نابلس - عقل أبو قرع - النجاح الإخباري - من المعروف ان المجتمع الفلسطيني بكافة تجمعاته هو مجتمع فتي أو مجتمع شاب، وبما أننا سائرون نحو انتخابات تشريعية ورئاسية خلال أشهر من اليوم، فمن المفترض أن تحتل هذه الفئة الشابة الضخمة الأهمية والحيز المطلوبين، سواء من حيث الترشح أو طبيعة البرامج الانتخابية، وبالأخص تلك البرامج التي تركز على مبدأ التغيير، سواء أكان تغييرا اجتماعيا أو تربويا أو اقتصاديا أو سياسيا.
ولأن هذه الانتخابات تأتي بعد حوالي 15 عاما من آخر انتخابات عامة تمت فسيكون لها تأثير عام على مختلف جوانب الحياة في بلادنا، وبما أن السن المحدد للاقتراع في بلادنا هو الـ 18 عاما، فإن فئة كبيرة قد تصل الى حوالي الـ 20% من مجموع الناخبين سوف تنتخب لأول مرة، ودون شك أن هذه الفئة لها مفاهيم وتطلعات وخطط وتفكير وتوقعات وأفكار تختلف عن فئات عمرية أخرى، مارست حق الانتخاب في الماضي، وعاشت ضمن بيئات وتطلعات مختلفة.
وبالإضافة الى من سوف يشارك لأول مرة في الانتخابات من هذه الفئة العمرية الشابة، فإن الإحصاءات تشير الى أن فئة الشباب بين الـ 18     والـ 30 عاما تشكل حوالي الـ 50% من مجموع الناخبين، واذ ازداد العمر لكي يصل الى الـ 40 عاما، فقد تصل هذه الفئة الناخبة الى حوالي        الـ 60% من مجموع الناخبين، وهذه مجموعة ضخمة من المفترض أن يحسب لها المرشحون والكتل السياسية الحساب، لأن هناك قواسم مشتركة وتطلعات لا تختلف كثيرا لفئات الشباب، وبغض النظر عن طبيعة الانتماء أو التأييد لهذه الكتلة أو لهذا المرشح أو ذاك.
وإذا علمنا ان سن الترشح للانتخابات التشريعية في بلادنا هو الـ 28 عاما، فمن المفترض أن يكون هناك عدد ملموس من فئة الشباب على القوائم الانتخابية المختلفة، لأنه إذا كانت الكتل المختلفة تنادي بالتغيير، وإذا كانت فئة الشباب أو الفئة العمرية بين سني الـ 18 والـ 40 عاما هي التي تبحث عن التغيير أكثر من الفئات الأخرى، فمن الأجدى أو الأكثر واقعية أن تقود فئة الشباب ذلك، سواء من خلال المشاركة في سن القوانين التي تصب في مجالات التغيير أومن خلال مراقبة أداء السلطة التنفيذية خلال سيرها نحو أو قيامها بعملية التغيير، وهذان هما المجالان الأساسيان للمجلس التشريعي أو لأي هيئة تشريعية منتخبة في العالم، لذا وبعيدا عن «الكوتا» وبالتركيز على الكفاءة وعلى البرامج الواقعية، من المفترض أن تحتل فئة الشباب موقعا مهما على قوائم المرشحين أو من خلال الكتل.
وفي ظل الحديث عن كل ذلك، فإن علينا التذكر، ان الواقع الذي له علاقة مباشرة بالانتخابات، والذي ما زال ينخر في جسد المجتمع الفلسطيني وبكافة أجياله، وبعيدا عن الخلفيات السياسية والحزبية والفكرية، هي الانتماءات العائلية او العشائرية، ورغم الوعي، ورغم النسبة الكبيرة من الأجيال الشابة، ورغم النسبة المتصاعدة من مشاركة النساء في نشاطات عديدة في المجتمع الفلسطيني ومن ضمنها الانتخابات، ورغم النسبة الكبيرة، التي يحويها المجتمع الفلسطيني من خريجي الجامعات ومعاهد وكليات التعليم العالي، إلا ان الانتماء العائلي العشائري كان وما زال وربما سوف يكون واضحا او حتى مؤثرا، في الانتخابات، وبالأخص التشريعية، وهذا الإقحام للعنصر العائلي وبعيدا عن الكفاءة، يمكن ان لا يؤدي الى النتائج التي يطمح لها الشباب الفلسطيني نحو التغيير، أو في قيادة التغيير.   
وحين الحديث عن الشباب وعن التغيير وعن القادة، أي قادة التغيير، فإن هذا يعني الريادة والإبداع والابتكار، وهذا ليس بالضرورة في المنتج، ولكن في الأسلوب وفي التفكير وفي ثقافة العمل، أي التغيير والتأثير لإحداث التغيير، او الإقناع لإحداث التغيير، لأن الناس وبطبيعتهم لا يرغبون في التغيير، أي انهم يرغبون في البقاء في الوضع المريح المستقر، او في المنطقة التي اعتادوا عليها، وان من المتوقع ان يعملوا على مقاومة التغيير، لأن التغيير يتطلب طاقة وجهدا وأوضاعا غير مستقرة، ولإقناع الآخرين بالتغيير وللعمل من اجله ومن ثم القيام به، يُطلب من القادة المبادرة وإظهار إيجابيات التغيير، وبأن يكونوا القدوة وان يملكوا القدرة على تحمل مسؤولية الفشل، في حال عدم تحقيق الأهداف من التغيير، وهذا ما تمتلكه فئة الشباب، وبالطبع الشباب الفلسطيني، بصرف النظر عن انتمائه السياسي أو الجغرافي أو الاجتماعي.