رام الله - باسل ترجمان - النجاح الإخباري - تدوينة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي باسم مثقفين عرب عنوانها «فلسطين ليست قضيتي»، التدوينة التي لم يعرف من هؤلاء المثقفين الذين نشروها، تزامنت مع شهر رمضان ومع مسلسلات تلفزيونية تتحدث عن تاريخ شخصيات يهودية عاشت في مناطق في العالم العربي وتطرح اسئلة حول سبب عداء مجتمعات عربية لإسرائيل من خلال نظرة مرتبطة بأشخاص وأزمنة محددة.

 

هذه الأحداث المتسارعة دفعت مرة أخرى في شهر التسامح والرحمة المسلمين في الدول العربية لتصعيد انقسام المواقف وتبادل الشتائم والخصام في منح شهادات الشرف والعزة او الخيانة والعار، في تعزيز لما بعد الانقسام في المواقف إلى التباعد والتباغض والاقتراب من الكراهية بينهم دون أن يطرح احد على نفسه سؤالاَ حول ما الذي يجري؟.

 

منذ قيام دولة إسرائيل سعت مؤسساتها للاستفادة من الخليط البشري للقادمين اليها من دول العالم المختلفة على تجميع معارفهم لفهم كيف يفكر من يعتبرونهم اعداء لهم،وإسرائيل تعتبر الجميع أعداءها حتى اقرب حلفائها وأصدقائها دون تمييز ولكنها تضع في سلة العداء الأولى جيرانها العرب الذين فرض وجودها عليهم الدخول في صدام دفاعاً عن انفسهم ومساندة لأشقائهم الفلسطينيين.

 

الجهد الذي بذلته مؤسسات كبرى في إسرائيل على امتداد اكثر من سبعين عاماً من عمر الصراع أوجد فهماً عميقاً لديها للعقل العربي كيف يفكر وبماذا، ما هي اهم القضايا التي تؤثر فيه وتحركه، وزاد تطور وسائل الاتصال الحديثة في خلق متغيرات في التعاطي الإنساني مع القضايا التي صارت فيها حرية التعبير متاحة للجميع على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

بالمقابل بقي الواقع العربي بعيدا تماماً عن فهم او استيعاب من تكون إسرائيل، وباستثناء شعارات جوفاء عدائية دون معنى فالغالبية الساحقة من العرب او مثقفيهم ليس لهم أي معرفة حقيقة بهذا العدو الذي ينادي الجميع بواجب هزيمته، بينما امتدت له الايدي وتم التعامل معه كأمر واقع لا مفر منه فرضه العجز عن مواجهته والاحلام التي وضعت فوق ظهر القضية.  كثيرون كانت فلسطين لهم قميص عثمان، استغلوها كما اشتهوا وساهموا بخلق فجوة كبيرة بين شعوبهم والقضية مما خلق ردود فعل ربطت بين فشل هؤلاء في تحقيق وعودها بالرخاء والتنمية والازدهار لشعوبهم وتعليق فشلهم على كاهل القضية الفلسطينية التي كانت خبز اعلامهم اليومي البعيد عن الحقيقة.

 

على امتداد سنوات الصراع التي زادت عن السبعين،ما زال العرب والفلسطينيون يجهلون الكثير من الحقائق عن إسرائيل وهذا الجهل ليس شخصياً بل مؤسساتي ومن يتحدثون اللغة العبرية عدد ضئيل جدا مقارنة بعدد من يتحدثون العربية من الإسرائيليين وهذا الجهل قابله معرفة اسرائيلية دقيقة بتفاصيل كثيرة في العالم العربي وأوصلهم لحدود الفعل والتأثير في صناعة الأزمات والكراهية والعداء بين المجتمعات العربية اعتماداً على ما يملكونه من معلومات وقدرات تكنولوجيه ساهمت في التأثير الكبير على الواقع العربي، ولولا ادارة موقع فيس بوك لما علم التونسيون والعرب أن شركة اسرائيلية حاولت التأثير في الانتخابات التشريعية والرئاسية التي شهدتها تونس العام الماضي وقامت بإغلاق هذه الصفحات.

 

 لم يثر الموضوع اهتمام احد بل واصل الجميع الانجرار وراء تأجيج الصراعات والنبش في الخلافات وتصعيدها في مفارقة بين قدرة إسرائيل على تفكيك آليات العقل العربي وعجز عربي شامل على فهم كيف تفكر إسرائيل وانجرار فوضوي وراء تصنيع الأزمات وخلقها وتحويلها لمرتكزات حقد وكراهية تبقى راسخة في العقل العربي الذي يتسامح مع الجميع إلا الأقربون فهم أولى بالكراهية والعداء.