وكالات - صادق الشافعي - النجاح الإخباري - لجهة المبدأ فإن إجراء الانتخابات في جامعة بيرزيت يؤشر بقوة الى حالة صحية تعيشها الحركة الطلابية واتحادها النقابي في الجامعة.
فما بالك إذا كنا نتكلم عن انتخابات طلابية ديموقراطية ودورية لا يمنع إجراءها الكثير من المعيقات الموضوعية أولاً ثم الذاتية أيضاً.
خصوصية انتخابات جامعة بيرزيت أنها دورية سنوية وتنافسية ديموقراطية في نفس الوقت وتشارك فيها كل التنظيمات الطلابية في الجامعة، او معظمها الأساسي وصاحب الحضور الوازن. ثم تأتي خصوصيتها الأخرى النابعة من المشاركة في الانتخابات من كل أو معظم التنظيمات ذات الوزن والحضور في الجامعة وبين طلبتها.
وأيضاً، إن الكل يتعامل مع نتائجها بالقبول والإيجابية.
ثم إن الهيئة النقابية المنتخبة وبغض النظر عن تركيبتها التنظيمية تلتزم بتمثيل كل الطلبة وقضاياهم بشموليتها وتنوعها.
كل ما تقدم تؤكده بشكل واضح وقوي تجربة السنوات القليلة الأخيرة على الأقل.
وإذا كانت تجربة انتخابات جامعة بيرزيت متميزة بالشكل الموصوف، فإنها ليست وحيدة بين جامعات الوطن، فخلال هذا الشهر جرت انتخابات جامعة النجاح في نابلس وجاءت على نفس النسق تقريباً.
حال التنظيمات الشعبية الفلسطينية الأخرى ليس كالحال الموصوف في جامعة بيرزيت والتنظيم الطلابي فيها.
صحيح ان انتخابات طلابية تحصل في جامعات اخرى في الوطن، لكنها في الغالب ليست كلها دورية ومنتظمة، ولا ترقى الى المستوى الموصوف في جامعة بيرزيت.
وتبقى الأمور في كثير من الجامعات مرهونة بنسبة عالية لرؤية التنظيم السياسي الأكثر حضوراً في عضويتها. وربما تبقى مرهونة لواقع معين سلبي يفرض نفسه على الوطن الفلسطيني بشكل عام في ظروف وأوقات معينة، او على بعض الجامعات بشكل خاص وهي حالات قليلة.
انتخابات جامعة بيرزيت ومثيلاتها، تفرض شد الانتباه الى عدد من الملاحظات الهامة والعامة حول واقع الاتحادات الشعبية والمهنية الفلسطينية بشكل عام،(داخل الوطن وخارجه) والى ثقل حضورها ودورها الطبيعي المفترض في مجريات النضال الوطني الفلسطيني العام.
اول هذه الملاحظات، هي ضعف الدور الذي تقوم به الكثير من الاتحادات الشعبية في تجديد وتفعيل اطرها النقابية او الشعبية المفترضة وتأطير أعضائها المفترضين، وتفعيل دورهم ودور اتحادهم المعني في المسار العام للنضال الوطني الفلسطيني وقضاياه الوطنية العامة.
هذا الى جانب تبني أمور ومطالب تخص الشريحة المجتمعية التي يمثلها الاتحاد المعني وقيادة النضال العام لتحقيقها.
وأكثر ما يعرض ويؤكد هذا الواقع بوضوح هو ندرة وتباعد إجراء انتخابات عامة في اغلبية الاتحادات الشعبية على المستوى العام، وعدم تجديد الهيئات القيادية العامة للاتحاد المعني، ومعها التوجهات والسياسات العامة الوطنية منها بالدرجة الأولى.
هذا الحال يُبقي قيادات تلك الاتحادات شبه دائمة ونادرة التغيير، ويجعل مواقفها حيال القضايا الوطنية العامة شبه روتينية وموسمية او في المناسبات، وتبقى على نفس مسار مواقف التنظيم الذي تنتمي إليه.
والحديث هنا هو عن عدم إجراء الانتخابات لأسباب ترتبط بالحال الوطني العام.
أما ان تفرض الجهة الحاكمة والمسيطرة في منطقة من مناطق الوطن بقوة القرار السلطوي منع اجراء الانتخابات لأي اتحاد شعبي فلسطيني في منطقتها فهذا يصبح خروجاً لا يمكن قبوله ولا قبول أي تفسير له.
وثاني الملاحظات هو اقتصار حضور ودور الاتحادات الشعبية القائمة - بغض النظر عن ضعف واقعها كما تمت الاشارة - على مناطق السلطة الوطنية، ودون أي ارتباط او علاقة مع أي وجود نقابي او حتى حضور وتأثير على أي تشكيل شعبي او نقابي خارج ارض الوطن - كما كانت الحال قبل قيام السلطة الوطنية حين كان ذلك الوجود او تلك التشكيلات ترتبط مع مراكز الاتحادات كفروع لها وكأي فرع في ارض الوطن او خارجه.
الأمر الأكثر غرابةً أن الحال الموصوف فيما يتعلق بهذا الأمر هو القبول به والتعايش معه دونما أي مسعى او محاولة للتوصل الى أي شكل من أشكال الارتباط بين تشكيلات الخارج مع مراكز الاتحادات المعنية داخل الوطن.
والأهم، انه قد حان الوقت وأصبح من الضروري فتح نقاش عام حول فهمنا لموضوع النقابات المهنية والاتحادات الشعبية ودور كل منهما.
فغالبية الاتحادات تأسست في أواخر خمسينيات وأوائل ستينيات القرن الماضي، وفي ظل ظرف وواقع فلسطيني مختلف. وكان من الصائب حينها ان تكون المهمة الأساسية لهذه الاتحادات بطابعها العام سياسية وتعبوية جماهيرية لحشد جهود الشعب الفلسطيني من أجل العمل المنظم لتحرير فلسطين ثم الالتفاف حول الثورة وحول منظمة التحرير الفلسطينية لاحقاً.
والآن وبعد ما يزيد على نصف قرن، آن لنا ان نرى اختلاف الأهداف والبرامج والدور بين المهني والشعبي وبين الداخل والخارج. وإيجاد آلية تؤدي لتكامل وترابط عمل هذه الأطر لتصب جميعها في العمل الكلي الفلسطيني.
وكل هذا بنهاية الأمر، مرتبط بالحال الوطني الفلسطيني العام وبالذات والتحديد جهاته وهيئاته المنظمة والجامعة والقيادية وفي مقدمتها منظمة التحرير الفلسطينية.