نابلس - يحيى رباح - النجاح الإخباري - أكثر من مليون فلسطيني مروا على سجون الاحتلال الإسرائيلي خلال مسيرتنا المستمرة حتى الاستقلال التام، وتجسيد هذا الاستقلال بدولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس التي لا قدس سواها.
ومنذ انطلاق ثورتنا المعاصرة التي كان لحركة فتح مجد انطلاقها، تشكلت الحركة الفلسطينية الأسيرة بنموذج عجيب، عالي المستوى، عميق الأبعاد، لتكون علامة متميزة من علامات نضال شعبنا، وسجلاً خارقاً ليوميات النضال الفلسطيني ولنسيج هذا الشعب الذي منذ حلت به نكبته في عام 1948 بدأ يصنع معجزة قيامته التي وصلت فيوضاتها إلى أطراف العالم أجمع، تأييداً من التواقين للحرية أو تواطؤا من قبل الأقوياء والضعفاء على حد سواء، المهم أن الاسم الفلسطيني رغم قلة عدد شعبنا قياساً إلى شعوب وأمم أخرى في الشرق والغرب والشمال والجنوب، كانت الحركة الفلسطنية الأسيرة هي الثوب الفلسطيني المطرز بكل ألوان البطولة، والصمود الخارق، والأمثلة غير العادية على الصبر والإبداع والتنوع الذي يشكل حياة جديدة، فكم من طفل في رحم أمه سجن معها وولد داخل زنزانة انفرادية أو وسط الرواق الأزرق!!! وكم من حفيد تعرف على جده داخل فورة المساجين في باحة السجن، وكم من سجين دخل السجن لا يعرف القراءة والكتابة وخرج وهو من صفوة المتعلمين ومن خاصة المثقفين، ولقد أبدع السجناء الفلسطينيون في سلوكيات ومميزات وفضائل وأهمها أنهم واصلوا امتداد أنسابهم وهم حبيسي الزنزانة، وهربوا نطفاتهم وجيناتهم من داخل السجن لتستقر في أرحام زوجاتهم فتصبح أجنة بعد حين!!!
وبهذه الكيفية العميقة الخارقة، حققت الحركة الفلسطينية الأسيرة المعجزة تلو الأخرى، حياة من الموت، وامتداد من الانقطاع، وعلم من غياهب الجهل، وذكرى من سواد النسيان، وقدرة على جعل السجان الإسرائيلي الصهيوني المعتم بادعاءاته الكاذبة، ينهزم أمام قوة الإرادة التي لا تعرف الهزيمة.
نحن الآن نخوض إلى جانب الحركة الفلسطينية الأسيرة واحدة من أعظم المعارك، وخاصة أن هذه المعركة تأتي في زمن الانتخابات الإسرائيلية، حيث مهرجانات الانتخابات في إسرائيل، ومسرحياتها الهزلية، وأكاذيبها الوقحة، تكشف أن هذه الدولة الإسرائيلية مازالت بعد سبعين سنة على إقامتها، ليست أكثر من فرضية، مجرد فرضية، ليست مؤهلة لتكون حقيقة ثابتة، والدليل القاطع أن كل شيء تقوله إسرائيل تنقلب ضده، وكل ادعاء تدعيه، تؤمن بعكسه، حتى ترامب الذي سلم نفسه لأهداف إسرائيل بالكامل، وأعلن حرباً ضد الشعب الفلسطيني، ينظر إليه الإسرائيليون أنه مجرد تمثال من الشمع للرداءة والجنون يحتوي على عناصر سقوطه، وأن نتنياهو أطلق العنان لنفسه، فأغرى كل شاذ في إسرائيل بأن يشرعن شذوذه، حرامية الأرض المستوطنون، أطلق لهم العنان، ومجموعات الإرهاب اليهودية جعلهم أمراء الشعب الإسرائيلي، الحاخامات المهووسون يعدهم بأن يجعل هوسهم رأس الحكمة، وقضاء إسرائيل سلمه للشاذين والساقطين، وكل هذا من أجل أن يهرب من مصيره الأسود وهو السقوط.
ولقد حاولت الدولة الإسرائيلية ابتداء من قادتها الكبار حتى كلابها البولسية أن يخوضوا أقذر موجات العداوة ضد أسرانا البواسل، وضد حركتنا الفلسطينية الأسيرة، فكان وقوف أسرانا شامخاً، وكانت وحدة شعبنا معهم شاملة، وكان القرار الإسرائيلي مرتبكاً، فالذين حاولوا أن يجعلوا من الأسرى مادة للدعاية في انتخاباتهم يخافون جداً أن تتحول مهرجانات الانتخابات إلى حريق، يا أسرانا البواسل، التحية لكم، أنتم نور هذا الشعب، يفج في ظلمات السجون.
[email protected]