نابلس - منال الزعبي - النجاح الإخباري - أوضحت بيانات وزارة الماليَّة أنَّ عام (2018) أظهر تراجع نفقات منظَّمة التحرير الفلسطينية بحدَّة بلغت (2,5%) مقارنة بعام (2017).

وبيّن الكاتب والمحلل الاقتصادي د. نصر عبد الكريم، أستاذ الاقتصاد في جامعة بير زيت الأسباب وراء هذا الانخفاض خلال لقاء عبر إذاعة صوت النجاح في برنامج "صباح فلسطين"، قال: "من الصعب تحديد سبب واضح، لكن يمكن القول إنَّ السبب سياسي ويكمن في تجميد مخصَّصات بعض فصائل منظَّمة التحرير، أو إعادة التصنيف للبيانات والنفقات، أو قد يكون تقشف حقيقي نتيجة للظروف الماليَّة التي تمرُّ بها السلطة".

وأضاف: "وحدها وزارة المالية تعرف السبب الحقيقي، ولا شك أنَّ هذا التراجع الكبير يعكس أولويات مختلفة لدى السلطة الفلسطينية، وربما يعكس ترتيب أهميَّة منظَّمة التحرير في حياة الفلسطيني؛ لأنَّ منظَّمة التحرير مسؤولة من خلال الصندوق القومي عن كلِّ الأنشطة والعمل الفلسطيني في الخارج، والفصائل الفلسطينية، وفلسطينيي الشتات، والمجلس الوطني والمركزي، وغيرها، ما يشير لعظم الأهمية السياسية لمنظَّمة التحرير.

وبما يخصُّ توقف النفقات عن بعض الفصائل، وأنَّها ستبقى ديونًا في ذمَّة الماليَّة، أوضح عبد الكريم أنَّ  لائتلاف منظَّمة التحرير دورًا كبيرًا، في حين أبدى خشيته من أن تتَّسع الهوَّة بين الفصائل الفلسطينية، أوأن يستمر هذا التجميد في المخصَّصات، التي تبقى ديونًا مستحقة في ذمّة الماليَّة، وعليه يجب أن تعالج في سجلات المالية للسلطة على أنَّها التزامات قائمة.

وبيّن أنَّ موازنة السلطة ونفقاتها تسجَّل على أساس ما يسمى بـ"النقدي" أي ما يصرف فعلًا، وترحل الالتزامات للعام التالي.

جودة الإنفاق

أما بالنسبة لتقنين التعيينات الحكوميَّة والتقاعد المبكر، التي بدت على رواتب الموظفين العموميين، موضحة تراجعًا على نفقات الأمن التي بلغت حتى نوفمبر (2018)، (2.5) مليار شيكل مقارنة بعام (2017) الذي بلغت نفقاته (3.5).

قال عبد الكريم، إنَّ معظم نفقات الأمن تتكون أساسًا من رواتب وأجور ومزايا مصاحبة للوظيفة العامة، و نفقات الطعام والمحروقات، لهذا السبب يتسبب التقاعد بانخفاض هذه النفقات، بشكل طبيعي.

 وتساءل هذا الإنجاز المالي ماذا يقابله كتكلفه سياسية واجتماعية واقتصادية؟

مشيرًا إلى أنَّ التقاعد ليس الحل الأنسب للمعالجات الاقتصادية والاجتماعية، وعليه فإنَّ الترحيل للأزمة يفاقهمها ولا يحدّ منها، وقد كانت نفقات الأمن تعادل نفقات وزارتي الصحة والتعليم، أما اليوم فتعادل نفقات التعليم فقط، قال، "ليس الهاجس كم ننفق على التعليم أو الأمن إنّما ما يهم هو جودة هذا الإنفاق،هل هو في مكانه، هل هو مستحق وذا قيمة، وهل هو ذات عدالة؟

وأضاف أنَّ المشكلة الحقيقية تكمن في فجوات الرواتب في القطاعين الأمني والعسكري، كما هو الحال في القطاع المدني، لهذا السبب فالمشكلة ليست بحجم فاتورة الأمن، حيث إنَّ الحبكة ليست بزيادة موازنة أي قطاع بقدر ما هي اتجاهات زيادة النفقات، وجودة مخرجات القطاع.

مقارنات

ومقارنة بالدول المجاورة أشار عبد الكريم، إلى أنَّ فلسطين من أعلى الدول نفقة خاصة على قطاع التعليم بما يصل (20%) من موازنة السلطة الفلسطينية، أي ما يوازي (06,%- 07,%)  من الناتج المحلي، قائلًا: "ظاهريًّا هذا مؤشر جيِّد، لكن ما يعنينا  أثر هذا الإنفاق من تطوير التعليم، والارتقاء بالبحث، والكوادر، والمرافق التعليمية، وبيئة التعليم، وهنا عودة لجودة الإنفاق، إسرائيل مثلًا أكثر دولة في العالم إنفاقًا على البحث العلمي والتطوير وهذا يؤسس لوضع اقتصادي ناجح"، بحسب عبد الكريم.