د. صالح طلوزي - النجاح الإخباري - لا شك في أن أطفال اليوم هم رجال المستقبل ومشاريع الغد المشرق، لذا وجب علينا أن نوفر لهم كل وسائل التعليم والتثقيف التي تلبي رغباتهم، وتطور قدراتهم، التي ستنعكس إيجاباً على سلوكهم ونظرتهم للمستقبل... فما أجمل أن يحب الطفل أسرته ومدرسته ووطنه! وما أعظم أن يشعر الطفل بالأمن والأمان والانتماء والولاء لوطنه!

ويدفعنا هذا الأمر إلى محاولة توفير كل ما يلزم لبناء جيل جديد، يتمتع بالحرية والبيئة الصحية الآمنة، والخالية من العنف؛ ليصبح داعيا للسلم والسلام الأهليين.

فهذه رسالة إلى كل من يتعامل مع طفلنا الفلسطيني، الذي يعيش ظروفا استثنائية، خصوصاً في ظل جائحة كورونا، التي أثرت في التعليم، ووضعته في أزمة هائلة، ربما هي الأخطر في زماننا المعاصر، إضافة إلى حالة القلق والتوتر التي صاحبت هذه المرحلة، وما سينتج عنها من ازدياد معدلات التسرب من المدارس، وتخريج جيل غير متمكن من المهارات الأساسية التي تعتمد على خبرات التعلم التراكمية.

كما أن انعدام المساواة في النظم التعليمية، التي تعاني منها معظم دول العالم، سيؤدي إلى الانعدام في تكافؤ الفرص، فالعديد من الطلبة لا يملكون حواسيب أو أجهزة اتصال ذكية للتعلم عن بعد، فضلاً عن عدم توفر الإنترنت بجودة عالية، إضافة إلى صعوبة التعامل مع البرامج المستخدمة في التعلم عن بعد من قبل أولياء الأمور، لكونهم عنصرا أساسيا في التعلم عن بعد.

لذا يتعين علينا تفادي هذه الفوارق في الفرص، وتقليصها ما أمكن، وتجنب ازدياد الآثار السلبية في تعلم الأطفال الفقراء.

إضافة إلى هذا كله، نجد الاحتلال يمعن في انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني، ويمارس عنفه صباح مساء، مما أسهم في تصدير ثقافة العنف عند طلبتنا، وأثرت بشكل كبير على نفسياتهم وطموحاتهم، وزادت من معاناتهم اليومية.

وانطلاقا من هذا النهج وجب علينا جميعا حماية حقوق أطفالنا، وحفظ كرامتهم الإنسانية، وحقهم في البقاء والنمو والتعليم، وتوفير السبل والإمكانات كافة، لتنمية مهاراتهم الحياتية، وتزويدهم بالمهارات اللازمة لحمايتهم من العنف، وسوء المعاملة، وتوفير الرعاية الصحية المتكاملة لهم، وضمان حقهم في التعليم، وتوفير ما يلزمهم لكي يتمتعوا بطفولتهم، والاهتمام بالحقوق المدنية للطفل، كحق المساواة والعدالة بين جميع الأطفال، وعدم التمييز بينهم، ومنح الحقوق لهم كافة، دون تفرقة باللون أو الدين أو الجنس، والعمل على حمايتهم من كل خطر يؤثر في حياتهم أو يسبب عائقاً أمام تعليمهم.

والمطلوب منا، مربين وأولياء أمور، أن نصغي لأطفالنا جيداً، وأن ندعهم يعبروا عما يجول في خاطرهم، مع الاهتمام بتعزيز ثقتهم بأنفسهم، عبر ممارسة أنشطة وفعاليات مختلفة، تخفف من الآثار السلبية عليهم، مثل: الرسم والموسيقى والدراما والترفيه واللعب، كل هذا يسهم في تبديد آثار الخوف والقهر والحرمان، وتخطي التجارب المؤلمة التي مر بها الطفل.

لذلك يجب التعاون التام ما بين المدرسة والبيت، وتفعيل دور أولياء الأمور في الاستماع لأبنائهم، والإجابة عن أسئلتهم، والتحدث معهم عن كل ما هو جميل، وكل شيء يقترب من نهايته حتى الأزمات، ومطلوب من المدرسة تطوير استراتيجياتها، وطرائق تدريسها، بما يتلاءم مع الواقع الحالي ... لعل ذلك يبعث الأمل في نفوسهم، ويشعرهم بالأمن والأمان، وتعود للطفولة براءتها وعنفوانها، وبذلك ننشئ جيلا قويا، واثقا من نفسه، وقادرا على العطاء والتميّز.

وختاماً نقول: دعونا ننظر إلى المستقبل نظرة تفاؤل، من خلال الشعور المتجدد بالمسؤولية من كل طرف، حتى يحصل طفلنا على حقوقه، فبالإرادة والإصرار والعزيمة نحقق ما نريد، للوصول إلى حياة أفضل لأطفالنا.

د. صالح طلوزي

رئيس جمعية حماية الطفولة الخيرية / فلسطين