هاني عوكل - النجاح الإخباري - عبثاً يحاول الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب التشكيك بنتائج الانتخابات التي جرت قبل أكثر من شهرين، خصوصاً مع الفوز الساحق للديمقراطي جو بايدن الذي ربح المعركة الانتخابية أمام ترامب وسيطر حزبه على مفاصل العملية السياسية تحت قبة البرلمان.

كثيرة الانتقادات التي وجهت لترامب على خلفية دعوة أنصاره إلى التظاهر في واشنطن وولايات أخرى، حتى من أقرب مقربيه وحلفائه في الحزب الجمهوري، ذلك أن مظاهر اقتحام مبنى الكونغرس الأميركي واستنفار الشرطة والأجهزة الأمنية، دفعت بالرئيس المنتهية ولايته إلى إعادة تقييم الموقف والطلب من أنصاره التراجع عن المظاهرات والأعمال الاستفزازية.

ما الذي دفع ترامب للقيام بمثل هذا العمل، وهو يدرك تماماً أن المنصب الرئاسي سيشغله بايدن؟ هل يقيس محبته بحجم أنصاره وحلفائه على الأرض ومدى «استقتالهم» لإرباك البيت الداخلي الأميركي والتشويش على نتائج الانتخابات والدفع بإلغائها وإعادتها من جديد؟

لقد حاول ترامب اللعب على وتر الرأي العام عبر تحشيد أنصاره للتأثير على نتائج الانتخابات، لاعتبار يتعلق بإمكانية بقائه في السلطة ولو بشكل مؤقت، فمعروف عن الرجل حبه للسلطة والكاميرات قبل أن يكون رئيساً، وما جرى مؤخراً من أحداث دراماتيكية ألقى بظلاله عليه وعلى حزبه الجمهوري.

أحداث الكونغرس الأخيرة دفعت بعدد من المسؤولين في إدارة ترامب للاستقالة احتجاجاً على سلوكه في التفاعل مع أنصاره، إلى درجة أن أعضاء مجلسي النواب والشيوخ عادوا إلى قبة البرلمان فور انتهاء الاقتحام، وصادقوا على فوز جو بايدن بمنصب رئاسة الولايات المتحدة.

هنا أدرك ترامب أنه أخطأ في حق أنصاره وحزبه، وكذلك في حق نفسه وفي حق الديمقراطية الأميركية التي تتغنى بمبادئ الحرية الفردية وقبول الآخر، ويبدو أن نتائج الأحداث الأخيرة ستظل تلاحقه حتى بعد خروجه من البيت الأبيض وربما تلاحقه أيضاً في الحياة السياسية وعلى مستوى حزبه.

بعد قرار المصادقة تعهد الرئيس الأميركي المنتهية ولايته بانتقال منظم للسلطة، وهو تصريح حديث مرتبط بموقف حزبه المعارض للإجراءات الأخيرة التي قام بها وفي مقدمتهم نائبه مايك بنس، الذي انتقد الاحتجاجات واقتحام مبنى الكونغرس واعتبرها يوماً أسود في تاريخ البلاد.

 

بالتأكيد لن يسير الرئيس الجديد بايدن على نهج سلفه، فهو يخالفه في كثير من القضايا سواء في ملفات داخلية تتصل بالتعامل مع تحدي «كورونا» ونظام الرعاية الصحي وإدارة الاقتصاد والعمالة والهجرة، إلى ملفات خارجية مرتبطة بطبيعة العلاقة مع دول الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين.

أولوية بايدن الحالية تتعلق بشغله المنصب الرئاسي ومزاولة السلطة واتخاذ القرارات السريعة بعد عملية انتقال سلمي للسلطة من سلفه ترامب، وحينها ينتظره ملف «كورونا» الذي شكّل «بيضة القبان» في الانتخابات الأميركية والذي حسم المعركة لصالح الديمقراطيين.

من غير المعلوم إم كانت احتكاكات جديدة ستحدث بين أنصار ترامب والأجهزة الأمنية قبل فترة تنصيب الرئيس بايدن في العشرين من الشهر الجاري، إذ يصعب التنبؤ بما يجول في خاطر الأول، لكن أيضاً يمكن القول إنه فهم أخيراً خسارته الكبيرة أمام خصمه الديمقراطي، وأنه إذا ما تمسك بمواقفه قد يفقد شيئاً فشيئاً قاعدته الشعبية من جمهور أنصاره.

الآن هناك توتر بين ترامب وأعضاء الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه، حيث تتعالى الأصوات التي تنتقده على خلفية الخسائر التي تكبدوها في مجلسي الشيوخ والنواب والتي وصلت لدى البعض حد المطالبة بتنحيته حتى قبل حلول العشرين من الشهر الجاري، وفي المقابل يرى الديمقراطيون أنهم حققوا انتصاراً تاريخياً بسيطرتهم على مجلسي الكونغرس وعملية صناعة القرار.

ترامب في أحداث الكونغرس فتح النار على نفسه، لأنه فقد كل أوراق القوة التي كانت بيده، والحزب الجمهوري تحت قبة البرلمان ليس كما كان في أيامه، ولذلك قد يبدو وحيداً في الدفاع عن مواقفه ومعركته الأساسية هي في كيفية المحافظة على سمعته لما تبقى من أيامه.

أما بايدن فتنتظره الكثير من الملفات التي يرغب في تغييرها، وعلى الأغلب أنه سيركّز كل اهتمامه على محاربة «كورونا» الذي أضعف مكانة وهيبة الولايات المتحدة الأميركية التي تسجل أعلى الأرقام العالمية من حيث أعداد الوفيات والمصابين.