النجاح الإخباري - قال نابليون بونابرت: «إنّ التاريخ ليس سوى مجموعة من الأكاذيب، اجتمع الناس أو اتفقوا على تصديقها»، وهذه المقولة ربما تكون صحيحة أو قريبة من الصحة إلى حد كبير؛ فعلى الرغم من وجود الكثير من الحقائق الصحيحة التي أثبتها التاريخ ودونها كمرجع للمهتمين، إلا أنه ثبت بالمقابل أنّ هناك حقائق أيضاً نسبت لأشخاص معينين على أنهم هم من قاموا باختراعها، ولكنهم في حقيقة الأمر ليسوا كذلك.

ماري أنطوانيت: «دعوهم يأكلون الكعك»
ماري أنطوانيت هي من الشخصيات التي عرفها التاريخ حتى يومنا هذا؛ فقد كانت الملكة الفرنسية في القرن الثامن عشر، وبرغم مواقفها الكثيرة، إلا أنّ أشهر ما يذكر لها هو قولها لمستشاريها: «دعوهم يأكلون الكعك»، وقد قالتها كما يذكر التاريخ عندما أخبرها هؤلاء المستشارون أنّ الفقر انتشر بين أفراد رعيتها حتى أنهم باتوا لا يستطيعون تناول الخبز؛ فقالت ببساطة ربما نمت عن بعدها الشديد عن الواقع، المقولة الشهيرة، وهي «دعوهم يأكلون الكعك»، والحقيقة هي وإن كانت الملكة قد قالت الكلمة؛ فليست هي أول من قالها؛ حيث إنّ هذه المقولة جاءت في كتاب اسمه الاعترافات للفيلسوف جان جاك روسو، وقد تم تأليف هذا الكتاب في العام 1766، وهو ما يثبت أنّ الملكة ماري أنطوانيت ليست أول من قال هذه الجملة إن كانت قالتها من الأساس؛ حيث إنها عند صدور هذا الكتاب، كانت لا تزال طفلةً تبلغ من العمر عشر سنوات فقط.

جورج واشنطن كارفر و«زبدة الفول السوداني»
جورج واشنطن المعني هنا هو عالم أمريكي وليس هو نفسه الرئيس الأمريكي السابق، وقد أثرى هذا العالم البشرية بالكثير من الاختراعات الغذائية المفيدة؛ حيث اختص في مجال الزراعة والمواد الغذائية، وعلى الرغم من كثرة هذه الاختراعات وأهمية بعضها الشديدة، إلا أنّ اسم جورج واشنطن لم يرتبط سوى باختراعه زبدة الفول السوداني، وهي تحويل الفول السوداني من حبيبات ليصبح معجوناً على الشكل الذي نعرفه جميعنا، والحقيقة أنّ جورج استخدم زبدة الفول السوداني في كثير من اختراعاته، إلا أنّ فضل اختراعها لا يعود له شخصيّاً في ذلك؛ فقد عُرف أنّ زبدة الفول السوداني ظهرت للمرة الأولى في جنوب أفريقيا في عام 950 قبل الميلاد، كما أنّ أول من قام بتحضيرها في شكلها الحالي المتعارف عليه كان مارسيللو أديسون؛ حيث أسماها حلوى الفول السوداني، وقد كان هذا في عام 1884.

جوزيف إينياس غليوتان والمقصلة
يسود اعتقاد شهير بأنّ الطبيب الفرنسي جوزيف غليوتان هو أول من اخترع آلة الذبح والإعدام الشهيرة المعروفة بالمقصلة؛ حيث إنه كما يروى في هذه القصة التاريخية حاول إيجاد وسيلة أكثر رحمة وإنسانية من استخدام الفأس أو الشنق؛ فتوصل لاختراع المقصلة، وقدم هذا الاختراع الذي اشتق اسمه من اسم الطبيب في العام 1789؛ ليتم اعتماده بدلاً من الطرق القديمة في الإعدام، والحقيقة وعلى الرغم من كون جوزيف شاهداً على اختراع المقصلة بالفعل، إلا أنّ دوره لم يكن أكثر من دور إداري فقط وليس له أي فضل في اختراعها؛ فالفكرة ترجع بالأساس لطبيب وجراح يدعى أنطونيو لويس؛ حيث إنه شاهد نماذج مشابهة لها في أسكتلندا وإيطاليا؛ فقام برسمها وتطويرها وفقاً لما شاهده، وبعد ذلك قام ألماني يدعى توبياس شميدت، بصنع أول نموذج لها وفق ما رسمه أنطونيو، وقد تم اعتمادها بالفعل واستخدامها في ذلك الوقت من قبل الحكومة الفرنسية.

إبنر دووبلدي لم يخترع البيسبول
يعرف أغلب ممارسي لعبة البيسبول، إن لم يكن جميعهم، بأنّ الفضل في اختراع هذه اللعبة الشهيرة والممتعة يعود للجنرال الأمريكي الراحل إبنر دووبلدي، حتى أنّ قاعة البيسبول في كوبر ستون قد تم تسميتها باسمه في العام 1939، وهي الذكرى المئوية لاختراع اللعبة، إلا أنه ليس من قام باختراع لعبة البيسبول، أكثر الألعاب تفضيلاً في الولايات المتحدة؛ فقد قام رئيس الدوري الوطني بعمل مجموعة من التحقيقات عن أصل اللعبة؛ فوجد بأنّ تاريخ اللعبة ذكر في العام 1905، عندما قام رجل يدعى إبنر جرافيز بذكر تفاصيلها في أحد خطاباته؛ ما جعله يستنتج بأنّ إبنر دووبلدي هو من قام باختراع اللعبة، والحقيقة أنّ القائد دووبلدي صاحب الأمر الشهير بإطلاق النار على حصن سومتر، كان موجوداً في العام 1839 في ويست بوينت، ولكن هذا الوجود ليس له أي علاقة من قريب أو بعيد بلعبة البيسبول؛ ما يؤكد تاريخيّاً أنّ اختراع اللعبة نسب عن طريق الخطأ والاجتهادات الفردية لهذا الرجل برغم كونه بعيداً عنها كل البعد.