نهاد الطويل - النجاح الإخباري - كانَ الأسبوعُ الماضي هو أسبوعُ ثَورةِ الغَضب التي سادَت مُعظم المُدِن العربيّةِ والإسلاميّةِ احتجاجًا على قرارِ الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب "نَقلْ السّفارة الأمريكيّة إلى القُدس المُحتلّة"، لكن هُناك مَواقِف إنسانيّة رائعة تَجلّت على هامِش الاحتجاجات، تَعكِس، على بَساطَتِها، مَدى وَطنيّة أصحابِها، وإخلاصِهم للقضيّة الفِلسطينيّة.

أوّل هذهِ المَواقف كانت للطيّار الأُردني يوسف الهملان الدعجة الذي تَمرّد على تَعليمات شركة الطيران الوطنيّة الأردنيّة (الملكيّة)، وقال في المَيكروفون لرُكّابِه “إنّه يُحلّق الآن بطائِرتِه فَوق فِلسطين المُحتلّة وعاصِمَتها القُدس″، وتَحوّل إلى بَطَلٍ شعبيّ حَظِيَ بحَملةِ تضامنٍ واسِعةٍ في الأردن، وأرجاءٍ أُخرى من الوَطن العربيّ، تأييدًا لمَوقِفه الوطنيّ المُشرّف، وتَصدّيه بطريقَتِه الخاصّة، وبقَرارٍ فَرديٍّ، لقرارِ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نَقل السّفارة الأمريكيّة من تل أبيب المُحتلّة إلى القُدس المُحتلّة.

المَوقف الثّاني  فيَنعكس في إقدامِ صاحِب مطعم شاورما فِلسطينيّ في مُخيّم جباليا بقِطاع غَزّة، على وَضع يافِطَةٍ أمام مَطعمِه تُؤكّد تَخفيضات بنِسبة (80%) للزّبائن الكوريين الشّماليين، ووَضع صُورةٍ كبيرةٍ للرئيس كيم جونغ أون في واجِهة المَحل تَقديرًا لرَفضِه قرار الرئيس الأمريكي ترامب، وإدلائه بتصريحاتٍ تتّهمه، أي ترامب، بالجُنون، وتَهديده بقَصف العُمق الأمريكي بصواريخِه الباليستيّة.

صاحب المطعم إبراهيم رابا الفَقير المُعدم، مثل زميلته الموريتانيّة، التي تَبعُد عَنه مسافةً لا تَقِل عن خَمسة آلاف كيلومتر، يُدرك جيّدًا أنّه لا يُوجد مُواطنون كوريون شَماليون في قِطاع غزّة، يُمكن أن يَستفيدوا من هذا العَرض، ولكنّه يأمل قدومهم إلى القِطاع في يوم ما كقُوّة مُراقبة، وأرادَ أن يُعبّر بخَطوَتِه الرمزيّة تَقديره لَهُم ولرئيسِهم الشّجاع.

أما الموقف الثالث فقد كان لسيّدة موريتانيّة تتظاهر يَوميًّا لوَحدِها أمام السّفارة الأمريكيّة في نواكشوط حامِلةً العلم الفِلسطيني انتصارًا لعُروبة وإسلاميّة القُدس المُحتلّة، وإدانة لقَرار الإدارة الأمريكيّة بتَهويدِها والاعتراف بِها عاصِمةً لدَولة الاحتلال الإسرائيليّ.

هذهِ السيّدة التي تَركتْ رِعاية أطفالِها لوالِدتها، وتَغيب عن عَملِها لساعاتٍ يوميًّا، كانت تُردّد بأعلى صَوتِها، وكاميرات السّفارة تُراقِبها “بالرّوح بالدّم نَفديكَ يا أقصى.. لا سَفير ولا سَفارة ولا علاقة بأمريكا”.

مشروع قرار ..

دوبلوماسيًّا، ينتظر أن  يبحث مجلس الأمن، مشروع قرار، يشدّد على أنَّ أي قرارات تخص وضع القدس، ليس لها أي أثر قانوني، ويجب سحبها.

لكن مشروع القرار الذي قدمته مصر، ووزع على أعضاء المجلس الخمسة عشر، أمس السبت، لم يذكر الولايات المتحدة أو ترامب بالتحديد. وقال دبلوماسيون، إنَّ المجلس يمكن أن يصوت على المشروع، بحلول الإثنين أو الثلاثاء.

ويؤكّد مشروع القرار الذي جاء في صفحة واحدة، واطلعت عليه "رويترز" على "أنَّ أيَّة قرارات وتدابير تهدف إلى تغيير هوية أو وضع مدينة القدس، أو التكوين السكاني للمدينة المقدسة ليس لها أثر قانوني، ولاغية وباطلة، ولابد من إلغائها التزاماً بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".

ويدعو مشروع القرار "كل الدول إلى الامتناع عن إقامة بعثات دبلوماسية في مدينة القدس المقدسة، تطبيقاً لقرار مجلس الأمن (478) لسنة(1980)".

كما يطالب كلَّ الدول الالتزام بقرارات مجلس الأمن المتعلقة بمدينة القدس، وعدم الاعتراف بأيَّة تدابير أو إجراءات تتناقض مع هذه القرارات".

ويحتاج المشروع لإقراره موافقة تسعة أعضاء، مع عدم استخدام أي من الدول الأعضاء الدائمين، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، حق النقض (الفيتو).

قلق اسرائيلي..

وفي الوقت الذي واصلت الولايات المتحدة إسناد الموقف الإسرائيلي من قضايا الصراع، أبدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قلقاً متزايداً من إمكانية إقدام القيادة الفلسطينية، بإسناد من الدول العربية والإسلامية وقوى دولية، على تحركات تبطل مفعول قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

في هذا السياق، كشف موقع صحيفة "يسرائيل هيوم"، أمس السبت، النقاب عن أنَّ "تل أبيب أبدت قلقاً كبيراً من أن يقدم الاتحاد الأوروبي على إصدار قرار بشأن موقفه من الصراع يلغي عملياً مفعول قرار ترامب". ونقلت الصحيفة عن مصادر مسؤولة في تل أبيب قولها إنَّ "إسرائيل تتخوف من أن يقدم الاتحاد الأوروبي على إصدار إعلان يعتبر أنَّ حلَّ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سيكون فقط من خلال حل الدولتين، بحيث تكون القدس عاصمتهما".

"وأشارت المصادر إلى أنَّ "دوائر صنع القرار في إسرائيل تنطلق من افتراض مفاده أنَّ مؤسسات الاتحاد الأوروبي قد اتخذت بالفعل قراراً بهذا الشأن وسيتم التعبير عنه في كل وقت من قبل قادة الاتحاد". وأشارت إلى أنَّ "صدور مثل هذا القرار عن الاتحاد الأوروبي، لا يقلّص فقط قيمة قرار ترامب، بل يضمن أيضاً إسناد حل الدولتين وينزع الشرعية عن أي تسوية لا تقوم على تقسيم القدس".

وأوضحت أنَّ "كلصا من ديوان رئيس الوزراء ووزارة الخارجية في تل أبيب، يعكفان حاليًّا على إجراء اتصالات مع دولة أوروبية صديقة لإسرائيل، تحديداً هولندا واليونان، لممارسة ضغوط على حكوماتها لعدم الموافقة على إصدار مثل هذا القرار".

جولة بنس قد تؤجل

وكان مسؤول في البيت في الأبيض أعلن قبل أيام أنَّ "نائب الرئيس الأميركي مايك بنس سيؤجل جولته المقررة في الشرق الأوسط مدة يومين، في حال وجود ضرورة، لمشاركته في تصويت حاسم على تشريع في الكونغرس حول  تخفيض الضرائب".

وأفاد أنَّ "بنس سيغادر وفقًا للجدول الجديد الثلاثاء المقبل، في جولة تبدأ بزيارة القاهرة، لإجراء محادثات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي". وكان من المقرر في الأصل أنَّ يبدأ بنس جولته في وقت متأخر  من السبت.

إلى جانب مصر، تشمل جولة بنس إسرائيل، من دون أن يتوجه إلى الأراضي الفلسطينية، بعد الجدل الذي أثاره اعتراف الإدارة الأميركية بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإلغاء مسؤولين عديدين لقاءات معه.

وكان الرئيس محمود عباس، قد رفض لقاء كان مقررًا معه في رام الله، محذّرًا من أنَّ الولايات المتحدة لم يعد لديها دور لتلعبه في عملية السلام.

ويبدو أنَّ مشروع بنس المعروف بأنَّه متدين جدًا، لزيارة بيت لحم قد الغي أيضًا.

ومن المقرر أن يلقي كلمة أمام الكنيست، ويلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال جولته التي تستمر (5) أيام.