نسرين موسى - النجاح الإخباري - نتيجة لتردي الأوضاع الإقتصادية في قطاع غزة، اتجه العديد من الشبان لاستخدام بنادق الصيد والذهاب بها إلى ما تبقى من محميات في الآونة الأخيرة، وخاصة إلى وادي غزة لصيد الطيور النادرة والمهاجرة، إما بغرض الطعام أو بيعها للزينة، مثل دجاجة الماء وطائر الغر وأنواع من طيور البط المهاجرة، إضافة لصيد الطيور المقيمة مثل اليمام بأنواعه،  والهدهد لاستخدامه في أعمال السحر والشعوذة وحتى طائر الدوري البلدي لم يسلم من بنادق الصيد، كما أن الثعلب الأحمر في منطقة جحر الديك يتم اصطياده بشكل كبير، وبيعه بثمن باهظ لحدائق الحيوان.

وهذا يشكل تهديدا لثروات غزة الطبيعية خاصة في ظل غياب القوانين التي تنظم عملية الصيد في القطاع، فقانون البيئة الفلسطيني الذي أقره المجلس التشريعي عام 1999م، لم يحدد لوائح تنفيذية وقضائية،  ولم يتطرق بشكل تفصيلي للصيد.

وحول تأثير الصيد الجائر على ثروات غزة الطبيعية، أفاد الباحث التنوع  الحيوي أيمن دردونة لـ"النجاح الاخباري" بأن الصيد الجائر في غزة ساهم في  تناقص أعداد الحيوانات البرية، لافتا إلى أن الصيد يتم بشكل عشوائي ولا يحكمه قانون محدد، دون مراعاة مواسم التكاثر أو منع صيد الأنواع النادرة والمهددة بالإنقراض.

ويخص دردونة في حديثه انخفاض  أعداد طائر السمان أو الفر التي تهاجر إلى سواحل القطاع في فصل الخريف، وذلك بسبب وجود الشباك على طول الشاطئ وصيدها بشكل جائر بعد رحلة هجرة شاقة، وهذا يفسر عدم وجود بيئة آمنة لها.

ويضيف الباحث دردونة :" كذلك انخفضت أعداد  الحسون الفلسطيني بشكل كبير نتيجة صيده الجائر،  ويباع في أسواق الطيور بثمن باهظ، كما ساهم الصيد الجائر بانخفاض أعداد طائر الشنار،  حيث لم يعد يرى بأعداد كبيرة كما كان بالماضي".

وفي معرض رد دردونة على سؤال هل الصيد الجائر العامل الوحيد الذي ساهم في تدهور الحياة البرية في قطاع غزة؟ يقول: "ليس العامل الوحيد  ولكنه عاملا مهماً الى جانب الزحف العمراني،  والتلوث، وتناقص المساحات الخضراء والمحميات الطبيعية في قطاع غزة".

الشاب العشريني فؤاد أبو ناموس هوايته صيد الطيور بكافة أشكالها يقول لـ"النجاح الاخباري" : "بغض النظر عن أي تهديدات للبيئة  لا أدركها، لا أستطيع الكف عن ممارسة هوايتي، خاصة بعد أن كسبت  بعض النقود من بيع ما اصطاده".

يسرد أبو ناموس رحلته في صيد الطيور، قائلا: "أستيقظ في الصباح الباكر، وأتوجه إلى أراضي شبه مهجورة (بور)، وأرصد أماكن الطيور وأقوم بقنصها"، سواء بما أسماه (فخ كبير)  بحيث يضعها بين كومة أحجار، أو ملاحقتها إلى أن يمسك بها.

ويختم أبو ناموس: "لم يعد صيد الطيور مجرد هواية، ولكنه اصبح مصدر رزق خاصة بعد أن وجدت إقبالا كبيرا على أنواع مختلفة من العصافير ودفع مبالغ كبيرة مقابلها"، ويتابع: "هذا شجعني على الاستمرار في صيدها في ظل عدم وجود أي فرصة عمل لي، ولست وحدي من أفعل ذلك بل يرافقني الكثير من أصدقائي".

يستهوي الجامعية شذا أبو بكر شراء العصافير لكنها لا تعرف من أين مصدرها والخطر الذي يسببه صيدها العشوائي  للبيئة.

وتقول أبو بكر لمراسلنا: "أشتري العصافير لأستمتع بأصواتها، وأسجلها كي أضعها نغمة لهاتفي في بعض الأحيان، كما أنني ارسل الأصوات لأصدقائي".

وفيما يتعلق بمدى الخطر الذي يتبعه الصيد العشوائين تقول: "للأسف لم يتطرق أحد لهذا الموضوع سواء في حياتي المدرسية أو الجامعية".

ولأن كثيرون غير أبو ناموس لا يدركون خطر الصيد الجائر وضع الباحث في التنوع الحيوي أيمن دردونة الحلول لتفادي الخطر، وشدد على  أن الحل يجب أن يكون شمولي يراعي نشر الوعي البيئي، وتوفير فرص عمل بديلة وكذلك تأهيل المحميات الطبيعية في قطاع غزة.

ومن الناحية التشريعية لابد من سن قانون للصيد يحدد الأنواع المحظور صيدها والأنواع المسموح بها، وكذلك تحديد المواعيد الخاصة بالصيد ومنع صيد الطيور في مواسم الهجرة والتكاثر، بالإضافة إلى إبراز أهمية الحياة البرية وجعلها هدفا هاما في التنشئة التربوية نحو تعزيز مفهوم حماية الطبيعة من أجل توفير بيئة سليمة للأجيال القادمة تشمل استفادتهم منها وتنميتها بشكل مستديم.

ولم يقتصر الصيد الجائر على الطيور بل شمل البحر حيث يقوم بعض الصيادين باصطياد الأسماك الصغيرة ما يؤدي إلى مجاعة مائية.

عبد الفتاح عبد ربه الأستاذ المشارك في علوم البيئة في الجامعة الإسلامية يشدد على أن صيدها يخل بالتوازن البيولوجي، وبالتالي انخفاض الإنتاج السمكي.

ويطالب عبد ربه  بالوعي البيئي الكامل، وإيجاد  قانون بيئي يمنع صيدها.