نسرين موسى - النجاح الإخباري - تكررت مشاهد بعض الأطفال أو حتى الشباب، وهم ينبشون حاويات النفايات بحثًا عن أشياء يمكن الاستفادة منها عن طريق بيعها، أو حتى أكلها من قبل معدمي الحال، ناهيك عن تجمع الحيوانات والكلاب عليها.

أ"م محمد أبو سنيدة" من منطقة الفخاري جنوب شرق قطاع غزة تشعر بالاستياء من النفايات المتجمعة في المنطقة التي تقطن بها، لما تسببه من أخطار ومخاوف على صحة أطفالها.

أبو سنيدة تقول لـ"النجاح الاخباري": "حياتنا لا تطاق في هذه المنطقة، الروائح الكريهة تعبق في منازلنا، نضطر إلى تركها طيلة اليوم ونذهب إلى البحر هربًا منها".

وتوضح السيدة أبو سنيدة أنَّ ما يزيد الأمر تعقيداً هو حرق النفايات داخل المكب ما يؤدي إلى انبعاث الدخان في المنطقة وبالتالي يختنقون".

وتختتم الأربعينية أبو سنيدة: "أصبحنا نعاني من الأمراض فلا يوجد طفل إلا وأصابه الطفح الجلدي والسعال والربو ولا حياة لمن تنادي".

مدير دائرة الصحة والبيئة في بلدية رفح "م.أسامة أبو نقيرة"، ينفي القيام بحرق النفايات في منطقة الفخاري بعد ترحيلها ويقول لـ"النجاح الاخباري": "عندما تكون النفايات في المكب بكميات كثيرة  يتولد غاز الميثان وأول وثاني أكسيد الكربون، ، والديوكسين، والفيوران، والجسيمات العالقة، وأدخنة ضارة، وبسبب ارتفاع درجة الحرارة ينشب الاشتعال طبيعياً، بسبب الغازات المتولدة من النفايات".

ويضيف أبو نقيرة: "لا يوجد مكبات كافية جميعها منتهية الصلاحية، وجاري إنشاء مكب على مساحة (240) ألف متر مربع بتمويل من البنك الدولي، في منطقة الفخاري على أحدث النظم وسيتم الانتهاء من المشروع بعد سنتين".

وفي  رده على سؤال كيف سيتم التعامل مع المخلفات إلى حين انتهاء المشروع؟ أردف أبو نقيرة: "سيتم إعادة تأهيل المكب القديم في الفخاري وزيادة مساحته".

ويرجع أبو نقيرة التقصير إلى الحصار، قائلًا: "البلديات تعاني من منع دخول آلات جديدة وجميعها متهالكة".

المختص في الكيمياء العضوية والمحاضر بجامعة الأزهر في غزة الدكتور حسن طموس يحذر من حرق النفايات بمختلف أنواعها، ويقول: "إنَّ هذا يهدد البيئة".

ويوضح طموس في حديث خاص لـ"النجاح الاخباري" أنَّ أغلب النفايات تحتوي على مواد بلاستيكية يولد حرقها المواد السامَّة والمسرطنة، ما يهدد صحة الإنسان والبيئة بشكل عام ".

ولتفادي خطر النفايات يوصي طموس بأنَّه يجب توفر مكبات جديدة تستوعب حجم النفايات، في أماكن متفرقة بعيدة عن السكان، وكذلك صيانة المكبات القديمة.

ويعتبر دكتور "علي برهوم" استشاري ومدير تنفيذي لمجلس إدارة النفايات الصلبة جنوب قطاع غزة، أنَّ النفايات الصلبة تشكل مكرهة صحية، لو لم يتم التعامل معها بطريقة صحيحة، وتشكل خطرًا على الصحة العامة للسكان والمواطنين، كما تؤثر على خزان المياه الجوفية.

ويشدد برهوم على أنَّ التخلص منها عن طريق الحرق له مردود صحي خطير، ويعتبر غير بيئي، وينم عن جهل وتخلف،  وكل المواد الناتجة من العملية سامة على التربة والمواطن.

وردًا على سؤال، ما هي الوصايا كي يتم التعامل مع النفايات بطرق سليمة؟ أردف برهوم لـ"النجاح الاخباري" قائلًا: "الإنتهاء من إعداد دراسة تفصيلية تتضمن أفضل الطرق لإدارة النفايات الصلبة في القطاع خلال السنوات الـ(25) القادمة، وبناء عليها تمَّ إعداد وتجهيز حلول مرحلية ومستقبلية حول كيفية التعامل مع النفايات الصلبة".

ويختتم برهوم أنَّ الحل يتركز على إنشاء محطات فرز وتدوير لإعادة الاستخدام، حيث إنَّ الدراسات أثبتت أنَّه يمكن الإستفادة من حوالي (70%) من النفايات الصلبة التي ينتجها قطاع غزة، وتبلغ حوالي (1500) طن يوميًا، إضافة إلى إقامة مكبين رئيسيين في قطاع غزة، لاستيعاب هذا الكم الهائل من النفايات.

وينتج قطاع غزة نحو (1500) طن من النفايات الصلبة يوميًا، ترحل إلى ثلاثة مكبات مركزية للنفايات تقع شرق قطاع غزة، وجلُّها قد بلغ عمره الإفتراضي، فضلاً عن عشرات المكبات العشوائية أو المؤقتة المنتشرة في قلب المناطق السكنية.

وتتنوع  النفايات الصلبة ما بين مخلفات منازل ومصانع، بالإضافة إلى مخلفات زراعية وأخرى طبية خطرة، لاحتوائها على جراثيم تسبب الأمراض المعدية، وغالباً لا يتم فصل النفايات تبعًا لخطورتها، فجميعها تلقى في نفس المكبات.

ويبقى تساؤل المواطنين في منطقة الفخاري قائمًا: "ما ذنبنا لنتحمل وجود المكب، والعذر أقبح من ذنب،  بأنَّ اشتعال النفايات يتم بطريقة تلقائية؟ ومن سيحمي أطفالنا من الأمراض والكوارث المترتبة على ذلك؟؟".