النجاح الإخباري - أدعي أني من الأشخاص، الذين لم ينخدعوا يوما بمواقف ما يسمى "القائمة العربية الموحدة" بزعامة منصور عباس، التي كان تأسيسها منذ البداية عنوانا للفتنة في أوساط الشعب في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة وباسم الدين. وكل يوم تتكشف حقائق جديدة عن سقوط فرع جماعة الإخوان المسلمين في أراضي الـ48 في مستنقع الحركة الصهيونية وتيارها الأكثر يمينية وتطرفا، وعن انخراطها الكامل في دعم تلك القوى الفاشية، وباسم "الواقعية" و"العقلانية". لكن الخلفيات والنتائج المتمخضة عن سياساتها وسلوكياتها دليل بالغ الدلالة عن الارتباط الوظيفي في أجندة دولة المشروع الصهيوني الاستعمارية. ولن تزيل عنها شعاراتها الغوغائية واقعها وصفتها كأداة مأجورة رخيصة بيد اليمين الصهيوني الفاشي.
آخر ما نضحه وليد طه، عضو الكنيست الإسرائيلي الحالي من مستنقع الحركة الإسلامية الجنوبية جاء في لقائه مساء السبت الماضي مع "القناة 12" الإسرائيلية في برنامج "لقاء الصحافة" وقال فيه: "نحن كحزب عربي لا نحب الحروب على الإطلاق، ونكرهها. بالنسبة لي لا ينبغي أن يكون الاختبار (تعقيبا على مواقف بينيت المتوعدة قطاع غزة بالحروب، بتعبير آخر أراد أن يقول ليس مضطرا للخروج من الائتلاف الصهيوني لمجرد تهديد أو حتى اشتعال حرب من حكومة بينيت على القطاع)، ولكن الاختبار هو ما يجب القيام به لتمكين الحياة". وما هي التمكينات التي حققتموها للجماهير الفلسطينية لتحسين حياتها؟ هل أسقطتم قانون "القومية الأساس للدولة اليهودية"، أم أسقطتم قانون "كامينتس"، أم فرضتم على الحكومة الآيلة للسقوط تغيير الخرائط الهيكيلية للمدن والبلدات والقرى الفلسطينية؟ وتابع رئيس لجنة الداخلية في الكنيست معمقا موقفه المتساوق مع حكومة بينيت/ لبيد وفق ذرائعية تافهة ومفضوحة وغبية بقوله "لنفترض أن هناك عملية في غزة، ونحن نترك التحالف والحكومة – فماذا سيأتي حكومة أخرى لن تخوض الحروب؟ (يؤكد أن أية حكومة إسرائيلية جديدة ستكون حكومة حرب، ومع ذلك مصمم وزعيمه منصور على المراوحة في ذات الخندق الصهيوني) ونحن نريد السلام، وأن تقوم إسرائيل بدفع قضايا الحياة قدما". ووصف طه دخول حركته الائتلاف اليميني المتطرف بـ" الخطوة التاريخية". وفي عجالة أطرح المزيد من الأسئلة على عضو كتلة "راعم" في الكنيست، ما هو التاريخي في خطوتكم التآمرية على وحدة الصف الفلسطيني العربي وشق القائمة المشتركة، وإعلان انضمامكم في قاطرة الصهيونية الدينية والفاشية الأخيرة؟ وعن أي سلام تتحدث؟ هل يريد بينيت وشاكيد وساعر وحتى لبيد سلاما؟ أم أنهم يسعون ويمارسون أبشع أشكال جرائم الحرب، ليس ضد محافظات الجنوب الفلسطينية فحسب، وإنما في كل الأرض الفلسطينية؟ وهل المناداة بالسلام مرهونة بالفلسطيني وحده؟ وهل مطلوب من الفلسطيني أن يبقى صاغرا مستسلما لأجندة ومشروع الحكومات الصهيونية المتعاقبة الكولونيالية؟ ثم من قال إن هناك فلسطينيا واحدا يريد الحرب في حال وجد السلام؟ ولكن هناك فرق بين من يدافع عن حقه في الحياة الحرة والكريمة، وبين من يبيع نفسه في سوق النخاسة الصهيوني بأبخس الأثمان. 
وفي السياق ذاته، يكشف عضو الكنيست عن الليكود، ورئيس الائتلاف في حكومة نتنياهو السابقة، ميكي زوهر عن هدفهم من الحوار مع منصور عباس، زعيم الحركة الإسلامية الجنوبية، فيقول كان الهدف شق وحدة القائمة المشتركة ليس إلا. وهذا ما نقله ملحق صحيفة "معاريف" الإسرائيلية يوم الجمعة الماضي الموافق في لقاء معه، وعاد وأكد الهدف من اللقاء مع فتى الصهيونية الجديد بالقول "صحيح إنني أجريت محادثات مع منصور عباس والموحدة، لكنها كانت تهدف بالأساس إلى تفكيك القائمة المشتركة، وأنا سعيد لأننا نجحنا في هذه المهمة على الأقل." 
إذن من خلال ما تقدم، نلحظ أن دور ووظيفة الموحدة ونوابها في الكنيست الـ24 كان وما زال تفتيت وحدة المجتمع الفلسطيني العربي في داخل دولة إسرائيل، وتمزيق القائمة المشتركة، التي سببت أرقا للقيادات الصهيونية المختلفة، ويعترف زوهر بذلك قائلا، إن حصول القائمة المشتركة على خمسة عشر مقعدا حال دون تشكيل حكومتين إسرائيليتين بزعامة الفاسد زعيم الليكود، الأمر الذي أملى على القوى الصهيونية المختلفة بيمينها وما يدعى يسارها ووسطها التآمر عليها، وتفكيكها، وعدم إعطاء الفلسطينيين وقواهم السياسية فرصة لمضاعفة قواهم في الكنيست، ووضع الأسافين بينهم، ولم يكن أفضل من القائمة الموحدة أداة للتخريب. من المؤكد في القائمة المشتركة قوى أخرى تعبث بمستقبلها حتى تطوي صفحتها كليا. ولكن منصور عباس وزمرته كانوا البيدق الأهم والأكثر خطورة على مستقبل وحدة الشارع الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة؛ لأنهم وجدوا لهذه الغاية، وهذا الهدف. والمستقبل سيكشف عن أدوار أكثر خطورة على مستقبل الكفاح الوطني الفلسطيني برمته، وليس في داخل الداخل فقط.