اعتماد جديدة للاقليم والشعوب العربية بعيدا عن التنديد والاتهام.

النضال الفلسطيني سيفرض نفسه دوماً

الكاتب والمحلل السياسي الاردني حمادة فراعنة، قال ان ردود الفعل الفلسطيني سواء الايجابية او السلبية، لم تكن مرتبطةً بردود الفعل العربية فردود الفعل الفلسطينية تعتمد على سلوك الاحتلال والعامل الاخر هو الذاتي الفلسطيني، ولذلك لست ممن يراهنون على أي تأثير عربي ايجابي او سلبي على الفلسطينيين.

وتابع في حديث لـ"النجاح الاخباري": المزاج الفلسطيني الان سلبي، بسبب الانقسام الفلسطيني، وبسبب الحروب البينية العربية، ولو ان العواصم العربية كافة طبعت مع اسرائيل، ماذا يعني ذلك؟ هل سينتهي الاحتلال؟ ام ستوقف النضال الفلسطيني؟ بكل تأكيد لا فأساس الصراع هو الاحتلال ولذلك النضال الفلسطيني لن يتوقف ما لم ينتهي الاحتلال، فالنضال الفلسطيني سيفرض نفسه دوماً".

عوامل صبغت التطبيع

وفيما يتعلق بالسياسة العربية الجديدة وما يمكن ان تقود له من تغيرات جديدة، قال فراعنة:" لا يوجد ما يسمى بخارطة سياسية جديدة لان هناك عوامل هي التي صبغت هذا التطبيع، واستطاعت امريكا اضافة لغباء السياسة الايرانية والتركية بصناعة اعداء وخصوم للعرب، لذلك الخليج ينظر بالقلق من ايران اكثر مما تقلقه اسرائيل، ولذلك اصبح التطبيع من وجهة نظرهم صحيح ليحميهم من اعدائهم، لذلك سنرى تحالفات جديدة في المنطقة،  وهذا كله تطبيق للسياسة الامريكية المنحازة لاسرائيل".

حركة شعبية عربية مدمرة

وحول التفاعل العربي تجاه ما يحدث اضاف:" التفاعل العربي والحركة الشعبية العربية مدمرة، ولكن هناك اصوات يمكن ان تكون ضعيفة ولكن هذا تعبير عن رفضها لما يحدث".

وفيما يتعلق بالحراك والضغط الشعبي الفلسطيني وامكانية ان ينجح بوقف او ربما تجميد التطبيع ، قال:" هذا ممكن الرهان ليس كبيراً ولكن على الاقل يوفر حالة من الاحراج لهذه الخيارات، ولكن يجب ان نراهن اولا على ما يمكن ان يحدث بفلسطين بعد الاتفاق بين مختلف الاطراف الفلسطينية، وصدور اول بيان للقيادة الوطنية الموحدة.

واضاف فراعنة:" سنشهد تطبيع بالتاكيد سنشهد دول اخرى ستطبع ومن الواضح ان السودان لا مانع لديها بالتطبيع وربما نشهد ذلك قريباً".

 الفلسطيني يراهن

ويوضح محمود خلف عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أن القيادة الموحدة هي نتاج لاجتماع الامناء العامين للفصائل الفلسطينية كافة، وهو ما يعطيها زخماً وقوة في ظل الظروف السياسية المعقدة التي وصلت لها القضية الفلسطينية، بعد تخلي العرب عنها نحو التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.

وأكد، أن الوضع السياسي الفلسطيني يعيش حالة من التدهور، وبالتالي الخيارات أصبحت محصورة ولا تحتمل الانتظار، الا بوجود حراك فلسطيني شعبي جاد ومستمر على الأرض يضغط على الاحتلال والمجتمع الدولي لاحقاق الحقوق الفلسطينية.

آمال بتحول الحراك إلى انتفاضة

وأعرب عن أمله، أن يتحول الحراك الشعبي على الأرض إلى انتفاضة شعبية شاملة، أي أن تشمل كل مناطق تواجد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس والداخل المحتل والشتات، وتستخدم كل أدوات النضال الشعبي الجماهيري التي تخق حالة ضغط على المجتمع الدولي للعودة للتأكيد على ثوابت الشعب وحقه في الحصول على حقوقه المشروعة وفقا لقرارات الشرعية الدولية.

وعن أوجه الشبه والاختلاف بين القيادة الموحدة الجديدة عن القيادة الموحدة التي شكلت في الانتفاضة الأولى (انتفاضة 87)، أوضح ان تلك القيادة لم تكن تشكل الكل الفلسطيني، وكانت حركتي حماس والجهاد الإسلامي خارجها، أما هذه القيادة وبعد اجتماع الامناء العامون للفصائل كافة، فإن حركتي حماس والجهاد الاسلامي ضمن هذه القيادة، وهذا يعطيها قوة وزخم، ولكل الجماهير بغض النظر عن حالة الانقسام والتباعد الجغرافي.

إضافة إلى أن الظروف اليوم تختلف عن السابق، لكن ما يجمعهما هو أن الشعب والقيادة في الأزمات يتوحدون ضد الاحتلال الاسرائيلي ، والشعب يتولى زمام المبادرة والنضال والضغط.

ولم يستبعد خلف، ان يلاحق الاحتلال الاسرائيلي القيادة الموحدة كما فعل في الانتفاضة الأولى، خاصة إذا كان عملها يؤرق الاحتلال، الذي لا يريد أي انتفاضة شعبية فلسطينية. لافتاً إلى أن أي عمل نضالي فاعل ضد الاحتلال لن يكون بلا ثمن. متوقعاً أن يستخدم الاحتلال كل وسائل القمع والارهاب والاعتقال ضد كل تحرك قيادي وشعبي وجماهيري، لذلك فالرهان يرتكز على صمود شعبنا وتحديه واستمراره بالعملية النضالية.

رسائل للعالم

بدوره، أكد إبراهيم أبو النجا القيادي في حركة فتح، أن بيان القيادة الموحدة يحمل الكثير من الرسائل للعالم، أمام ما حدث من غدر وتآمر وردة وخنق للقضية الفلسطينية (التطبيع العربي الإسرائيلي)، فاق كل التصورات.

وقال:" ما حدث من اتفاقات تطبيع من قبل الامارات والبحرين مع اسرائيل شيء لا يمكن أن يصدق، ومن هنا يأتي دورونا بضرورة أن يرانا العالم ويسمعنا، وأن نسمع بعضنا البعض قبل كل شيء.

وأضاف، أن بيان القيادة الموحدة رقم (1)، هو خطوة متقدمة كبيرة جدا باتجاهنا نحن كفلسطينيين، ويعني أننا توحدنا، وسيكون العمل في الميدان مشترك بين جميع القوى الفلسطينية، وهو أمر ينتظره شعبنا، وعلينا أن نتمسك بالقضية لا أن يتناولها طرف آخر يبقى في موقف المتفرج أو في موقف الناقد، داعياً إلى مغادرة الانتقادات والتحول للعمل الميداني على الأرض من قبل الجميع.

استمالة الشعوب العربية الحية

وحث أبو النجا، القيادة الموحدة للعمل على استمالة الشعوب العربية الحية، التي نراهن عليها، وعلى المؤسسات والأحزاب والنقابات العربية الذين يتحدثون بصدق وإخلاص عن قضايا الأمة.

وأكد، أن المرحلة القادمة ستشهد مواجهة شاملة مع الاحتلال الإسرائيلي، بأشكال مختلفة ضد الاستيطان والمستوطنين وعملية الضم وتهويد القدس، وستزداد المواجهة شراسة، وعندها لابد أن يقف العالم مع الفلسطينيين.

وحث القيادة الموحدة على تعرية حكومة الاحتلال، والإدارة الأمريكية، وأن تخاطب وسائل الإعلام كافة وبعدة لغات، وتشكل لجنة متابعة لها لتتابع التنفيذ والتقييم على الأرض. ولفت إلى أن الاحتلال ورغم مكره وما يمتلكه من وسائل لا تخطر على بال أحد لمواجهة الحراك الشعبي الفلسطيني، إلا أن الشعب سيواجهه بشراسة وبكل الأشكال والوسائل.

وحذر أبو النجا، الإمارات والبحرين، من اتخاذ مواقف ضد جاليتنا، أمام صلابة الموقف الفلسطيني الموحد تجاه ما أقدمت عليه الإمارات والبحرين. مشدداً على أن المسيرة انطلقت بالوحدة ولن تتراجع للخلف حتى تحقيق أهدافها.

تطبيع متوقع

المحلل السياسي سامر عنبتاوي، اكد ان ما حصل من تطبيع عربي كان متوقعا، مضيفاً:" نتمنى ان يكون هناك حراك شعبي في وجه الاحتلال ولكن لا يمكن اطلاق حملة شعبية دون تعبئة وتثقيف وتوعية وقيادة جماعية واضحة تقودهم للمقاومة الشعبية.

وتابع في حديث لـ"النجاح الاخباري": الحركة الشعبية الفلسطينية بحاجة للكثير من العمل والتمهيد الداخلي لتنطلق بقوة".

إعادة صياغة التحالفات

وحول امكانية ان يقود تطبيع بعض الدول العربية لخارطة شرق اوسط جديدة قال عنبتاوي:" ما يحدث الان اعادة صياغات التحالفات بالمنطقة بمعنى ان دول الخليج تذهب باتجاه التحالف مع اسرائيل لمواجهة اخطار مزعومة كإيران وتركيا بالمنطقة، بالتالي عندما طرح شرق اوسط جديد باشراف امريكي اسرائيلي".

واشار الى انه من المتوقع ذهاب دولة عربية كثيرة للتطبيع العلني بدلاً من التطبيع تحت الطاولة، ولم نفاجئ بتطبيع الامارات والبحرين، وكذلك لن نفاجئ اذا ما طبعت كل دول الخليج، لان الجامعة العربية اصلا نقضت سبب وجودها بحماية القضية الفلسطينية وكذلك المبادرة العربية، فهناك انهيار بمنظومة الدول العربية التي اصبح همها الاول مصالحها.

مشاكل داخلية عربية

وتابع عنبتاوي:" هناك اسباب عديدة لتراجع الشعوب العربية اهمها ما يسمى بالربيع العربي الذي جعلها تركز على مشاكلها الداخلية، وكذلك الانقسام الفلسطيني الذي لم يعكس صورة قوية عن الشعب الفلسطيني، ولكن الموقف الفلسطيني الصلب يمكنه استنهاض الشعوب العربية".

وحول السياسة الفلسطينية تجاه الدول العربية قال عنبتاوي:" يجب ان يكون الموقف الفلسطيني بالتعامل مع اي نظام عربي او حتى اقليمي او دولي، مرتكز على مدى علاقته مع اسرائيل بشكل واضح".