غزة - خاص - النجاح الإخباري - من منطلق " لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس" استمر الطالب الفلسطيني ،ناصر البحيصي، من وسط قطاع غزة، في تطبيق هذا المقولة ، فعلى مدار سنوات طويلة من الجد والكفاح ، تابع تعليمه وتفوق ،لكنه يختلف عن بقية الطلاب الآخرين ،فهو يقرأ ويدرس ويتعلم من على سرير غرفة العناية المشددة في مستشفى شهداء الأقصى .

للسنة الثالثة عشر على التوالي، يرقد ناصر البحيصي، في غرفة العناية المشددة ، جراء إصابته بشلل رباعي أفقده القدرة على تحريك كل جسده، وجعل نفسه حبيساً لا يستطيع إخراجه إلا من خلال جهاز التنفس الاصطناعي ،نتيجة حادث مؤسف تعرض له الطالب حين كان يبلغ الثامنة من عمره، عانى معه معاناة شديدة ،  طيلة تلك السنوات التي تخطاها بإرادته وعزيمته القوية إلى أن حقق حلمه في النجاح.

فبعزيمة الأصحاء و إرادة الأقوياء يتابع الطالب مسيرته التعليمية ،فقد حصل قبل ذلك على معدل 85% في الثانوية العامة عن الفرع الشرعي ،متحدياً اعاقته الحركية .

ولم يقف عند هذا الحد بل واصل وتابع تعليمه الجامعي الذي طالما حلم بتحقيقه، والتحق بالدراسة في جامعة الأزهر بغزة، وتابع تعليمه عن بعد طيلة أربع سنوات كافح بها بجد واجتهاد ، الا أن تخرج اليوم ،الخميس، فقد توجه صباح اليوم وفد من جامعة الأزهر إلى مستشفى شهداء الأقصى حاملين شهادة التخرج الخاصة بالطالب البحيصي، والذي حصل على بكالوريوس في الشريعة بتقدير جيد جداً، وكان في استقبال وفد الجامعة مدير المستشفى والعاملون يقسم العناية المركزة وأسرة الطالب وأقاربه.

وسط جو مليء بالفرحة والسعادة استقبل ناصر المهنئين من عائلته ،ووفد الجامعة ،مؤكداً على أن المرض والاعاقة لم يمنعانه من تحقيق حلمه حتى النهاية

وحول كيفية تحقيق نحاجه في ظل ظروفه الصحية الصعبة، قال البحيصي: "بإرادتي تحديت إعاقتي ووصلت إلى هذا التفوق الذي لم يصل إليه الكثير من الأصحاء"، مؤكدا على أنه لا يوجد عائق أمام من أراد تحقيق حلمه".

وتابع: "أهدي هذا النجاح إلى أسرتي الذين تعبوا معي خلال فترة دراستي ولم أشعر بأي صعوبات جراء وقوفهم بجانبي، وأيضا لا أنسى الأطباء الذين ساندوني بتوفير الهدوء لي أثناء تقديمي للامتحانات في جميع المستويات حتى وصلت للبكالوريوس في الشريعة الاسلامية."

سمير البحيصي والد ناصر قال أنه لم يتركه ليوم واحد وحيداً في المستشفى  معبراً عن تقديره وفخره بعزيمة ابنه، مشيراً إلى أنه وجميع من يعرفوه استلهموا الصبر والمثابرة منه، مكملا: "كنت أتوقع نجاحه لأنه متفوق منذ بداية دراسته الابتدائية."

الطبيب النفسي المشرف على حالة الطالب البحيصي مهند حمدان قال في تصريح سابق: "إن تفوق الطالب ناصر اليوم نابع من إيمانه وثقته القوية بقدراته وبنفسه، رغم أنه كان يعاني في بعض الأحيان من الشعور بالقلق خلال ساعات تقديم الامتحان، إلا أن هذه الرهبة وهذا القلق كانا بمثابة دافع كبير للنجاح والتفوق".

يذكر أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس ،تابع الطالب البحيصي ،منذ أن كان في الثانوية العامة ،فاتصل به مهنأً له ولذويه بالنجاح الباهر في الثانوية العامة والذي تحدى به إعاقته وتجاوز بقدرته كثيرا من الأصحاء.

وتكفل بتعليمه في حتى تخرج اليوم من المرحلة الجامعية.

وبعد تخرجه من الجامعة بيوم انتقلت روح ناصر إلى السماء بعد معاناة استمرت 13 عاما،مودعا الدنيا وقد أرضى ربه ونفسه ،مثلما كان يردد دائما ، بأنه سيتعلم علوم الشريعة ويتفوق بها .