غزة - مارلين أبو عون - النجاح الإخباري - رغم نظرات العطف والنقص التي تلاحقها، إلا أنَّ إعاقتها لم تسلب منها حياتها، ومضت قدماً في مشوار التحدي، رافضة مقولة "العقل السليم في الجسم السليم" فقط ، وأثبتت للجميع أنَّ الإعاقة ليست في الجسد بل بالفكر والروح.

الأمل والاجتهاد والكفاح وتحدي الظروف، مراحل خاضتها بتجربتها دون يأس، متحديَّة  إعاقتها، كما أنَّ وجودها في غزّة وظروف الفقر، والحرب فرض عليها حياة بواقع مرير، فاقمت  ابتلائها.

الشابة العشرينية شيرين سامي سويدان، شاء القدر أن تأتي للحياة صمّاء بكماء، فلا هي تسمع ما يدور حولها ولا تستطيع أن تعبّر عن رأيها وتفاعلها مع الآخرين، إلا أنّها لم تنعزل عن المحيط، بل تمَّردت على فقرها وعجزها عن الكلام، وتعلمت الكثير من الفنون التي وجدت فيها نفسها.

عن تجربتها تحدّثت بلغة الإشارة لـ"النجاح الإخباري"، فقالت: "نشأت في أسرة فقيرة، والدي أيضًا من الصم والبكم، ولدي شقيق معاق، نشأت يتيمة الأم، فربتني جدتي، تعلَّمت في جمعيات خاصة، حتى أنهيت سنواتي الأولى، وبدأ بعدها يتشكَّل عندي حبُّ المعرفة والاستطلاع لكل ما يجري حولي".

دورات تدريبية

وتابعت: "التحقت بجمعيات خيرية لأتعلم حرفة، وأنميّ موهبتي التي كنت أشعر بها منذ الصغر، بالتدريب والممارسة، نمَّت لدي موهبة الخياطة والمشغولات اليدوية، وعمل أصناف من المأكولات اللذيذة، وفيما بعد انضممت للتدريب على برامج الفوتوشوب".

وأوضحت شيرين أنَّها في البداية عانت كثيراً، فمعظم المجتمع الفلسطيني ينظر لكلِّ المعاقين نظرة شفقة، وتلك النظرة هي من جعلتها تبدع وتصر على النجاح، وتثبت للكثيرين أنَّها قادرة على الاعتماد على نفسها.

وأكَّدت أنَّها ومجموعة من زميلاتها المتفوقات أبدعن في خياطة الكثير من الملابس المدرسية والخاصة، بالإضافة إلى أنَّهن يحببن الجلوس سويًّا، وعمل الورود الورقية والمشغولات اليدوية، من أبسط الأشياء المتوفرة لديهن، لشغل وقتهن، وأملاً في إيجاد فرصة عمل يستطعن من خلالها إبراز مواهبهن، وتصبح مصدر دخل لأسرهن.

حكايتها مع الخياطة

وتجد شرين لذة ومتعة منقطعة النظير وهي تجلس خلف ماكنة الخياطة، تفصل بيديها ثوباً تبدع فيه، بعد أن ترسمه في مخيلتها، وما إن تنتهي من خياطته تضيف لمساتها الفنية فتعطيه رونقاً وجمالاً آخر، قالت: "بإحساسي وحبي للخياطة، انضممت لإحدى الدورات التدريبة التي تُعنى بتنمية هذا الحب، وفعلاً لولا حبي للخياطة لم أكن لأبدع أبداً في أي شيء، فاجتزت دورات تدريبية، كنت من الأوائل فيها، وأثرت إعجاب مدربيني ومدرباتي، لأنَّ الموهبة موجودة، يتبقى فقط تنميتها، وبعد أن اجتزت الدورة وتركت الخياطة، انتابني شعور واحساسٌ بالضيق، لأنَّني لا أملك ماكنة خياطة خاصة بي أستطيع على الأقل أن أفتح بها مشروعاً خاصاً، أخيط ثياب الجيران والمعارف مقابل مبلغ من المال أستطيع من خلاله إعانة والدي العاطل عن العمل". 

وتابعت: "بعد ذلك فكرت بوقت فراغي، شعرت أنَّ بإمكاني عمل شيء مفيد، التحقت في دورة تدريبية للذين في مثل حالتي، لتمكننا من الاعتماد على الذات خاصة في إعداد الكثير وجبات الطعام المنوعة، فتعلمت صناعة الأكلات بأنواعها كافّة، والمعجنات اللذيذة، حتى صار الأهل يطلبون مأكولاتي".

إبداع الجديد

شرين وسط صمتها وخشوع حواسها لفتها برنامج الفوتوشوب، حتى صار شغفها، إلى جانب برامج تنولوجية أخرى، تمضي ساعات طويلة أمام جهاز الحاسوب، وتبدأ في عمل المجسمات والأشكال، تجري تعديلات على الصور والفيديوهات وتصممها.

وتناشد شرين المسؤولين بتبني حالتها ومساعدتها بفتح مشروعها الخاص، تلخّص مشوار التحدي بإشارات يدها التي تقول: " أنا أؤمن أنَّني قادرة على التغيير وأؤمن أيضاً أنه سيكون لي مشروعي الخاصة الذي أبدع فيه"،